رسالة أبينا القديس أثناسيوس
إلى الأسقف سرابيون
ضد القائلين بخلقة الابن
1 ـ كنت أظن أن ما سبق أن كتبته ليس إلاّ كلمات قليلة، وهذا سَبّب لى إحساساً بالوهن الشديد لكونى عاجزاً عن الكتابة بمثل ما يليق بالإنسان أن يقوله عن الروح القدس وضد الذين يكفرون بالروح القدس. وبما أن ـ بعض الاخوة ـ كما تقول استحقوا أن يقوموا أيضاً باجتثاث هذه الأمور، لهذ، فقد قمت بالكتابة لكى يكون عندهم الاستعداد أيضاً أن يجاوبوا ـ بواسطة هذه الكلمات القليلة، أولئك الذين يسألون عن الإيمان الذى فينا وأن يدحضوا الكافرين (عديمى التقوى) بجراءة . ولقد قمت بالكتابة إليك، وأثق أنه إذا كان فيها أى نقص فإنك ستكمله .
إن الآريوسيين تحولوا هم أنفسهم، وفكروا بنفس طريقة تفكير الصدوقيين، بأنه ليس شئ أعظم منهم أو خارجاً عنهم ـ إنهم أخذوا كتابات الوحى الإلهى وفهموها بمفاهيم وظنون بشرية (جسدية). وحينما يسمعون (الكتب المقدسة تقول) إن ابن الآب هو الحكمة والبهاء والكلمة، فإنهم اعتادوا أن يقولوا : كيف يمكن أن يكون هذا ؟ كأنه يمكن أن يكون غير ذلك، وهذا هو الأمر الذى لا يستطيعون أن يفهموه . فهل حان الوقت لكى يفهموا هذا الأمر فيما يخص وجود كل الأشياء .
فكيف تستطيع الخليقة ـ وهى غير كائنة البتة ـ أن تكون (وتوجد) ؟، أو كيف يتسنى لتراب الأرض أن يصيغ إنساناً عاقلاً ؟ أو كيف يستطيع الفانى أن يكون غير فانٍ ؟، أو كيف وضع الله أساسات الأرض على البحار، وثبتها على مجارى الأنهار)أنظر مز2:24) ؟ . وكذلك ينطبق عليهم القول القائل " لنأكل ونشرب لأننا غداً نموت " (1كو32:15) ـ لكى يهلك معهم أيضاً جنون آريوسيتهم عندما يهلكون .