عرض مشاركة واحدة
قديم 10 - 05 - 2014, 02:13 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 43,338

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب إلهي لماذا خلقتني


الفصل الأول
مـن أنـا ؟ ولمـاذا خُـلـقت ؟
نعلم جميعاً أنَّ الإنسان قد خُلِق من العدم، لا لكي يموت بل ليحيا إلى الأبد، ويذكر لنا سفر التكوين أنَّ الله خلق الإنسان على صورته ومثاله (تك26:1)، فصار يحمل طابعاً متميزاً.. فالله جَبَله من التراب جسداً مُركّباً، مُعقّداً، مُحيّراً، ونفخ فيه روحاً عاقلة اتّحدت بجسده بطريقة فريدة، فصار يجمع في ذاته ميزات العالم الروحيّ والماديّ كلاهما معاً.
وهكذا جاء الإنسان في نهاية الخلق فريداً في تكوينه، مُركّباً في طبيعته، عاقلاً بفكره، حراً بإرادته، بشريّاً في ولادته.. فأصبح مركز الكون، وتاج الخليقة، عريس الوجود بل أجمل ما في الوجود، وهو الذي أعطى الخليقة معنى وهدفاً، فكل شيء كان لأجله ولخدمته.. وقد كان الفردوس مِِرآة كبيرة تعكس له جمال الله، وآية تشهد لعظمته، وفي هذا المكان المُقدّس سكن آدم، وأكل من ثماره، وشرب من مائه، وتنعّم بكل خيراته..
الإنسان كاهن وملك
ولأنَّ الإنسان يحمل في تكوينه روح عاقلة، فهو لذلك يستطيع أن يُبارك الله ويُسبّحه نيابة عن العالم ككاهن يُقدّم لخالقه ذبائح روحية " كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضاً مَبْنِيِّينَ كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ، بَيْتاً رُوحِيّاً، كَهَنُوتاً مُقَدَّساً، لِتَقْدِيمِ ذَبَائِحَ رُوحِيَّةٍ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ اللهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ " (1بط5:2).
فالتواضع ذبيحة يستطيع الإنسان أن يُقدّمها لله والناس " ذَبَائِحُ اللهِ هِيَ رُوحٌ مُنْكَسِرَةٌ، الْقَلْبُ الْمُنْكَسِرُ وَالْمُنْسَحِقُ يَا اللهُ لاَ تَحْتَقِرُهُ " (مز٥١:١٧).
كما أنَّ الشكر ذبيحة يقدّمها الإنسان لله على حُبّه وعنايته بالكون " فَلْنُقَدِّمْ بِهِ فِي كُلِّ حِينٍ لِلَّهِ ذَبِيحَةَ التَّسْبِيحِ أَيْ ثَمَرَ شِفَاهٍ مُعْتَرِفَةٍ بِاسْمِهِ " (عب١٣:١٥)، وذبيحة الحمد والشكر هي أيضاً ذبائح الملائكة.
والأعمال الصالحة هى أيضاً ذبائح " وَلَكِنْ لاَ تَنْسُوا فِعْلَ الْخَيْرِ وَالتَّوْزِيعَ، لأَنَّهُ بِذَبَائِحَ مِثْلِ هَذِهِ يُسَرُّ اللهُ " (عب١٣:٦)، وكما يقول مُعلّمنا داود النبيّ: " اِذْبَحُوا ذَبَائِحَ الْبِرِّ وَتَوَكَّلُوا عَلَى الرَّبِّ " (مز٤:٥).
وهناك ذبائح التألم من أجل الرب " مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ، قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ " (رو36:8).
ومن قصة الخلق يتضح أنَّ الإنسان خُلق سيداً وملكاً على الخليقة، فهو لذلك يستطيع أن يُعيد تشكيل وتجديد أشياء كثيرة في العالم من خلال اختراعاته.. ففكرة التقدم تُسيطر عليه، وتراوده رغبة التحكّم في الكون، ومحاولة تغييره باستمرار.
والواقع أنَّ الإنسان لا يقدر أن يقف من الكون موقف المتأمّل كأنَّ لا علاقة بينهما، لأنَّ الكون منذ البداية يبدو له بمثابة مجموعة من الألغاز التي تتطلّب الحل، ولهذا اتّخذت العلاقة بين الإنسان والكون منذ اللحظة الأولى، طابع الحوار أو الجدل أو سؤال يبحث عن جواب!
ونحن لا نُنكر أنَّ الإنسان يعرف أنَّه جزء محدود من الطبيعة بوصفه جسماً، ولكننا نراه يحاول أن يستوعب العالم كله بوصفه روحاً أو عقلاً! بحيث يكون في وسعنا أن نقول: إنَّ كل دراما الإنسان تنشأ عن تلك العلاقة المزدوجة، بين هذا الجسم الذي يحتويه العالم، وذلك العقل الذي يحوى العالم نفسه!
الإنسان عالم مُصغّر
كثيراً ما يُقال: إنَّ الإنسان عَالمْ مُصغّرMicrocosm لأنَّ فيه تتّحد الخلائق المنظورة وغير المنظورة، المادية وغير المادية كما يقول القديس يوحنَّا الدمشقيّ، أمَّا القديس نيلوس السينائيّ فيقول: " أنت عالم ضمن عالم، اُنظر إلى داخل نفسك وشاهد هناك سجل الخليقة " !
فالإنسان مخلوق عاقل ذو روح وجسد، متّحدين في وحدة فريدة! فعبر جسده يتحرك ويأكل ويشرب ويُشارك عضوياً العالم الماديّ المنظور، ولا ننسى أنَّ الجسد مخلوق من تراب الأرض، فلا عجب إن كان يحمل عناصر الأرض فيه والتي تتكون من (92) عنصراً، فالحديد والفسفور والكالسيوم... عناصر يشتمل عليها جسم الإنسان، ويحصل عليها من خلال طعامه.
ومن خلال روحه يتأمّل في العالم غير المنظور، ويُسبّح ويُمجّد الله مع الملائكة الأطهار، فالعالم الروحيّ خُلق لتسبيح الله وخدمته، وأيضاً لخدمة الإنسان وراحته، ليصير رفيق الملائكة، وهل نُنكر أنَّ الملائكة تفرح بانتصار الإنسان وتحزن لسقوطه؟! ألم يقل رب المجد يسوع: " هَكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارّاً لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ " (لو7:15).
وعلى قدر ما يسمو الإنسان بروحه فإنَّه يستطيع أن يُروحن جسده، فيجعله خاضعاً لكل ما هو طاهر، أمَّا إذا تملّك الجسد واستسلم لشهواته، فسوف يجذب الروح إلى العالم السفليّ، فيصير أُلعوبة في يد الناس والشيطان.
النفس والروح
ما هى الروح؟ وما هو تعريفنا للنفس؟ كثيراً ما نستخدمهما كمترادفين، على الرغم من أنَّ الإنسان يتكون من: نفس وروح وجسد.
أمَّا الروح فهى تختص بعلاقة الإنسان الروحية بالله، وتُعد النفس مركز الغرائز في الإنسان، فأنا أُحِب بنفسي وأكره أيضاً بنفسي..
والنفس والروح كلاهما جوهر حيّ، غير منظور، عاقل، لا شكل له، مصدر حياة الإنسان ونموه وإحساسه.
ونحن عندما نقول: إنَّ النفس أو الروح جوهر غير ماديّ، فإننا لا نعني بصورة مُطلقة، ولكن بالمقارنة مع المادة التي هى ظاهرة وملموسة، أو ليس لها ثلاثة أبعاد: طول وعرض وعمق مثل الأشياء المادية كالجسد - على حد تعبير القديس يوحنا الدمشقيّ - الذي يؤكد أيضاً أنَّ النفس لا تُخلق قبل الجسد بل هما يُخلقان ويوجدان معاً، والنفس هى التي تُحيي الجسد لأنَّها تنقل له الحياة، لأنَّ الجسد لا يملك الحياة في ذاته.
ولو تعمّقنا في دراسة النفس البشرية، لوجدنا أنَّها تتكون من ثلاثة مراكز ألا وهى:
- العقل: وهو المسئول عن التفكير والاستنتاج..
- الإرادة: وبواسطتها يتم اتّخاذ القرارات..
- العاطفة: وتشمل المشاعر والانفعالات..
ويتساءل القديس يوحنّا الذهبيّ الفم: ما هو جوهر النفس؟ كيف هى موجودة في جسمنا؟ هل هى منتشرة في كل عضو من أعضائنا؟
الإجابة: هذا مجهول ومبهم! فإذا قطعت عضو من الجسم بقيت النفس كما هى! فهل هى موجوده في جزء من أجزائه؟ بالطبع لا، لأنَّ هذا يعني موت الأقسام الأُخرى، إذ أنَّ كل ما ليست له نسمة حياة هو ميت، نستطيع أن نقول: إنَّ النفس موجودة في جسمنا، ولكن لا نعرف كيف هى موجودة فيه!!
هذا وقد أثبت لنا العلم الحديث أنَّ القلب ليس هو مركز النفس، فبعد ظهور جراحة القلب المفتوح، وإمكانية عزل القلب وظيفياً عن بقية أجزاء الجسد، اتّضح لنا أنَّ المريض يبقى حيّاً، وبعد نجاح عمليات نقل القلب، تَبيّن أنَّ تبديل القلب لا يؤثر على علاقة النفس بالجسد، كما أنَّه لا ينقل للمريض نفساً ثانية..

الصورة والمثال
عندما خلق الله الإنسان قال: " نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا " (تك26:1)، فهل يوجد فرق بين الصورة ( tselem عبريّ = eikon يونانيّ )، والمثال ( demuwth عبريّ = omoiosisيونانيّ ) ؟ يرى البابا أثناسيوس الرسوليّ والقديس كيرلس الكبير أنَّهما مترادفتان.
وإذا بحثنا في كتب الآباء من أجل الوصول إلى تعريف واضح للصورة الإلهية في الإنسان، لوجدنا أنفسنا أمام تعاريف عديدة غير متناقضة، فأحياناً نرى صورة الله هى الجلال الرئيسيّ في سلطان الإنسان على العالم، أو هى في الفكر، والعقل، وطبيعته الروحية، وبساطتها، وخلودها، والحرية الممنوحة له..
العقل والقلب
سُمِّيَ العقل عقلاً لأنَّه يَعقِلُ صاحبَهُ من التورّط في المفاسد والمهالك، وقد قيل: العقل هو التمييز الذي يُميّز الإنسان من سائر الحيوانات، ويُقال: لفلان قلب عقول أي فَهِم، وعَقَلَ الشيءَ تعني: فَهِمَه.
ويُعد العقل هو أساس وعي الإنسان وحريته، وغالباً ما يُستعمل مصطلح " العقل Mind " لوصف الوظائف العليا للمخ البشريّ، خاصة تلك الوظائف التي يكون فيها الإنسان واعيا مثل: التفكير، الجدل، الذكاء..
أمَّا القلب " Heart " في الإنجليزية، أو " لُب " في اللغتين العربية والعبرية فيعني: داخل الإنسان.
وعلى الرغم من أنَّ المخ هو المسئول عن النواحي الانفعالية والأخلاقية والدينية في الإنسان، إلاَّ أنَّها تُنسب إلى القلب أيضاً، وذلك لأنَّ المخ عندما ينفعل يُرسل إشارات إلى القلب فتزداد ضرباته، فالقلب ليس سوى أداة يستخدمها المخ.
  رد مع اقتباس