إنَّ هذا الحُب أشبه بالخدعة السينمائية، التي تُظهر الأبطال على غير حقيقتهم، فقد تُحِب فتاة ممثلاً لدور مثّله وليس لشخصه، فإن تزوّجته وجدته شخصاً آخر، وهو هكذا حقاً لأن الممثل شيء والدور الذي مثّله شيء آخر! ولهذا فالحُب الحقيقيّ يستلزم ثلاث مراحل ألا وهى:
+ النظرة التي من خلالها يُدرك الإنسان أبعاد الصورة التي أمامه بكل ملامحها.
+ التطابق ما بين هذه الصورة التي يراها، والصورة التي يرغبها أو يبحث عنها في وجدانه، وهذا التطابق يتم في مراكز المخ العصبية ويحتاج إلى وقت، فربَّما تُعجب بفتاة لأنَّها تُشبه أُمّك وهنا تكون الكارثة لو أنَّك تزوجتها! لأنَّ هذا هو ما يُعرف فى علم النفس بالعقدة الأُديبية!!
+ ظهور علامات الحُب على الإنسان، حيث تزداد سرعة دقات القلب، وتحمر العينان، ويتلعثم اللسان... وذلك عند رؤية الطرف الآخر.
إذن فالحُب الحقيقيّ يبدأ في المراكز العصبيّة في المخ، ويحتاج لعدة مراحل، وهذه المراحل تحتاج إلى فترة زمنية، لأنَّ هذه المراحل الثلاث لا يمكن أن تتم من النظرة الأولى.
ومن المعروف أنَّ الخيال يلعب دوراً هاماً في نشوء الحُب، والحُب الناضج هو الذي يتخطى شيئاً فشيئاً هذه الخيالات الدافئة التي تكوّنت في الطفولة، لكي يقبل الآخر بصفاته وإمكاناته، ويُحِبه من أجل شخصه لا من أجل الأحلام التى نُسجت حوله، لأنَّ الحقيقة لابد أن تُعرف، ويكتشف الإنسان أنَّه لا يُحِب في الآخر سوى التخيلات التى أحاطه بها، عند ذاك يموت حُبَّه الذي لم يوجد بالفعل منذ البداية! ولم يكن له ميلاد حقيقيّ!
ولا نُنكر أنَّ الشهوة تُسيطر علينا عندما نبتعد عن الله، فالشهوة تصل إلى ذروتها في لحظات الهبوط النفسيّ والروحيّ، ففي تلك اللحظات تكون النفس على استعداد للتقبل المَرَضيّ والاستقبال الشاذ! وفى مثل هذه اللحظات يستطيع أي موضوع كائناً ما كان، أن يأتي فيُحدث تأثيره على العقل القلٍق، أو على الأقل يترك انطباعه في تلك العقلية المضطربة!
وفى تلك اللحظات إن لم يسقط الإنسان، فعلى أقل تقدير يمكن أن يرتبط ولو ارتباطاً وهمياً بمن تصادفه ولو في الطريق! وسواء كانت من صادفها صغيرة أم كبيرة، متعلّمة أم جاهلة، ساقطة أم تائبة.. فهو على استعداد أن يرتبط بها بأي شكل كان!