قال أحد الحكماء:
تسأل عن الفرق بين الحُب والأنانية؟ الأنانية تبحث عن المتعة، أمَّا الحُب فتعبير عن السعادة، تحوي الأنانية شعوراً مشتعلاً من الخوف الدائم من الخسارة والانفصال، في حين أنَّ الحُب يُغلََّف بشـعور منعش من الوحدة والانصهار.
وعلى مستوي الحياة الزوجيّة، إن لم يُهذب الحُب الشهوة المتجسّدة في الرغبة الجنسية، فإنَّ الحياة لن تتعدى مجرد قضاء حاجات، فالشهوة إذا استقلت عن الحُب فإنَّها لا ترى في الآخر سوى جسده، أمَّا الحُب فيرى فيه شخصاً حاضراً في هذا الجسد.
الشهوة تبحث في الآخر عن الجنس، وما يجعل هذا الجنس مُغرياً وجذاباً، أمَّا الحُب فيرى في الآخر كل نواحي إنسانيته لا جنسه فقط، فيهتم بأفكاره ومشاعره وأذواقه وميوله ورغباته ومشاكله وآماله وآلامه...
وإن كانت الشهوة تنظر إلى الآخر كفريسة لابد أن تُقتَنص بأيّ وسيلة، فإنَّ الحُب فينظر إليه على أنَّه كائن سماويّ يجب أن يُحَب ويُحترم.
هدف الشهوة أن تأخذ وتمتلك وتستهلك، أمَّا الحُب فهو يُعطي بقدر ما يأخذ، بل أكثر مما يأخذ، وإن كانت الشهوة تبحث عن المتعة، فإنَّ الحُب يهدف إلى مشاركة الآخر في المتعة وفي كل شيء...
ومادمنا نتحدث عن الفرق بين الحُب الحقيقيّ والشهوة المزيفة، يليق بنا أن نتحدث عن الحُب من أول نظرة، الذي ربّما يُخدع ويسقط فيه الإنسان، لمجرد صفة كان قد أحبَّها في آخرين من قبل، أو بسبب جمال جسديّ، أو موهبة، أو لطف في التعامل.. فما هو الحُب من أول نظرة ؟ وما هي خطورته على الإنسان؟
هناك عبارة تقول: نحن نُحِب أشباه الأشخاص الذين أحببناهم من قبل، ونكره أشباه الذين كرهناهم من قبل، ولفظة من قبل تمتد لتشمل الفترة من طفولتنا حتى وقتنا هذا، فالذي يحدث هو الآتي:
عندما تولد طفلة، تبدأ في اللعب عادة مع الإخوة والأقارب، الذين يتميز كل منهم بصفات وأشكال مختلفة، ونظراً لتعلّقها بطفل صغير مثلها فهي تُحِب لون الشعر الأصفر، إحدى سمات هذا الطفل نتيجة حُبها البريء له، ثمَّ تكبر الطفلة فتنفتح على الجيران، وإذا بطفل آخر يعطف عليها ويقاسمها لعبه وطعامه، فتُحِبه وتُحِب لون عينيه الأخضر إحدى ميزاته الظاهرة، وعندما تدخل المدرسة تُعجب بزميلها المتفوق فى الدراسة ذي البشرة البيضاء..
ويستمر هذا الإعجاب سواء كان بالملامح أو الصفات إلى أن تصل الفتاة إلى سن المراهقة، وتدخل الكلية، وهناك تتقابل مع شخص يحمل نفس صفات الأشخاص الذين قد أحبتهم الفتاة من قبل: البشرة البيضاء، العينان الخضراويتان، الشعر الأصفر... فتُحِب الشخص، لا لشخصه بل للصفات التي أحبتها في الآخرين قبله، ثمَّ بعد قليل تكتشف أنَّه ليس فتى الأحلام الذي كانت تحلم به، فالحبيب يحمل نفس الصفات التي أحبتها في غيره، لكنَّه لا يحمل نفس شخصياتهم، ولا أخلاقهم، ولا تفوقهم، ولا أيّ شيّ مما كانت تتمناه الفتاة..!