تاريخ الخروج:
اختلف العلماء في تحديد التاريخ الذي حدث فيه خروج بني اسرائيل من مصر وهاك ملخص لمجمل الأراء الخاصة به:
(1) الرأي الأول وهو الذي يقول بأن الخروج حدث في القرن السادس عشر قبل الميلاد - وهذا هو الرأي الذي قال به مانيثو المؤرخ المصري الذي عاش نحو سنة 250 ق.م وقد استمر العلماء يأخذون بهذا الرأي منذ عصر مانيثو إلى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي. ومجمل هذا الرأي هو أن العبرانيين طردوا من أرض مصر مع الهكسوس. ولكن هذا التاريخ لا يتفق مع النصوص الكتابية الواردة في خروج 1: 11 و 12: 40 و 1 ملوك 6: 1. ولا يتفق أيضًا مع الاكتشافات الحديثة التي أظهرتها الحفريات.
(2) أما الرأي الثاني فيقول أن الخروج حدث في منتصف القرن الخامس عشر قبل الميلاد أو نحو سنة 1447 وأنه حدث في زمن تحتموس الثالث أو في زمن امنوفس الثاني. وهذا التاريخ هو أقرب التواريخ اتفاقًا مع قضاة 11: 26 فإن يفتاح الذي عاش حوالي سنة 1100 ق.م . يذكر أن ثلاث مئة سنة مضت منذ دخول العبرانيين الأرض أي أنهم دخلوها في نحو سنة 1400 ق.م. وعندما يضاف إليها الأربعون سنة التي قضوها في البرية يصل التاريخ إلى أواسط القرن الخامس عشر تقريبًا.
وكذلك بتفق هذا التاريخ مع النص الوارد في 1 ملوك 6: 1 حيث يقول: "وكان في سنة الأربع مئة والثمانين لخروج بني إسرائيل من أرض مصر في السنة الرابعة لملك سليمان .... أنه بنى البيت للرب". فإذا كان قد بدىء ببناء الهيكل في عام 967 ق.م. فيكون الخروج قد تم في عام 1447 بحسب هذا النص.
وكذلك يتفق هذا التاريخ مع الاكتشافات التي أظهرها التنقيب في اريحا وحاصور حسبما يقول لنا بعض العلماء.
ويتفق أيضًا مع ما ورد في لوحات تل العمارنة التي تتحدث عن شعب قادم إلى أرض فلسطين في هذا التاريخ تقريبًا، أو بعده بزمن قصير. وتدعو اللوحات هذا الشعب باسم "الخبيرو" ويعتقد بعض العلماء أن هؤلاء هم العبرانيون الذين جاءوا إلى أرض فلسطين في نحو هذا التاريخ.
(3) ويقول الرأي الثالث بأن تاريخ الخروج يقع في نحو عام 1290 ق.م أو في أوائل القرن الثالث عشر قبل الميلاد. وأنه قد حدث في أثناء حكم رمسيس الثاني إذ أن الكتاب يذكر في خروج 1: 11 أن بني إسرائيل بنوا مدينتي مخازن: فيثوم ورعمسيس. ويقولون أن هذا الاسم رعمسيس هو اسم فرعون الذي حدث الخروج في عصره. ولكن لا يمكن أن يتخذ اسم المدينة كدليل قاطع على اسم فرعون الذي تمّ الخروج في عصره لأنه من المحتمل جدًا أن الاسم "رعمسيس" قد استخدم في عصر سابق لعصر رمسي الثاني بزمن طويل.
كذلك يرى القائلون بهذا الرأي أن في فتح مدن مثل لخيش وغيرها في تاريخ يقرب من هذا التاريخ تأييدًا لرأيهم. ولكننا نعلم أن التاريخ الذي يستدل عليه من الحفريات لا يمكن إلا أن يكون تقريبيًا.
(4) يقول علماء آخرون أن الخروج حدث في عصر منفتاح أو حوالي عام 1230 ق.م. وقد بنى هذا الرأي على تفسير خاطىء للنصب التذكاري الذي أقامه منفتاح، وفيه يذكر انتصاره على إسرائيل وغيره من الأمم التي كانت تقطن فلسطين في ذلك الحين. فقد ظنّوا أن في ذكر إسرائيل اشارة إلى أن بني إسرائيل كانوا في ذلك الحين قد خرجوا إلى مصر، وقضوا زمن التيه في البرية ودخلوا فلسطين واستقروا في البلاد زمنًا طويلًا قبل انتصار منفتاح عليهم واستقروا في البلاد زمنًا طويلًا قبل انتصار منفتاح عليهم وهذا ما يناقض رأي هؤلاء العلماء.