كَمْ تمتع إبليس بآلامِ أبن الربِ! على أية حال، إن كان قد سَخرَ مِنْ ألامِ السيد المسيح، فهو بَعْدَ أَنْ سمع هذه الكلماتِ أنفجر غضباً وذَهبَ رّاكضاً نحو تلك الوحوشِ التي كَانتْ تُعذّبُ أبن الإنسانِ، ذلك الإنسانِ الذي كان على عاتقه إلقاء "الملاك الشرير" أَو" الشيطان " مِنْ السماءِ.
بهذه الطريقة، أرادَ زيَاْدَة قسوةِ المعذّبين ضدّ السيد المسيح، إلى حدّ تحديه ودْعوته للنُزُول مِنْ على الصليبِ. ذلك كَانَ ممكنُ أَنْ يَكُونَ نصرَ الشيطانِ، لو وافق السيد المسيح على ذلك التحدي وبذلك، يسقط فى تجربة العصيانِ والكبرياءِ.
تلوّي عدو النفوس من الغضبِ لأن العقوبةَ نُفّذتْ: فها هو أبن المرأةِ يَسْحقُ رأسهَ على الأرضِ، بينما يَرْبحُ لنا دخول السماءِ. ولَيسَ بسيوفِ أَو بأسلحةِ، لا بدباباتِ أَو بطائرات حربيةِ، كما يكون رْبحُ المعارك هنا على الأرضِ لتَبرير تعاستِنا، بل بالأحرى بإنسانِ واحد، مُحطّمَ على ذلك الصليبِ. ذلك الإنسانِ الذي كما غَفرَ لبطرس والمرأة الزانية والمجدلية ولعديد من الآخرين … يَطْلبُ بتواضع من الأبِّ المغفرة ليعلمنا أن العذوبة والمحبّة ممْكِنُ أَنْ يَفعلا أكثر مِنْ الكبرياء، أكثر من إذلال الآخرين، من السوط ومن الاكتفاء بالذات والغطرسة.
ليعلمنا أن الشخصِ النبيلُ والحكيم والمقدّسُ يُعرف من قبل بساطتِه وتواضعِه ولَيسَ بالصُراخ أَو بالممتلكاتِ الدنيويةِ، وأيضاً بنوعيةِ قبولِه للألم ولَيسَ بجَعْل الآخرين يَقاسون.
كلا، ليس هناك رحمة لَهُ. لَكنَّه يَطْلبُ الرحمةَ من أجلهم، لنا جميعاً، رجال ونِساء، مِنْ آدم وحواء حتى الإنسانِ الأخيرِ الذي سَيَولد قبل نهايةِ العالمِ.