260 - نمر أحيانا ً وسط ضيق ، ننظر حولنا فنجد عن يميننا اسوار سوداء عالية وعن يسارنا أنياب مسنونة دامية ، وتضيق الأسوار وتميل علينا وتكاد تسقط تهشمنا ، وتتقارب الانياب ، تتحرك نحونا ، تزحف موجهة اسنانها ، تكاد تطعننا وتمزفنا ، وندعو الله ونصرخ من وسط الهاوية السحيقة المظلمة ، ندعو ونتوسل ونبتهل ، ويلاحقنا العدو ، يدفع الاسوار نحونا ، يحرك الانياب اتجاهنا ، وننظر برعب وعيون خائفة ، ترتجف قلوبنا وتذوب نفوسنا وننتظر . أحيانا ً نتصور ان الاسوار حطمتنا والانياب مزقتنا ونهشتنا ومتنا . ونسمع صوت داود يرنم " إِنْ سَلَكْتُ فِي وَسَطِ الضِّيْقِ تُحْيِنِي " ( مزمور 138 :7 ) . حتى والاسوار تنخفض تكاد ترقد علينا والانياب تمتد تكاد تخترق اجسادنا ، هو هناك ، هو معنا ، هو وسط الضيق ينقذنا ويحمينا . ويقول داود في مزموره الخالد " إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي. عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي . " ( مزمور 23 : 4 ) . كيف اخاف وهو معي وسط الضيق أو وادي ظل الموت حتى في ذلك لا اخاف . عصا الرب ترشدني وعكاز الله يعضدني . جاء المسيح الى بيت عنيا متأخرا ً . جاء بعد أن سبقه الموت واختطف لعازر وحملت مرثا ومريم جثة أخيهما ولفتاه بأكفان وأودعتاه القبر . لم يكن المسيح هناك فاستطاع الموت ان يضرب ضربته ويطعن طعنته ، وخرجت مرثا الى المسيح وقالت : لو كنت ها هنا لم يمت اخي لكنك لم تكن هنا . وحدهما في الضيق ، وحدهما في وادي ظل الموت لم يكن المسيح معهما . وقال لها المسيح بتأكيد وثقة سيقوم أخوك .
- نعم يا رب . نعم أنا اعلم انه سيقوم في القيامة في اليوم الاخير . وقال لها المسيح " أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ. أَتُؤْمِنِينَ بِهذَا؟ " ( يوحنا 11 : 25 ، 26 ) .
- . قَالَتْ لَهُ مرثا : " نَعَمْ يَا سَيِّدُ. أَنَا قَدْ آمَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ، الآتِي إِلَى الْعَالَمِ " ( يوحنا 11 : 27 ) .
وعاد الأمل الى مريم ومرثا .
إن سلكتُ وسط الضيق تحييني ، ويعود الامل الى كل من يمر بضيق ، يعود الامل الى نفوسنا ونحيا من جديد حتى لو طالت مدة الضيق ولو توانى الرب في المجيء لا نخاف ولا نفشل . لعازر كان قد أنتن ، كان له اربعة ايام ، طالت مدة الضيق والموت ، لكن المسيح قال : إن آمنتِ ترين مجد الله . إن آمنتْ ترى مجد الله ، وصرخ بصوت عظيم : لعازر هلم خارجا ً وخرج لعازر من القبر حيا ً .( يوحنا 11 : 40 – 44 ) .