ما هو الإيمان؟
إن كلمة الإيمان كلمة واسعة جدًا جدًا، تدخل فيها أمور كثيرة. وإن كان بولس الرسول قد قال أننا (قد تبررنا بالإيمان) (رو 5: 11) فماذا يقصد بهذا الإيمان قد تبررنا به؟
لذلك يضع بولس الرسول أمامنا سؤالا خطيرًا جدًا في موضوع الإيمان. إذ يقول (جربوا أنفسكم، هل أنتم في الإيمان..؟ امتحنوا أنفسكم) (2 كو 13: 5) إذن لابد أن نختبر أنفسنا ونرى هل نحن حقا في الإيمان أم لا. ما هو هذا الإيمان..؟
إيمان حي..
إن الإيمان اللازم للخلاص لابد أن يكون إيمانًا حيًا. وهذا الأمر وضحه على أكمل وجه معلمنا يعقوب الرسول إذ قال: (إن الإيمان بدون أعمال ميت) (يع 2: 20) وكرر هذا المعنى قائلا: (لأنه كما أن الجسد بدون الروح ميت، هكذا الإيمان بدون أعمال ميت) (يع 2: 26).
ومثل هذا الإيمان الميت، أي الخالي من الأعمال، لا يقدر أن يخلص أحدا. وهكذا يقول معلمنا يعقوب الرسول: (ما المنفعة يا إخوتي إن قال أحد أن له إيمانا ولكن ليس له أعمال؟! هل يقدر الإيمان أن يخلصه؟!) (يع 2: 14).
حقا أن الرسول قد قال إننا قد تبررنا بالإيمان. ولكن هذا الإيمان له صفتان هامتان. إيمان حي وإيمان عامل. وفى هاتين الصفتين كلتيهما نرى الأعمال الصالحة.
ولا نظن أحدًا من البروتستانت -مهما أنكر الأعمال- يستطيع في أمر الخلاص أن يعلم بالإيمان غير العامل. فالرسول يقول: (أن الشياطين يؤمنون ويقشعرون) (يع 2: 19).
فهل تقصد بالإيمان أيها الأخ إيمانًا من نوع إيمان الشياطين الذين ليست لهم أعمال صالحة، وإنما هم يؤمنون، ويقشعرون من هول شرورهم وفسادهم؟!!
إن عبارة الحي العامل قد تتسع في مداها حتى تشمل الحياة الروحية كلها.
كيف يمكن أن تشمل الحياة الروحية كلها..؟ أميلوا آذانكم أيها الإخوة الأحباء إلى قول الرسول.
الإيمان العامل بالمحبة..
قال بولس الرسول: (لأنه في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئًا ولا الغرلة بل الإيمان العامل بالمحبة) (غل 5: 6) فماذا تعنى صفة (العامل بالمحبة) ما هي هذه المحبة، وكيف تكون؟
إن هذه المحبة شرحها بولس الرسول، مستدلا عليها بجمهرة من الأعمال الصالحة، إذ قال: (المحبة تتأنى وترفق. المحبة لا تحسد. المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ، ولا تقبح ولا تطلب ما لنفسها، ولا تحقد، ولا تظن السوء، ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق، وتحتمل كل شيء، وتصدق كل شيء، وترجو كل شيء، وتصبر على كل شيء) (1 كو 13: 4-7).
فإذا كان الإيمان هو هذا الإيمان العامل بالمحبة، فانه سيشمل ولا شك هذه هذه الصفات كلها، وكلها أعمال. هنا تبدو المسيحية في جوهرها، أنها ليست مجرد آية، وإنما هي روح وحياة (يو 6: 63) حقًا كما قال الكتاب أن الحرف يقتل ولكن الروح يحيى.. الحرف يقول لك أن هناك شيئا اسمه الإيمان. وأما الروح فيشرح لك كنه الإيمان وانه يشمل الأعمال الصالحة كلها.
فهل إخوتنا المعارضون يقصدون الإيمان بهذا المعنى الواسع الذي يشمل الحياة الروحية كلها.
الذي أشار إليه بولس الرسول في الأصحاح الحادي عشر من الرسالة إلى العبرانيين عند حديثه عن رجال الإيمان..؟ أم هم يقصدون مجرد الإيمان خلوا من صفاته السابق ذكرها!؟
إن كان الأمر هكذا فلنتناقش، لكي ما نرى هل يقدر هذا الإيمان أن يخلصهم حسبما تعجب يعقوب الرسول.