الموضوع: الحكمة
عرض مشاركة واحدة
قديم 04 - 06 - 2012, 06:20 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,351,841

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي

رابعًا: المثل العليا:
يمكن وصف منهج الحكمة إذًا بأنه منهج ديانة "طبيعية" فهو يحترم الوحى لكنه لا يفيد منه كثيرًا. فالمثل الأعلى هو إنسان يؤمن بالله ويسعى أن يحيا بحكمة يتعلمها من ملاحظة قوانين هذا العالم مع احترام لائق لفرائض إسرائيل التقليدية.

(1) الشخصية التي تتحقق نتيجة لذلك، شخصية تدعو للإعجاب من وجهات نظر عديدة. فالإنسان في أسفار الحكمة ذكي وجاد ومجتهد. ويبدي سفر الأمثال إحتقارًا شديدًا للكسلان (انظر أيضًا جا 9: 10)، والكذب والظلم مرفوضان في كل صفحة -تقريبًا- من صفحات أسفار الحكمة، كما أن هناك تأكيدًا مستمرًا على ضرورة فعل الخير (مز 37: 21، 112: 5 و9، أي 22: 7، 16:31- 0 2، أم 27:3 و28، 4 31:1، 13:21، 9:22، جا 11: 1، سيراخ 4: 1- 6، 36:7، 29: 11- 15، 24:40... إلخ).
ويرى جميع كتَّاب أسفار الحكمة أن الحياة تستحق أن نحياها، بل وفي أشد لحظات التشاؤم، وجد كاتبا سفري أيوب والجامعة ما يشدهما إلى التأمل في العالم، بل نجد أن سفري الأمثال وسيراخ ينظران للحياة نظرة تفاؤل، وبخاصة في يشوع بن سيراخ، إذ يهتم بالأشياء الطيبة في الحياة (سيراخ 23:30- 27، 31: 35 - 27. انظر أيضًا جامعة 24:2 مع حكمة 6:2-9).
(2) إن عيوب المثل الأعلى في الحكمة هي عيوب بديهية، فالإنسان شديد الاهتمام بنفسه دائمًا، ويصد عن نفسه كل تطرف لئلا يؤخذ في الشرك (جا 16:7- 18) ويدقق دائمًا في أموره حتى مع أصدقائه (سيراخ 17:38، 6: 13، أم 17:25)، وكذلك في وسط أسرته (سيراخ 33: 19- 23)، ويحب فعل الخير في حرص وحذر (أم 6: 1- 5، 16:20، سيراخ 12: ه- 7، 19:29)، لذلك اختلطت مفاهيم الصواب والخطأ مع المنفعة والخسارة، فالزنا ليس خطأ فحسب (أم 17:2، سيراخ 23:23)، ولكن الزوج المجروح هو عدو خطير (أم 5: 9- 11 و14، 34:6 و35، سيراخ 23: 21)،
ولذلك تأثرت "النظرة الأخلاقية" فمع أسمى الملاحظات في الأمثال وسيراخ، تذكر وصايا تتعلق بآداب المائدة (أم 23: 1-3، سيراخ 31: 12- 18)، ومجرد مداعبات عادية (أم 20: 14) بينما تحوي أجزاء أخرى على مزيج من الدوافع المتباينة (أم 22: 22- 28، سيراخ 17:41- 24).


الحكمة


لقاء الملك سليمان النبي و ملكأ سبأ الحبشية، ميكادا، من معرض الألفية الحبشية،

(3) لذلك يصبح توقع المجازاة في الأرض دافعًا واضحًا (أم 3: 10، 11: ه 2) وما ورد في سفر الحكمة (8:7- 12) هو أحسن تعبير عن فضل الحكمة لذاتها. ومع أن الثروة في حد ذاتها ليست شيئًا خطيرًا (أم 10:2، 11:28، 4:23 و5، 28: 11، جا 13:5، سيراخ 11:19، 31: 5- 7)، كما أن سائر الكتابات تشجب الغنى الذي يأتي عن طريق شرير، فإن الحكمة ليست مطلوبة رغبة في البر فقط، بل طلبًا للغنى أيضًا (أم 8: 21، 11: 25، 13: 18، سيراخ 4: 14، 20: 27 و28، حكمة 21:6). وهذه الرغبة في المنفعة تسبب تحولًا غير مستحب في المفاهيم، التي لولا ذلك لبلغت الذروة. ولعل أبلغ تعبير هو قوله: "لا تفرح بسقوط عدوك ولا يبتهج قلبك إذا عثر لئلا يرى الرب ويسوء في عينيه فيرد عنه غضبه" (أم 24: 17 و 18).
(4) لكن لعل أخطر عيب هو أن منهج الحكمة يؤدي إلى ارستقراطية دينية (سيراخ 6: 32- 36.. إلخ)، فلم يكن يكفي أن يكون القلب والإرادة صالحين، بل كان يلزم تدريب فني طويل أو لعل المدرسة هي المقصودة من قوله: "منزل التأديب" (سيراخ 51: 31)، ويعتبر الجاهل والأحمق بين الأشرار (أم 1: 22... إلخ)، فالمعرفة فضيلة والجهل رذيلة، ولا شك في أن "الحكمة تنادي في الخارج، وفي الشوارع تعطي صوتها" (أم 1: 20 و21، 8: 1-13، 9: 1- 6)، ولعل في ذلك إشارة إلى مناداة المعلمين في الشوارع يلتمسون من يستمع إليهم، لكن نداء الحكمة لا يلبيه إلا الموسر المترف الذي لديه فسحة من الوقت. ورغم امتداح أسفار الحكمة للعمل اليدوي (أم 2 1: 11، 24: 27، 28: 19، سيراخ 7: 16، 26:38- 36) إلا أن يشوع بن سيراخ يقول صراحة أن العمال والحرفيين لا يحصلون على الحكمة (سيراخ 26:38).
وقد سار الكتبة على نفس الدرب، وتشكلت من الكتبة والحكماء طبقة اعتبرت أن "هذا الشعب الذي لا يفهم الناموس هو ملعون" (يو 7: 49).
  رد مع اقتباس