من مسلسل اضطهاد الاقباط
كى لا ننسى:
قرية العديسات ، دم قبطي ُيداس بالأقدام ...
كتب القمص صرابامون الشايب
22/1/2006
هذا جزء من مقالة مطولة كتبها قدس
أبونا صرابامون عن الحادث وهو امين دير القديسين بألأقصر
*أحداث يوم الخميس ( عيد الغطاس ) 19 يناير 2006
المجرمون
الذين ارتكبوا هذه الجرائم البشعة يتسكعون في القرية ، مصاحبين ، و
مرافقين لرجال الشرطة ،مما زاد ذلك من خوف الأقباط و رعبهم أن تتكرر أحدات
الليلة السابقة ، و خاصة أن مظاهر الموت و الدمار واضحة ، و جلية لا
تخطئها العين في جميع الأماكن بالقرية .. و لم يستطع الأهالي من الخوف
الشديد أن يذهبوا إلي المستشفى الدولي لزيارة هؤلاء المصابين .
الخلاصة
: مر يوم عيد الغطاس حزين و مؤلم ، و في صباح الجمعة وصلت الأخبار الحزينة
المؤلمة عن استشهاد الشهيد : كمال شاكر مجلع ، و في المساء استشهد الشهيد
الثاني : جرجس أسعد ، و خلال يوم الجمعة ازدحمت القرية بالأقباط من جميع
البلاد بأعداد كبيرة جدا أذهلت رجال الأمن الذين حاولوا في البداية منعهم
من دخول القرية ، و لكن أمام إصرار الأقباط ، رضخت الشرطة ، و علي الصراخ
و النحيب ، و بدأت هذه الجموع الحزينة توجه كلمات اللوم و العتاب لكبار
قيادات الشرطة لتقاعسهم و تواطئهم .
وذهبت في هذه الأثناء و معي
العديد من الآباء الكهنة إلي القرية ، ووجدت الكنيسة مغلقة ، فقمنا بفتحها
و أدخلنا الأقباط إليها ، و حاولنا بكل الطرق تهدئة جميع الخواطر .. الشعب
كما الشرطة ( لأننا لم ننس أنهم مصريون ، و أنهم إخوة لنا في الوطن ) ، و
صمم الجميع علي أن تكون الصلاة علي الشهيدين في كنيسة السيدة العذراء مريم
بالعديسات ،رفض رجال الأمن في البداية بشدة ، ولكن أمام إصرار الشعب
القبطي ، رضخت قيادات أمن الدولة و الشرطة لذلك .
* و في
صباح يوم السبت أقام الآباء الأساقفة الأجلاء أعضاء اللجنة البابوية
الموقرة صلاة القداس ، و صلاة الجناز ، على روح الشهيدين ، و ألقى نيافة
الأنبا يوأنس نائبا عن قداسة البابا كلمة قداسته . و بعد الصلاة أصر الأمن
علي أن يودع الشهيدين في عربة الموتى حيث يُحملون إلى المدافن بدير
القديسين علي بُعد عشرة كيلومترات ، و مرة أخرى أصر الشعب القبطي إصرارا
شديداً علي حمل أجساد الشهداء على الأكتاف لمسافة ثلاثة كيلومترات بحسب
العادة المتبعة في القرية عند تشييع الجنازات ، و تراجعت الشرطة عن
إصرارها ، و كانت جنازة مهيبة يسير فيها الجناة و المجني عليهم ، ففي
مقدمتها كان يسير السيد محمد نور مدير الأمن ، و العميد خيري حامد مدير
مباحث أمن الدولة ، و فجأة تذكرت عبقرية المصري القديم و إبداعه في تأليف
و نظم الأمثلة الشعبية ، و منها : يأكل مع الذئب و يحزن مع الراعي ،يقتل
القتيل و يمشي في جنازته ، و كانت هذه الجنازة مظهر روحي رائع لم يحدث
مثله في مصر منذ جنازة الشهيد سيدهم بشاي ، و علت أصوات الجميع بصلوات
كيرياليسون لمسافة تصل إلي ثلاثة كيلومترات ، و ركبنا بعد ذلك السيارات
إلى دير القديسين ، ووضعنا الجسدين الطاهرين في مثواهم الأخير ليكونا أول
شهيدين لكنيسة السيدة العذراء بالعديسات ، و لتبدأ الأحداث و التداعيات
التي لن تنتهي إلي أن يوضع الأقباط المقهورين علي رأس أولويات هذا الوطن
كشركاء فاعلين و ليس مواطنين بلا مواطنة ، أو هوية ، أو كيان .