عرض مشاركة واحدة
قديم 09 - 01 - 2014, 03:58 PM   رقم المشاركة : ( 18 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,313,652

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث

وسائل الاتضاع وعلاماته (2)

8 الإنسان المتواضع -في انسحاقه- يجعل خطيته أمامه في كل حين.
إنَّها تَذله من الداخل، وتَعصر عينيه بالدموع، وتُزيد من انسحاقه، وتُذكِّره بضعفه. لا ينسى خطاياه مهما غُفرت ومهما محاها له الله! مثلما بكى داود على خطاياه بعد غفرانها، وقال في المزمور الخمسين "خطيتي أمامي في كل حين".. ومثلما ذكر بولس الرسول خطاياه. وقال "لست مستحقًا أنْ أُدعى رسولًا، لأني اضطهدت كنيسة الله" (1كو9:15).
كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
9 المتواضع -مهما بلغ من رِفعَة- يشعر باستمرار أنَّه ناقص ومُقصِّر، وأنَّه لم يصل بعد إلى ما ينبغى عليه فعله!
القديس بولس الرسول الذي صعد إلى السماء الثالثة (2كو2:12)، والذي تَعِبَ أكثر من جميع الرسل (1كو10:15). كان يقول "لست أحسب أنَّنى أدركت أو نُلت شيئًا، ولكنِّى أسعى لعلِّى أدرك.." (فى12:3)، هذا الذي خشى الله عليه من كثرة الاستعلانات (2كو7:12).

كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
والقديس أرسانيوس العظيم، الذي كان يقضى الليل كله في الصلاة، والذي كان رجل وحدة وصمت أكثر من الجميع، والذي تساقطت رموش عينيه من كثرة البكاء، والذي كان القديسون يطلبون بركته، وقد أتاه البابا ثاوفيلس يطلب كلمة منفعة.. أرسانيوس هذا: ما كان يشعر أنَّه بدأ الطريق الرهباني بعد! بل كان يُصلى "هبني يا رب أنْ أبدأ"!
كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
10 الإنسان المتواضع لا يتحدث عن نفسه حديثًا يجلب المديح.
نفسه هذه التي يلومها باستمرار ويعرف نقائصها، من غير المعقول أنْ يتحدث عن مواقف عظيمة لها تجلب المديح! إنَّ الفريسي لم يتبرر أمام الله، لمَّا وقف في الهيكل يتحدث عن فضائله أمام الله في صلاته! (لو12:18).
لذلك فإنني أتعجب من إنسان حديث العهد بالتوبة، يدعوه البعض أنْ يقف على منبر كنيسة أو جمعية، ليحكى اختباراته للناس حتى ينتفعوا بها روحيًا..! فيقف ويحكى كلامًا يُمدح عليه!
كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
11 إنْ كان الحديث عن النفس يُفسح مجالًا للقدوة، فالإنسان المتواضع لا يجعل نفسه قدوة لغيره.
إنَّه يقول لنفسه "مَنْ أنا حتى أكون قدوة لغيري؟! أنا الذي وقعت في كذا وكذا من السقطات!". وإنْ كانت القدوة في التوبة والرجوع إلى الله، فأنا لم أتُب بعد. وما زلت في الموازين إلى فوق. وفي كل يوم أسقط..
كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
12 المتواضع يشعر بتفاهة الكبرياء وخطورتها وتفاهة المجد الباطل.
فما قيمة المديح الذي يأتيه من الناس؟! ما بطلانه وما فائدته! بل كم هي أضراره الكثيرة التي تُخرِّب النفس..! باطلة كل أمجاد الدنيا وتافهة! "الكل باطل وقبض الريح" (جا14:1)، .ليس شيء من هذه الأمجاد ثابتًا، ولا دائمًا، ولا نافعًا. ولا شيء منها يصحب الإنسان في أبديته، أو يشفع فيه أمام الله..
إنَّ النفس الصغيرة هي التي تفرح بإعجاب الناس ومديحهم.
وكلَّما كَبُرت النفس ورَجعَت إلى صورتها الإلهية، لا يُبهرها مطلقًا أي شيء من أمجاد العالم ومن مديح الناس.. وبخاصة إذا كان ما يقوله الناس عكس ما يعرفه الإنسان عن نفسه، وعكس ما يشعر به في داخله.
كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
13 لذلك فالإنسان المتواضع يهرب من محبة المديح والكرامة.
لا يشتهى ذلك ولا يسعى إليه. وإنْ أتاه المديح، لا يجعله ينحدر من أُذنيه إلى قلبه. لا يفرح به في داخله، بل يُدرك تمامًا أنَّه غير مستحق له.. ولذلك لا يُصدقه، أو على الأقل لا يتأثر به مهما كان صحيحًا..
وربما يتَّخذ هذا المديح مجالًا لتبكيت نفسه. ويقول في ذاته: لعلَّني قد صرت مُرائيًا إلى هذا الحد، الذي أظهر فيه للناس بغير حقيقتي!
كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
14 من صفات المتواضع أنَّه ينسب كل أعماله الطيبة إلى نعمة الله.
إنَّه يُرجع الفضل إلى الله في كل خير يفعله. يقول مع القديس بولس الرسول "لا أنا، بل نعمة الله العاملة معي" (1كو10:15) ويتذكَّر قول الرب "بدوني لا تقدرون أنْ تعملوا شيئًا" (يو5:15). وهكذا يُحوِّل حديث المديح إلى الله ونعمته وعمله. وإنْ حُورِب من الداخل بأنَّه قد فعل شيئًا، يقول لنفسه "بنعمة الله أنا ما أنا" (1كو10:15).
  رد مع اقتباس