يارب
انى اتصور موقف الذين كانوا ينتظرون ظهور مجدك
كانوا ينتظرون ظهور جبروت لا يقاوم
كانوا ينتظرون عظمة تفرض ذاتها فرضا
فيطأطىء لها عظماء الأرض روؤسهم
واذ بواقعك الالهى يتنكر لحلم البشر
واذ بالسماء تتجلى فى مغارة
طفل مولود حديثا جمع الى ضعف الطفولة مذلة الفقر
أعد ليعيش معظم حياته عاملا بدويا مغمورا
ثم يتحول الى مبشر متجول ثم يحاكم كمخرب ويعدم معلقا على خشبة العار
ان صورة بؤسه وضعفه انما هى اسمى تعبير عن(افراغ الذات)
(افراغ الذات)انما هو المحبة بأسمى وجوهها
المحبة التى لا تتملك ولا تتسلط
المحبة التى تعطى بلا حساب
ان مجدك يا سيدى ليس فى التسلط بل فى العطاء
لأن مجد المحبة هو أن تحب وتعطى
كما أن مجد الشمس ان توزع اشعتها
ومجد الينبوع ان يعطى مياهه
نحن يارب اذ احتاج الينا كائن آخر ليستمد منا بعض مقومات وجوده نزعنا فى استعباده بشكل أو بآخر
أما أنت يارب فالكائنات كلها تستمد منك فى كل لحظة كل ما لها من وجود كل ما يجعلها تبرز من العدم
لكنك تمدها بوجودك وتنسحب منها بآن لتجعلها ذات وجود حقيقى وليس كمجرد دمىّ تحركها خيوط تمسكها بيديك.
افراغك لذاتك تجلى فى الخلق لأنك بالخلق قيدت ذاتك وحددت من سلطانك طوعا.اذ ارتضيت ان تبرز من العدم وجودا يقابل وجودك.افراغك لذاتك تجلى فى خلق الانسان اذ جعلت منه لا وجودا وحسب بل حرية على صورة حريتك.حرية احترمتها الى حد أنك تركت لها مجال التصدى لك
افراغك لذاتك تجلى عندما لاشيت اقتدارك وتجسدت فأتخذت صورة عبد
وظهرت فى وضع طفل المذود الفقير الشريد لتلاقى الانسان فى أعماق بؤسه فتجلت السماء فى ظلمة المذود
وهل يتمجد الله فى حقارة المذود؟
..هنا يكمن سرك يا الهى.