عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 13 - 05 - 2012, 02:24 PM
الصورة الرمزية tito227
 
tito227 Male
..::| VIP |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  tito227 غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 17
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 2,845

إقامة الأحياء الذين هم موتي
بقلم : البابا شنودة الثالث


إقامة الأحياء الذين هم موتي
أهنئكم ياأخوتي وأبنائي بعيد القيامة المجيد‏,‏ راجيا لكم جميعا ولبلادنا العزيزة مصر كل خير وبركة ويمن ورخاء‏,‏ أعاده الله علينا والعالم في سلام وطمأنينة وهدوء‏.‏

وإذ نحتفل بعيد القيامة‏,‏ نذكر إلي جوار قيامة سيدنا يسوع المسيح‏,‏ أنه أقام كثيرا من الموتي‏:‏ ذكر الإنجيل من بينهم أبن أرملة نايين‏(‏ لو‏7:14),‏ وابنه يايرس‏(‏ لو‏8:55),‏ ولعازر الذي أقامه من الموت في اليوم الرابع لوفاته‏(‏ يو‏11).‏
لكن إلي جوار هذه‏,‏ توجد معجزات قيامة من نوع آخر هي إقامة الأحياء الموتي التي تذكرنا بقول الشاعر‏:‏

ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
أو يذكرنا ذلك بقول شاعر آخر‏:‏

كم مات قوم وماماتت مكارمهم وعاش قوم وهو في الناس أموات
حقا‏,‏ من هم أولئك الأحياء الذين هم موتي؟ وكيف اقيموا؟ إنهم علي ثلاثة أنواع‏,‏ كما ذكرهم الكتاب‏.‏
‏1-‏ الخطاة الذين اعتبروا امواتا‏,‏ لأنهم انفصلوا عن الله‏.‏
‏2-‏ الخاملون النائمون الذين بلا حركة ولا انتاج‏.‏
‏3-‏ الأمم الوثنية القديمة التي أعطاه الرب حياة جديدة بالإيمان وسنحاول أن نعرض لكل نوع من هذه الأنواع الثلاثة بشيء من التفصيل‏.‏
‏1‏ ـ قيامة الخطاة الموتي روحيا
إنهم مثل راعي مدينة ساردس الذي أرسل إليه السيد المسيح يقول له‏:‏ إن لك أسما انك حي‏,‏ وأنت ميت‏(‏ رؤ‏3:1).‏
أمام الناس هو هي‏.‏ له قلب ينبض‏,‏ وأنفاس تتردد‏,‏ ولكنه في الحقيقة ميت‏.‏ هو من الناحية الجسدية حي‏,‏ ومن الناحية الروحية ميت‏,‏ هذا هو الموت الروحي الذي عمل المسيح علي إقامة الناس منه‏.‏
وهنا نسأل‏:‏ ماهو الموت الروحي ؟
ويجيب القديس أوغسطينوس قائلا‏:‏ موت الجسد هو انفصال الروح عن الجسد‏.‏ أما موت الروح فهو انفصال الروح عن الله‏.‏
فما معني ذلك؟ المعروف أن الله هو مصدر الحياة كلها‏.‏ بل هو الحق والحياة‏(‏ يو‏14:6‏ وفيه كانت الحياة‏(‏ يو‏1:4)‏
فالذي ينفصل عن الله‏,‏ ينفصل عن الحياة الروحية‏.‏ فيعتبر ميتا روحيا‏.‏ والإنسان ينفصل عن الله بالخطية‏.‏ لذلك فإن الخاطئ يعتبر ميتا‏.‏
الله نور‏(1‏ يو‏1:5),‏ والخطية ظلمة‏.‏ ولاشركة للنور مع الظلمة‏(2‏ كو‏6:14).‏ الخاطئ إذن منفصل عن الله‏,‏ ويعيش في الظلمة‏.‏ هو إذن ميت‏,‏ وأيضا تحت حكم الموت الأبدي‏,‏ وفي هذا يقول الكتاب كنتم أمواتا بالذنوب والخطايا‏(‏ أف‏2:1).‏
إذن كيف يقوم الخاطئ من الموت الروحي؟ يقوم بالتوبة‏.‏
وهكذا تكون التوبة هي قيامة من الموت‏.‏ ولهذا ففي قصة الابن الضال التي رواها السيد المسيح‏,‏ قال الأب عن ابنه الذي ضل وعاد‏,‏ وكان خاطئا فتاب‏:‏ ابني هذا كان ميتا فعاش‏,‏ وكان ضالا فوجد‏(‏ لو‏15:24).‏ ولهذا ايضا فإن القديس يوحنا المعمدان الذي جاء يمهد الطريق أمام المسيح‏,‏ كانت رسالته أن يكرز بالتوبة‏,‏ وبمعمودية التوبة وكانت أول كرازة للسيد المسيح هي المناداة بالتوبة‏.‏
والذي يساعد الناس علي التوبة‏,‏ إنما يقيمهم من الموت وفي هذا قال الكتاب من رد خاطئا عن ضلال طريقه‏,‏ يخلص نفسا من الموت‏,‏ ويستر كثرة من الخطايا‏(‏ يع‏5:20).‏
يخلصه من الموت الروحي الذي يعيش فيه‏,‏ ومن الموت الأبدي الذي ينتظره في الدهر الآتي‏:‏
مادامت الخطية موتا‏,‏ إذن فالتوبة هي قيامة من الموت‏.‏
هي حياة جديدة‏,‏ أو هي عودة إلي الحياة مع الله‏..‏
والذي يقود الناس إلي التوبة‏,‏ إنما يخلصهم من أسباب الموت‏,‏ ومن عثراته ومغرياته‏,‏ ومن الذين يصورون لهم الموت الروحي علي أنه لذة الحياة الدنيا ومشتهاها‏,‏ فيحبون الظلمة أكثر من النور‏.‏
إن الشيطان يكره قيامة الخطاة من الموت‏,‏ فيعمل علي منعها أو علي إعاقتها‏,‏ بأنواع وطرق شتي‏,‏ لكي يبقوا في الموت الذي يريده لهم‏.‏ ويفعل الشيطان ذلك بطريق مباشر‏,‏ أو بمساعدة أعوانه الأشرار الذين هم رسل الموت علي الأرض‏.‏
وقد حارب السيد المسيح أولئك القادة العميان قائلا لهم‏:‏ الويل لكم‏...‏ لأنكم تفلعون ملكوت السموات قدام الناس‏.‏ فلا تدخلون أنتم‏,‏ ولاتدعون الداخلين يدخلون تطوفون البحر والبر‏,‏ لكي تكسبوا دخيلا واحدا‏,‏ ومتي حصل‏,‏ تصنعونه ابنا لجهنم أكثر منكم مضاعفا‏(‏ مت‏23:15,13).‏
علي أن الموتي لم يصيروا هكذا دفعة واحدة‏,‏ بل تدرجوا في السقوط
ربما بدأوا بالاهمال‏,‏ وبالتساهل مع الخطية‏,‏ حتي فقدوا هيبتهم الروحية‏,‏ وأعطانا مجالا للشيطان لكي يسيطر عليهم‏.‏ ولم ينقادوا إلي ضمائرهم‏,‏ حتي فقد الضمير سلطانه شيئا فشيئا‏,‏ إلي أن وصلوا بذلك إلي موت الضمير‏,‏ وأصبحوا في حاجة إلي قوة من الخارج تحيي ضمائرهم‏,‏ وهنا لابد من تدخل نعمة الله القادر علي إقامة الموتي‏...‏
إن الله لايريد موت الخاطئ‏,‏ بل أن يرجع ويحيا‏(‏ حز‏18:23)‏
إنه يترك الإنسان إلي حرية إرادته‏,‏ ليختار الخير بمشيئته‏,‏ دون أن يرغمه الله علي عمل الخير‏.‏ فإن اختار الإنسان لموته‏,‏ فإن الله يرسل نعمته إليه لكي ترجعه‏.‏ فإن تجاوب أخيرا مع عمل النعمة‏,‏ ورجع
فإنه يحيا‏,‏ يقيمه الله من الموت الروحي مرة أخري‏.‏
المهم كما قال الكتاب‏:‏ نهاية أمر خير من بدايته‏(‏ جا‏7:8).‏
هناك نوع آخر من الموتي الأحياء‏,‏ يعمل الرب علي إقامتهم‏:‏
‏2‏ ـ إقامة موتي الخمول والكسل‏:‏
الإنسان حسب طبيعته‏,‏ كل ما فيه حركة دائبة‏..‏ القلب لا يكف عن العمل‏,‏ وكذلك المخ‏,‏ وباقي أجهزة الجسد‏:‏ إن تكاسل واحد منها‏,‏ فإن الإنسان يمرض بسبب ذلك‏.‏
ومع ذلك‏,‏ فقد يتكاسل الإنسان‏,‏ كعضو يعيش في المجتمع‏..‏ وكما أن الجسد الميت لا يتحرك‏,‏ يبدو هو أيضا بلا حركة‏,‏ وبلا إنتاج ولا إنجاز‏.‏ لا يشعر المجتمع بوجوده‏!!‏
ليس له أثر فيمن حوله من الناس‏.‏ حضوره كغيابه‏..!‏ فإن غاب‏,‏ لا يشعرون أنهم قد نقصوا شيئا‏..‏ وكأنه ميت‏!‏
أو علي الأقل ـ إن أحدث تأثيرا في بعض الأوقات ـ يكون تأثيرا ضئيلا لا يتناسب مع كونه إنسانا‏.‏ لذلك يقول الكتاب‏:‏
استيقظ أيها النائم‏,‏ وقم من الأموات‏,‏ فيضيء لك المسيح‏(‏ أف‏5:14).‏ فاعتبر هذا النائم أو الخامل ميتا‏,‏ يحتاج أن يقوم من الأموات‏.‏ ولهذا فإن السيد المسيح أراد أن يعيش المؤمنون كأنهم شعلة من عمل ونشاط‏.‏ وقال‏:‏ جئت لألقي نارا علي الأرض‏.‏ فماذا أريد لو اضطرمت‏(‏ لو‏12:19).‏ ومنح تلاميذه الروح الناري يوم الخمسين‏(‏ أع‏2).‏ فنالوا به قوة‏(‏ أع‏1:8)‏ جعلتهم لا يهدأون في عملهم وشهادتهم للرب‏.‏ فإذا بهم في كل الأرض خرج منطقهم‏,‏ وإلي أقصي المسكونة بلغت أقوالهم‏(‏ مز‏19:4).‏ أما عن الخاملين‏,‏ المشبهين بالموتي‏,‏ فيقول عنهم الكتاب‏:‏
ملعون من يعمل عمل الرب برخاوة‏(‏ أر‏48:10).‏
والله لا يترك هؤلاء إلي الرخاوة التي لا تتفق مع مشيئته‏,‏ بل يقيمهم منها‏,‏ ويدفعهم دفعا بعمل نعمته وروحه القدوس‏.‏ المهم أنهم يريدون ذلك‏,‏ أو علي الأقل لا يقاومون عمل الروح فيهم‏.‏ ويقول المزمور‏:‏ يجدد مثل النسر شبابك‏(‏ مز‏103:5).‏
وما أجمل ما قيل عن ذلك في سفر إشعياء النبي وأما منتظرو الرب‏,‏ فيجددون قوة‏.‏ يرفعون أجنحة كالنسور‏.‏ يركضون ولا يتعبون‏.‏ يمشون ولا يعيون‏(‏ أش‏40:31).‏
أيسمون ذلك نهضة أو يقظة؟ ليكن كذلك‏.‏ وهي أيضا قيامة من كسل كأنه موت‏.‏ هناك قيامة أخري وهي‏:‏
‏3‏ ـ قيامة خاصة بالأمم أو غير المؤمنين
كان الشعب اليهودي هو المؤمن وسط العالم الوثني‏,‏ وقد اختصه الله بالوحي والأنبياء‏.‏ وباقي الشعوب كانوا يسمونهم الأمم
‏lsentiles
وبقوا غرباء عن الله‏,‏ في أصنامهم‏,‏ وفي تأثيرهم الوثني السيئ‏.‏ وكان من المحرم شرعا مخالطتهم والتزاوج معهم‏,‏ والاشتراك معهم في أي تحالف‏.‏ كانوا معزولين وكأنهم موتي‏!‏
ثم جاء السيد المسيح فأقامهم من هذا الموت الاجتماعي والديني‏.‏ ومنهم الكنعانيون‏,‏ والسامريون‏,‏ وباقي الأمم الوثنية‏.‏
وقال لتلاميذه القديسين‏:‏ اكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها‏(‏ مر‏16:15).‏
اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم‏,‏ وعمدوهم‏..‏ وعلموهم جميع ما أوصيتكم به‏.‏ وها أنا معكم كل الأيام وإلي انقضاء الدهر‏(‏ متي‏28:20,19).‏
وهكذا صارت لتلك الأمم حياة جديدة مع الله‏,‏ لم تكن لهم من قبل‏.‏ أحياهم الله بعد موت‏,‏ فعرفوه وعبدوه‏.‏
لاشك انها قيامة من الموت‏,‏ من موت الجهل والوثنية‏.‏
وبالمثل فعل الرب مع الشعوب الملحدة‏,‏ فردها إلي الإيمان‏..‏ ولولا نعمة الله التي منحتهم هذه القيامة‏,‏ لبقوا في الموت دنيا وأخري‏..!‏ لا يعرفون الله‏,‏ ولا يدخلون في عويته‏.‏
من كل هذه الأمثلة‏,‏ علينا أن نثق في عمل الله ورعايته‏,‏ واهتمامه بالبشرية التي خلقها‏,‏ مهما ماتت روحيا‏,‏ أو اجتماعيا‏,‏ أو دينيا‏.‏ فهو قادر أن يقيمها‏.‏
وأيضا تعطينا القيامة رجاء في حل المشاكل مهما صعبت وتعقدت‏.‏
فالله قادر علي كل شيء‏.‏ والإنجيل يقول‏:‏ غير المستطاع عند الناس‏,‏ هو مستطاع عند الله‏(‏ مر‏10:27).‏ علينا إذن أن نطلب الحل من الله‏.‏ نعمل ونطلب من الله أن يعمل معنا‏.‏
نصلي لأجل مشكلة الشرق في فلسطين ولبنان وسوريا‏,‏ أن يحلها الله‏,‏ ونصلي بسبب القيود المفروضة علي ليبيا والعراق‏,‏ وقد طال عليها الزمن‏.‏ والله قادر أن يحلها‏.‏ نصلي أيضا من أجل إفريقيا وما تعانيه من مشاكل اقتصادية وسياسية ومن أمراض‏.‏
ونصلي من أجل بلادنا المحبوبة مصر‏,‏ ليقودها الله باستمرار إلي حالة أفضل‏,‏ ويمنح القوة للرئيس مبارك وكل العاملين معه وكل يد مخلصة تعمل لخير هذا الوطن العزيز‏.‏

وكل عام وجميعكم بخير‏.‏




رد مع اقتباس