عرض مشاركة واحدة
قديم 05 - 11 - 2013, 03:39 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,313,223

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: التأله والمتألهون

( ز ) التأله البادئ من هذه الحياة

إنني أعتقد أن تحليلنا حتي الآن أظهر أن الإنسان يتلقى "موهبة التأله" بدءاً من هذه الحياة. ما لم يصبح المرء متألهاً بدرجة كبيرة أو صغيرة بداية من الآن، فإنه لن يتمتع بملكوت السموات في الحياة الآتية. من بين النصوص العديدة التي كنت أستطيع الإشارة إليه، سوف أشير إلي نصفين مهمين للقديس غريغوريوس السينائي.

في النص الأول يقول القديس غريغوريوس السينائي: "لو حدث أنك، من خلال العبور بالمراحل المختلفة للنمو الروحي، أصبحت كاملاً في الفضيلة أثناء هذه الحياة، فإنك سوف تصل لحالة معادلة من التأله في الحياة التالية". الشخص المتأله في المسيح في هذه الحياة، والذي يشترك في قوي الله سوف يزداد في التاله في الحياة الآتية، لأنه سوف يكون هناك نمواً مستمراً في التأله. يشير القديس غريغوريوس النيصي إلي ذلك كما يلي: "الاشتراك في البركات الإلهية يجعل الإنسان أكثر اتساعاً ورحابة؛ إنه يزيد من قدرة المتلقي وعظمته، بحيث لا يكف أبداً عن النمو". يُعلم القديس غريغوريوس السينائي نفس التعليم، أن المتأله لن يكف أبداً عن النمو في التقدس والتأله: "يُقال أنه في الحياة الآتية يزداد الملائكة والقديسون في مواهب النعمة ولا يخفت أبداً اشتياقهم لبركات إضافية. لا يحدث أبداً في هذا الدهر انحطاط أو انحراف من الفضيلة إلي الرذيلة". إننا نجد نفس التعليم لدي القديس يوحنا السلمي، الذي يقول أنه طالما أن الحب لا يكف أبداً، فإن الثايوريا (معاينة الله) ليس لها حدود. بالتالي "لن نكف في الثايوريا، سواء في الحياة الحاضرة أو المستقبلة، مستمرين في إضافة نور إلي نور". حيث أن الثايوريا تزداد باستمرار، يوجد نمو في التأله حتي في الدهر الآتي. علي كل حال، يبدأ تألهنا في هذه الحياة.

النص الثاني من القديس غريغوريوس السينائي يقول: "لن يصير أحد واحداً مع المسيح أو عضواً في المسيح ما لم يصل في هذه الحياة إلي الاشتراك في النعمة الإلهية، وما لم يقتنِ شكل الحقيقة والمعرفة في ذاته، كما يقول الرسول". ما لم يبدأ المرء في تلقي نعمة الله في هذه الحياة، فلن يكون عضواً في المسيح. كلمات القديس غريغوريوس مميزة. إنها تعني أن من تعمل فيه نعمة الله بأية درجة – أي الشخص المتأله - يكون عضواً في المسيح، وبالتالي عضواً فعالاً في الكنيسة، التي هي جسد المسيح. يشير القديس نيكولاس كاباسيلاس في الكتاب الأول عن "حياة المسيح" إلي أننا ما لم نكتسب أعيناً، وقدرات إدراكية بوجه عام، هنا في هذه الحياة، لن نكون قادرين علي معاينة الله في الحياة الآتية. بالتأكيد، نحن لا نكتسب فقط قدرات إدراكية في هذه الحياة، ولكن أيضاً حالة من حياة الدهر الآتي.

من الممكن استنتاج أن المتألهين هم أؤلئك الذين يختبرون التأله بدرجات مختلفة. التأله هو الاشتراك في النعمة الإلهية المانحة الاستنارة والمؤلهة. التأله هو معاينة الله، وهذه المعاينة هي الاتحاد بالله، التي هي لا شيء سوي ملكوت الله.

إنني أعرف بالطبع أن الناس اليوم لا يحبون السماع عن التأله ومعاينة النور غير المخلوق. تبدو مثل هذه الأمور غير عملية وغير واقعية بالنسبة لهم. إنهم يتصرفون بتفسير أخلاقي للحياة المسيحية. إلا أننا لو أهملنا التعليم المختص بالتأله وتغافلنا عن غرض الإنسان، الذي هو الوصول إلي شبه الله وتحقيق التأله، فإن كل الحياة الكنسية تصير ذات طابع علماني.

يقول القديس غريغوريوس بالاماس أن أياً من لا يؤمن بسر النعمة الجديدة، ولا يتقدم نحو رجاء التأله، لن يستطيع أن يجد التحرر من أهواء محبة اللذة، ومحبة المال، ومحبة المديح. ولو حدث أن تصرف بطريقة تحقق له أي شيء، فإنه يفتخر وبالتالي يقع ثانية في نفس الأهواء. إنه يكتب قائلاً: "لو أنه يوجد من لا يؤمن بالسر العظيم الذي للنعمة الجديدة أو التطلع لرجاء التأله، فإنه سوف يكون أيضاً غير قادر علي احتقار اللذة الجسدية، والمال، والمقتنيات، والمجد الذي يأتي من الآخرين. ولو حدث أن احتقرها لوقت قصير، فإنه ينحدر ثانية في مجال الأهواء الدنسة بكليته".

  رد مع اقتباس