يسوع المسيح الشفيع الوحيد
من هـنا أنه يصبح سطـحـيًا هذا السؤال
لماذا نصلّى طـلبًا لشفاعة مريم العـذراء عـند الله فى حين أن الشفـيع الوحـيد عـند الله هو يسوع المسيح؟...
المسيح هو الشفيع الوحـيد بين الله والناس ليس بمعـنى أنه يقـصينا ولكن بمعـنى أنه يقـصى شفاعة العهد القديم.. أى أن موسى لا يمكن أن يكـون شفـيعًا بين الناس والله، فالناس فى اليهودية بقـوا مفـصولين عـن الله إلى حـين أتى المسيح فاتحـدهم به...
إذًا، فالوسيط الوحـيد الذى يجـمع بين الله والناس هو يسوع المسيح، كما يقـول الرسول بولس...
أى هـو الذى عُـلّـق عـلى الخشبة.. فلأنه رُفع عـلى الخشبة ومات ثم قام ألصق الله بالناس...
هـذا يعـنى أنه لا يوجـد إلتصـاق بين الله والناس عـن طـريق اليهـودية ولكن عـن طـريق العهـد الجـديد...
وهكذا عـبارة الشفيع الوحـيد هى ليست لإقـصاء مريم أو بقية القديسين، كلمة وحـيد هى لإقـصاء الذين سبقـوا أى لإقـصاء شرعـية اليهود...
وبالتالى فالمسيح يبقى الشفيع الوحـيد بين الله والناس ونحـن فـيه...
إذًا، فهـذا الشفـيع الوحـيد بين الله والناس هو المسيح النامى العـملاق الذى ينمو من الآن وإلى آخـر الدهـر.. والذى يتناول جسد المسيح ودمه يلتصق به ويصبح جـزءًا من المسيح...
إذًا، فالذى أصبح فى المسيح قائمًا من بين الأموات، الذى يتغـذى من القـيامة ويصبح إنسانًـا قياميـًا، هذا الإنسان يصلى فى المسيح، من جـوف المسيح يصلى ويبقى فى هـذه الوحـدانية المتشفعة، يبقى فى هـذا الكائن الوحـيد المتشفع من أجـل الناس...
أن الموت لا يفصل أبناء الكنيسة بعضهم عن بعض ، فالذين رقدوا على رجاء القيامة منذ ان بدات الكنيسة يوم العنصرة وحتى الآن هم على اتصال مستمر لأنهم اعضاء جسد واحد هو المسيح. نؤمن أنهم احياء لأن الله إله أحياء والجميع عنده أحياء كما اوضح السيد له المجد، ولهذا لا تدعوهم الكنيسة امواتاً بل راقدين او منتقلين..
ولهذا سأضع لك هنا شرحاً مفصلاً لترتيب خدمة " التقدمة " التي بها يحضّر الكاهن الخبز والخمر المقدمين للقداس الإلهي قبل بدء الذبيحة وهي مراسم متكاملة بذاتها وتوضح علاقتنا نحن الاحياء بالاخوة الراقدين والقديسين والعذراء مريم :
يجب أن يكون خبز الذبيحة مدوّراً ومن جزأين أحدهما فوق الآخر كرمز للطبيعتين البشرية والإلهية في يسوع المسيح ، على الوجه العلوي للخبز يوضع الطابع ( الختم ) والذي تشكل مقاطعه الأربعة الكلمات اليونانية :
IΣ XΣ NI KA وتعني " يسوع المسيح الظافر " .
تُتَمم خدمة " التقدمة " من قبل الكاهن بصوت ورع خافت على المذبح المقدس وخلال هذه الخدمة تتلى صلاة الساعات الثالثة والسادسة .
يأخذ الكاهن خبزة التقدمة الأولى ويرسم إشارة الصليب عليها بالحربة المقدسة ثلاث مرات قائلاً " لتذكار ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح " ثم يرفع بالحربة الجزء المركزي من هذه الخبزة ( الذي عليه الطابع أو الختم المذكور ) بشكل مكعّب مردداً كلمات النبي أشعياء " ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ . مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟ " ( أش53: 7-8) .
هذا الجزء المكعب الشكل يدعى " الحمل " ( يو1: 29 ) يوضع على الصينية المقدسة The diskos ثم يغرز الحربة بشكل صليب في الحمل قائلاً " يُذبح حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم لأجل حياة العالم وخلاصه " ثم يطعن الجانب الأيمن من " الحمل " مردداً كلمات الإنجيلي " لكِنَّ وَاحِداً مِنَ الْعَسْكَرِ طَعَنَ جَنْبَهُ بِحَرْبَةٍ وَلِلْوَقْتِ خَرَجَ دَمٌ وَمَاءٌ وَالَّذِي عَايَنَ شَهِدَ وَشَهَادَتُهُ حَقٌّ " ( يو19: 34 ) وهنا يُسكب الخمر في الكأس ممزوجاً بالماء تذكاراً لهذه الحادثة.
من خبزة التقدمة الثانية يقطع الكاهن جزءاً على اسم السيدة العذراء ويضعه في الصينية المقدسة عن يمين الحمل ومن خبزة التقدمة الثالثة المدعوة " المراتب التسعة " تؤخذ تسعة اجزاء على اسم : القديسين ، يوحنا المعمدان ، الأنبياء ، الرسل ، الملائكة ، الشهداء ، الرهبان والمتوحدون ، الماقتي الفضة ، جدي المسيح الإله يواكيم وحنة ، والقديس الذي يٌحتفل بعيده أو تذكاره في ذلك اليوم ، القديس الذي تحمل الكنيسة التي يُقام بها السر اسمه ، وأخيراً القديس الذي ألّف الخدمة الليتورجية التي يجري الاحتفال بموجبها . وتوضع هذه الأجزاء على يسار الحمل على الصينية
من خبزة التقدمة الرابعة تؤخذ أجزاء على اسم مراتب طغمة الكهنوت والإكليروس وكل الأحياء
ومن خبزة التقدمة الخامسة تؤخذ أجزاء على اسم المسيحيين الأرثوذكسيين السابق رُقادهم
أخيراً تؤخذ أجزاء من القرابين التي يقدمها المؤمنون من اجل خلاصهم وصحتهم وحياتهم ورحمة أمواتهم ، وهذه الأجزاء توضع مع الأخرى على الصينية المقدسة تحت الحمل
في النهاية يغطي الكاهن الأجزاء المرفوعة بقطعة معدنية لها شكل النجمة Asterisk ، ثم يغطي الصينية والكأس بقطعة خاصة ، ويرفعهما مصلياً للرب أن يبارك هذه القرابين المُقدّمة وأن يذكر أولئك الذين قدموها وأولئك الذين قُدِّمت من أجلهم .
كل الأدوات والأفعال المستخدمة في إتمام هذه الخدمة لها معانٍ رمزية : فالصينية ترمز إلى مغارة بيت لحم وإلى الجلجلة ، والنجمة إلى نجمة بت لحم وإلى الصليب ، والغطاء يرمز إلى الأقمطة وإلى الأكفان ، الكأس يرمز إلى الكأس الذي به قدس السيد الخمر وحوّله إلى دمه ، الحمل الذي تم تحضيره يشير إلى محاكمة المسيح وآلامه وموته ، والطعن بالحربة يرمز إلى قيام احد الجنود بطعن جسد المسيح ليتأكد من موته ، وترتيب الأجزاء بهذا الشكل يشير إلى ملكوت الله الداخلي وأعضاؤه : مريم العذراء ، الملائكة ، جميع القديسين ، المؤمنون الأرثوذكسيون أحياء و أموات ، وفي الوسط الرأس الرب نفسه . رفعهم يشير إلى ظل الروح القدس الذي تشترك نعمته في السر العظيم