شفاعة القديسين
من أجـل هـذا فالدعاء للقديسين ـ وهو ما يسمّمونه الشفاعة ـ هو نتيجة منطقية لكونهم:
[ وَلَيْسَ هُوَ إِلَهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلَهُ أَحْيَاءٍ لأَنَّ الْجَمِيعَ عِنْدَهُ أَحْيَاءٌ " [ لوقا 20: 38 "...
ويقول صاحب نشيد الأنشاد:
[ أَنَا نَائِمَةٌ وَقَلْبِي مُسْتَيْقِظٌ " [ نشيد الأنشاد 5: 2 "...
إذًان فهؤلاء النائمون فى القبور ليسوا أمواتًا، قلوبهم يقظة...
وإذا أردتم تمييزًا فلسفيًا بين النفس والجسد، فنفوس هؤلاء، منذ الآن، قائمة من الموت...
نفوسهم قائمة بفعل المسيح وأجسادهم منحلة وهذه المقبرة ختمناها بالماء المقدس فأشرنا بهذه الطريقة الرمزية إلى أنها استهلال للقيامة، إنها بدء، إنتظار.. هذا الانتظار هو تطلّع على ما سوف يكون...
ولكن عندنا، هنا، امـران:
عندنا ـ وهذا رأى أورثوذكسى وليس عـقـيدة ـ أن بعض الأجساد لا تفنى ولكن تبقى طرية، مثال على ذلك: المطران صـدقة الموضوع فى دير مارإلياس ـ شوبا، وقد توفى منذ ما يقرب من مئة وخمسين سنة ولم يزل اللحم على جسده وكذلك شعره...
وكثيرين من أجساد القديسين لم تر فسادًا محفوظة بالكاتدرائية بكلوت بك بالقاهرة...
عن هذه الحالات يقـول سمعان اللاهوتى الحديث انها حالة وسط وأن ثمة إنتظار لملكوت السماوات بحيث أن الجسد لا ينحل ويبقى فى حالة وسطى للدلالة على أن هذه الأجساد سوف تبعث...
وبصرف النظر عن هذا الرأى ، ثمة أمر آخـر مهم هو بقايا رفات القديسين وبقايا الشهداء المحفوظة فى الكنائس والأديرة...
المهم هنا اننا نؤكد هذه المعية بكل هذه الرموز والأعمال، تؤكد هذه المعية الواحدة بيننا وبين الذين ذهبوا، نؤكد ان الروح القدس الواحد يجمع بينهم وبيننا...
ولهذا فالموقف الأرثوذكسى فى إستشفاع العـذراء والقـديسين، أى طـلب دعائهم لنا، الموقف الأرثوذكسى فى ذلك ليس أنهم جسر يوصلنا إلى الله ـ ذلك أن الله أقرب إلينا مما هم إلينا، وهذا التصوير أن الله بعأيد وأنهم هـم يقـربوننا إليه تصوير خاطئ ـ إنما هو أنهم هم معـنا فى صلاة واحدة...
والقضية هى فقـط قـضية ناس مرتـبين حـول عـرش الله...
ويمكننا القـول أن الذين سبقـونا إلى المجـد الإلهى انتهى جهادهم، أكملوا الجهاد الحسن...
من هـذه الناحية هـم ثبتـوا فى سكون الله...
نحسبهم كذلك بحيث أننا نعـتبر أنفسنا خطأة وأننا ما زلنا فى الجهاد فـيما هـم أكملوا الجهاد...
ولا يختلف موقـف الإستشفاع هـذا عـن أى طـلب شفاعة...
فمثلاً، عـندما يقـدّم أحـدنا تقـدمة للكنيسة فى عـيد قـديس ما يطلب إلى الكاهن أن يذكـر له اسمه فطـلب الشفاعة باسم هـذا القديس أو ذاك يكون من باب أن طـلبة البار تقـتدر كـثيرًا فى فعـلها. البار يصلى، طـبعًا فى الكنيسة، ولست أتكلم عـن الصلاة الطـقسية التى يرأسها الكاهـن من حيث الوظيفة، ولكنى اتكلم عـن الدعاء الخاص الذى نطـلب فيه شفاعة الأبـرار...
من هـذه الناحية نحن نطـلب شفاعة الأولـين هـؤلاء الذين ينتـمون إلى الصف الأول من هـذه الصفـوف التى، فى النهاية، تتحـلق كلها حـول السيد المسيح...