[Mary Naeem]

رؤيا للشاهدة

رأيتُ نَفسي تَحت الأرض. كان ذلكَ يُشبهُ كهفًا مُظلِمًا، مَضاءً فَقَط بالنّار. كان الجوّ رطبًا، والأرضُ لزجة. رأيْتُ نفوسًا عديدةً مصطفّة. كانت مُوثَقَةً ولا يُرى منها سِوى رؤوسها ووجوهها المُتألمة. سَمِعتُ أصوات شديدة كهدير الآلات وهي تعملُ، وكثيرًا مِن الضَّجيجِ والطَّرْقِ والصّراخ، كان ذلك متَّصل الحركة.
أمام هذه الرّؤوسِ، كان أحدُهم واقفًا ويَدهُ مَمدودة ومعه لابة يرشُّ بِها من اليسار إلى اليمين الوجوهَ المتورِّمة من الحروق. فجأةً، لاحظَ هذا الشخصُ، الَّذي عَلِمتُ أنَّهُ إبليس، وجودَنا والتفتَ صارخًا: " انظروا إليها!" وبَصَقَ على الأرضِ باشمئزازٍ وغضبٍ على مرأى مِن يسوع ومنِّي."دودة حقيرة! انظروا إليها, في هذه الأيام لدينا ديدان. تأتِي لتِمتَصَّ دمَنا. أرحلي من هنا!" ثم قالَ لِي "أُنظري!" وعادَ يرشُّ السّائل البركانِي على هذهِ الوجوه. وسمِعتهُم يَصرُخون: "آه دعنا نَموت…" وإبليس الَّذي كان كالمجنون يتفجَّرُ غضبًا، صَرَخَ: اسمعيني يا خليقة الأرض, إليّ أنت ستأتين!"
وفكَّرتُ بِبَساطة، رغم تَهديداته، أنّه كان أحمق لاعتقادِه أنّه سينتصرُ في النِّهاية. مِن المؤكَّدِ أنَّه قرأَ أفكاري إذ باحتقارٍ وتَهديد، قال:" لستُ أحمق!" وبِضحكةٍ خبيثة ولَهجةٍ تَهكُّمية قال لتلك النفوس المسكينة: "هل سمعتِم؟ لقد نَعَتتْني بالأحمق"! وبِسخرية: "أيَّتها النفوس الحبيبة، سأجعلكِ تدفعين ثَمنَ كلماتِها". واستعدَّ ليأخذَ من السائلِ البركانِي لِيرشَّه، فالتفَتُّ يائسة نَحو يسوع أسألُه أَنْ يفعلَ شيئًا! كي يوقِفَهُ! أجاب يسوع: "سأُوقفُهُ"
وفي اللَّحظةِ الَّتِي رفعَ فيها إبليسُ يدَهُ ليَرميَ السّائل، آلمته يَدُه فلَم يسْتَطِع ذلك. فَصرخَ من الألمِ وهو يَشتمُ يسوع، ثُمَّ قالَ لِي: "ساحرة! ارحَلي! نعم، ارحَلي، اتْركينا!" وسَمِعْتُ أصواتَ نفوسٍ تَصرخ، قـربَ أبواب جهنّم: "أنقذونا! أنقذونا!"واقترَبَ حينئذ أحدُهم مِن إبليس، عَلِمتُ أنَّهُ أحدُ أتباعِه، وسألَهُ إبليس: "هل تقوم بعمَلِك؟ هل تقوم بِما طلبتُهُ مِنكَ؟ اجرَحْها، أسحقها، خَفِّف من عزيْمَتِها".
علِمتُ هنا أنّ إبليس كانَ يقصدُنِي أنا. أرادَ مِن مِعاونِهِ أَن يُخَفِّفَ مِن عزيْمَتِي في لِقائي مع يسوع، بِمنحي كلماتٍ خاطِئةً أو بالقضاءِ على الرِّسائل الَّتِي أَتَلَقّاها. طلبت يسوع إن كُنَّا نستطيعُ الذَّهاب.