رابعا: الخطية الاولى:
كانت الخطية الاولى "روحية " في حقيقتها اذ كانت تمردا على الله، حيث تعارضت مشيئة المخلوق مع مشيئة الخالق (تك 3). لقد حبل بها بالشك: "احقا قال الله " ؟ وولدت بالشهوة اذ كانت " الشجرة جيدة للاكل " وقد إشعل الشهوة شوق شديد ورغبة عارمة في المساواة مع الله " تكونان كالله عارفين الخير والشر ". لقد دخلت الخطيئة من الخارج من عالم الروح بواسطة كائن غامض خارق للطبيعة استخدم " الحية، احيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الاله ". والعهد القديم لا يستخدم "الحية " مرادفا للشيطان، ولعل اوضح ما قيل عن الشيطان فيما قبل العهد الجديد هو " بحسد ابليس دخل الموت إلي العالم" ( الحكمة 2: 24).
ولكن الاتجاه العام لهذه القصة القديمة هو الربط بين خطية الإنسان الاولى وبين كائن غير بشري، واستخدم مطية معروفة للإنسان كمدخل إلي السقوط الهائل، وهو الامر الواضح جدا في العهد الجديد (يو 8: 44، 16: 11، 2 كو 11: 3، 1 تى 2: 13، عب 2: 14، رؤ 12: 9). فالقصة اذا على أي وجه قلبناها تحتوى على حقائق تاريخية عظيمة، ففيها نجد بلا ادنى ريب اقدم واصدق تراث للجنس البشري. وليس من ينكر ان الخطية قد دنست هيكل الله الحي الذي هو جسد الإنسان. لقد اصبح الجسد مدنسا ملوثا بالخطية. ونرى فيما يقوله الرسول بولس ان تطورا شهوانيا شاذا قد حدث في الإنسان الساقط، وان الخطية قد استقرت وتحصنت في الجسد الذي اصبح خاضعا على هذا الاساس للموت (رو 6 : 23، 7: 24). ولكننا نقول بكل تاكيد ان النظرية التي تربط الخطية بالجسد المادي، والتي تعتبره مصدر كل شهوة، ومن ثم تعتبر ان المادة شريرة في ذاتها، هي نظرية غريبة عن روح الاعلان الالهي وكلماته.