ثالثا: الجسد والخطية:
مما سبق، يتضح لنا ان الجسد في ذاته (أي المادة) لا يعني بالضرورة الفساد والشر كما كانت تنادي الفلسلفة اليونانية. فهو فكر لا اساس له في كلمة الله. فالثنائية الغربية التي نجدها في كتابات افلاطون، لا وجود لها مطلقا في كتابات الرسول بولس ولا في أي جزء اخر من الكتاب المقدس الذي يعلمنا بوضوح ان الجسد خاضع للنفس، كما يعلمنا ايضا بكل وضوح ان للجسد كرامته التي منحها له الخالق الذي صنعه من تراب، والذي اكرم الإنسان بتجسد المسيح القدوس الذي لم يعرف خطية بالرغم من ولادته من امراة، كما لم تكن فيه خطية اطلاقا رغم شاركته لنا في طبيعتنا البشرية (غل 4: 4، عب 2: 14، 4: 15)، بينما نرى الشر والخطية في " اجناد الشر الروحية في السماويات " الذين لا اجساد لهم (أف 6: 12). ومن هنا نرى ان الرسول بولس لا يربط بين الشر والجسم المادي الذي يشار اليه عادة بالكلمة اليونانية " ساركس " (Sarx) والتي تذكر نحو 130 مرة في العهد الجديد، وتترجم في بعض المواضع إلي " لحم" (مت 16: 17، لو 24: 39، رومية 2: 28، ا كو 15: 50، غل 1: 16، أف 5: 30، 6: 12.. الخ)، كما تترجم في مواضع اخرى إلي " جسد " (مت 19: 5 و6، 24: 22، 26: 41، مرقس 10: 8، 13: 20، 14: 8، يو 1: 13 و14، 6: 51، 8: 15، 17: 2، أع 2: 26 و30 و 31، رومية 1: 3، 3 : 20، 4: 1، 6: 19، 7: 5، 7 : 18.. الخ). كما ترجمت إلي " بشر" (لو 3: 6، أع 2: 17).
وندى ان تعليم القيامة رغم التمييز بين الجسم الروحاني والجسم الحيواني (1 كو 15: 44) يتعارض تماما مع القول بان مصدر الخطية هو الجسم المادي الطبيعي.