كيف نتغيّر؟
عندما اسأل هذا السّؤال: كيف نتغيّر لنكون قادرين أن نعمل إرادة الرب؟ فها نحن اليوم هنا، لكن غدا قد نكون قد انتقلنا, فمن منا سيكون مستعد للذهاب إلى السّماء؟ إن كنتم تريدون أن تعانقوا يسوع هناك، فلابد أن تعانقوا صّليبه هنا الآن على الأرض. أنكم لا تستطيعوا أن تفصلوا يسوع عن الصّليب.
عندما اسأل الناس: ما هى الخطوة الأولى كى نعمل إرادة الرب, هل يستطيع أحد أن يجيبني؟ "أحبّ قريبك كنفسك!", نعم، تلك هي إرادة الرب، لكن كيف نفعل ذلك؟ هناك كثيرين الذين لا يستطيعون أن يفعلوا ذلك. كيف نحصل على ذلك؟
التوبة! أن التوبة هى الشيء الأول. التوبة ستلّد ثمار المحبة. بعض الناس يدعون الروح القدس كي يستطيعوا أن يعملوا إرادة الرب، لكن الروح لا يستطيع أن ينزل علينا إن كنا نحيا في عمق الخطية. إن كنا نحيا فى الخطية فكيف نتوقّع أن يملأنا الروح القدس؟ لذا ينبغي أن نفرغ انفسنا ونعطي مساحة للروح القدس ليملأنا.
كلما عشنا حياة التوبة كلما سنصير أنقّى وسنترك مساحة للروح القدس كى يملأنا ويغيرنا. نستطيع بعد ذلك أن نعمل إرادة الرب. هذا هو كل فكر الحياة الحقيقية في المسيح. إن التوبة هى الباب الذى يقود النفوس من الظّلمة إلى النور. إنها أيضا علامة التواضع. "كلما كنتم متضعين كلما كان أيسر للروح القدس يجد طريقه فيكم" هكذا قال السيد المسيح فى احدي رسائله.
أن إلهنا يتكلّم هنا عن المساحة التي نتركها للروح القدس، لأن كل هذا التلوث يعوقه، وهو يريد أن يحطّم كل هذا كي يستطيع أن يجد موضعاً فيكم. أن تحطيم هذه الصخور يسمى بالتنقية، لأن الروح القدس يستطيع أن يغيّر نفوسكم بالكلية.
نحن لدينا عديد من الرّسائل عن الروح القدس، لأن الرب يسوع يقول: "أنكم تعرفوني, تعرفون الأب، من العهد القديم، لكنكم لا تعرفون الروح القدس جيّداً" ولذا فالرب يعطي عديد من التّعاليم عن سلطة الروح القدس وعن عمله. أنه مانح المحبة، مصدر الوحدة المسيحية، أنه أخوكم، وليمتكم، اللّؤلؤة، الحياة الأبدية وهو الباب نحو السّماء.
يقول الرب يسوع فى احدي رسائله:
حتى لو كنتم صحراء جرداء، فأن روحى القدوس يستطيع أن يغيّر نفوسكم
لأستطيع أن أجد راحتي فيكم.
أن روحى القدوس يستطيع أن يغيّر نفوسكم إلى قصر
حيث أستطيع أن أكون ملك وأملك عليكم.
أن روحى القدوس يستطيع أن يغيّر نفوسكم إلى سماء.
وفى هذه السّماء ستكونوا قادرين أن تمجّدوني
.
حيث أن الرب يسكن داخلنا، لذا فهو يريد أن يحولنا إلى سماء. حينئذ فقط سنكون قادرين أن نمجّد الرب. أن الروح القدس لا يستطيع أن يصنع طريقه في نفوس مخادعه، ولا يستطيع أن يمكث مع الخطية. هناك رسالة يقول الرب فيها:" أيها الجيل، لا تقولوا أنّكم ما زال لديكم وقت لتتقدّموا. تعالوا الآن، وتوبوا, فإنّ ثمر التوبة المحبة "
أودّ أن آخذ رسالة قصيرة من الكتاب المقدّس عندما كان يسوع يتكلّم عن سراج الجسد. ما
هو سراج الجسد؟ يقول الرب يسوع في رّسالة له:
تعلمون أن سراج الجسد هو العين
وهى فعلاً كذلك
لأن العين المريضة ليس لها أبصار
ولها فقط الظلمة
بينما العين السليمة ترى بوضّوح.
كل من لديه الروح القدس سيطلب الفضائل الحقيقية
ويكون ممتلئ من كنوز ملكوت الرب.
إن هذه الكنوز هي الفضائل.
عندما يغزو الرب نفس ما، فأنه يرفعها إلى حالة من النّعمة, لأنه يريد أن يحوّل تلك النفس إلى صورة كامله لنفسه. يقول الرب فى إحدى الرسائل عن هذا: "وسّعي قلبك كي تنالي المزيد من هذا, أتعطى نفسك إلينا أكثر كي نعطي أنفسنا إليك أكثر, هذا هو مُلكى عليك".
ليس كل من يقول يا رب يا رب سيدخل السّماء, لكن من يعمل إرادة الرب, إن إرادة الأبّ هى أنّ تتعلّم وأن تحب الرب من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل مقدرتك, وأن تحب قريبك كنفسك. يقول الرب يسوع في رّسالة له إن الإيمان ليس كافي. فالإيمان بدون أعمال المحبة لا يكفي. فكيف نتقدّم فى المحبة؟
جاء الرب يسوع ذات يوم وسألنى قائلا :"أريدك أن تصلي بلا توقّف" فقلت له: "إن هذا غير ممكن, كيف أصلّي بلا توقف؟ أن أترك واجباتي المنزلية فهذا مستحيل." فقال الرب لى :
أن تصلّي بلا توقّف لا يعني أنّي أريدك على ركبتيك أربعة وعشرون ساعة يوميا
أن الصلاة بلا توقّف صلاة بلا كلمات
إنها تُسمي الصلاة الصامتة
إنها صلاة تأمّلية
عندما ينشد قلبك الرب طوال اليوم
عندما يعطش قلبك للرب طوال اليوم
عندما تعيشين دوماً في الرب ويحيا الرب دوماً فيك
هذه هى الصّلاة التى بلا توقّف, وفي نفس الوقت فإنها أعظم أمنية للرب، إنها تعني أن يكون الرب عندك هو الأول. إنّ الوصية الأعظم هي أساس كل الوصايا الأخرى، لأنك تعيش دوماً في الرب ويحيا الرب دوماً فيك، لأن الرب قد سكب نفسه فيك ويريدك أن تسكب نفسك فيه، إنها حلقة. أن الرب يعطي محبتّه لكم لكنه يريدكم أن تعطوه محبتّكم بالكامل له. إنّه أن تفرغ نفسك. كلما كانت المساحة أكثر، كلما كان الرب فيك أكثر، وفي رّسالة أخرى يقول الرب:
أنى أفرح عندما أرى نفسي فيكم
أتمتّع بأن أحدّق فى نفسي فيكم
بكونكم تعكسون صورة المسيح.
فالرب يحبّ ذلك. أنه يحبّ أن يرى نفسه فيكم، وأن تصيروا واحد، قلب واحد، فكر واحد، وهذا يعني أن تعيشوا حياة حقيقية في المسيح, حينئذ يا لها من فرحة ستكون لكم لكونكم تحوزوا الرب ولكونكم تسمحون لأنفسكم أن تكونوا مملوكين من قبل الرب، لكونكم تسمحون للرب أن يحتلّكم، أن تحوزوه وأن يحوزكم. والرب يريد ذلك. أنه يريد أن يمتلككم. أنه أبّوكم. فماذا تريدون أكثر؟ إن الرب يريد أن يجعلنا نفهم كم هو أبّ.
عندما تكلّم الرب الأبّ لي لأول مرة، كان أبّاً، لم يكن مثل أي شخص، لأن هناك فرق واضح، لأنه عندما يتحدّث معك فأنك تُحبه, بلا شكوك, فالرّوح لا يستطيع أن يخدع.
لقد قال الرب لى مرة: دعيهم يحذفون أسم فاسولا ويضعوا أسمائهم بدلاً منه", فكل ما قاله الرب لى يقوله لكم, لذا عندما قال لى :"أنا أبّوك" أحسست كما لو أنني كنت أعرفه من قبل، كأنني قابلته من قبل. لقد كان صوته مألوفاً لى، كان بسيطا جدا, وديعا جدا. وقال:" لقد جئت منّي، أنك تنتمين ليّ، أنت نسلي، أنت لي." كل كلمة قالها كانت كأن شخص ما كان لديه فجوة في الذاكرة، وكما لو أنه لا يتذكّر من يكون، وفجأة، يستعيد ذاكرته، لأنه عندما يقول الرب "أنا أبّوك" فذلك يعود بنا للوراء, وكان بالضبط كأنني أدركت أنه حقا أبّي, أنني عظم من عظامه ولحم من لحمه, وعندما يصف يسوع الأبّ يقول هذه الكلمات." أبي هو الملك، مع هذا حنون جدا، هو الديان، مع هذا رقيق ومُحبّ، أنه الألف والياء، ومع هذا وديع جدا." ذلك هو الأبّ!