بعد هذا اليومِ المفرح الذى قَضيته مَع أبونا في السماء اندلع كُلّ غضب الجحيم! فهاجمَني إبليس بغاية الوحشية.
أول شيء سَمعته منه بَدا لى كزمجرة حيوان متوحش أكثر من كونها صوتاً. تلك الزمجرةِ بَدتْ تقَول: "أذهبي " .... ظَننتُ أن "أَذْهبُي" هذه تعَني أنّني يَجِبُ أَنْ أَتوقّفَ عن الاتصال بملاكِي وبالمسيح.
استدرتُ بكُلّ الحزن باحثِة عن ملاكِي، لكن إبليس بَدا أنْه أَخذَ كُلّ الفراغ, وبكراهيةِ عظيمةِ بَدأ يشَتْمني بكُلّ أنواع الشتائم. لقد كنت بغاية الألمِ وبغاية الذعرِ حتى إِنَّني كان مُمكنُ أنْ أَمُوتَ لولا أن السيد المسيح كَانَ لديه خطة لي.
إننى لمَ أشعر بمثل هذا الغضبِ من قبل, أَمرتُه بالاختفاء, وبَدا هذا يُزيد من غضبِه أكثر. لقد كَانَ كغضبِ إنسان مجنون هائجا, وكشخص بلا عقل زمجر، كان صوته أجشَ جداً عندما قالَ: "أيه؟ تراجعُي مِنْ هنا يا. . . تراجعي، وإلاَّ ستفعل نار الجحيم الباقي!" سَمعتُ نفسي أُجيبُه: "كلا!", بقولي "كلا" قصدت أننّي لَنْ أَتْركَ حضورَ السيد المسيح ولا ملاكُي, فعادَ ولُعِنني وشُتِمتُني بكُلّ الألفاظ القذرِة.
أنه لمن الصعب تَوضيح مثل هذا الحزنِ الذي يستطيع إبليس أَنْ يَغْرسَه في النفس, إن هذه الظاهرةِ التي تَحْدثُ لهى شّيء بالرغم من أن منطقِكَ يُخبرُك بأنك لَسْتَ مجنونَا، إلا أنك بنفسك لا تَستطيعُ السَيْطَرَة على ذلك. هذا الحزنِ يجيء فى المعتاد على موجاتِ، كما لو أنَّ إبليس بنفسه لم يكَن فيه الكفاية، فأرسلَ شياطينَ أخرى لمُهَاجَمَتي. وعندما كَانوا يُهاجمونَني كَانَ شئ ما مُخيف ينَمُو داخلي، شئ لا علاقة له بالخوفِ الخارجيِ. كَانَ شْعور بأنّني غير قادرة على دَفْعهم.
في هذه اللحظاتِ الفظيعةِ، اللحظات التي جَعلتْني أُصدّقُ أحياناً أنني أَفْقدُ عقلي، كان ملاكي يقُول لَي كلمةَ واحدة فقط: "صلّي!", فصَلّيتُ واستجديتُ ملاكَي أن يسَاعَدَني على الخْروجُ مِنْ هذه التجربةِ، لأنها بْدت أنها ستدوم إلى الأبد.