عرض تفصيلي
كلمة سامية وردت بهذا اللفظ في العبرية والفينيقية والاشورية والارامية والسريانية والسبئية والحبشية كما في العربية. وقد وردت في الكتاب المقدس بمعان كثيرة منها:
(1) السلف المباشر للإنسان أي والده (تك 2: 24? (2) 42: 13) وكان للأب في الاسرة العبرانية وكذلك في الاسرة الرومانية سلطة مطلقة على اولاده، (3) فكان مِنْ حقه مثلًا ان يتصرف كما يشاء في زواج ابنته (تك 29: 1-29) وفي تدبير زواج ابنه (تك ? 24) وكان له ان يبيع اولاده ان اراد ذلك (خروج 21: 7) كما كان له عليهم حكم الموت أو الحياة كما نرى في تقدمة ابراهيم اسحاق ابنه (تك ?22) وكذلك ابنة يفتاح (قض 11: 34 وما بعده) وكان الآباء قديمًا يقدمون اولادهم ذبيحة لمولك (لاويين 18: 21) واحترام الآباء واكرامهم، (4) وكذلك الامهات، (5) كان واجبًا لزامًا على الاولاد (خروج 20: 12? (6) لاويين 19: 3? (7) تثنية 5: 16). (8) الجد أو الاسلاف على وجه عام (تك 28: 13? (9) 1 ملو 22: 50? (10) ارميا 35: 6) وقد ورد ذكر آباء بمعنى الاسلاف عامة ما يزيد على خمسمائة مرة في العهد القديم.
وكذلك اطلق اللفظ "آباء" على الاصول الاولى في الامة والقبيلة والديانة كما في رومية 9: 5 "ولهم الآباء" وخروج 6: 14 "هؤلاء رؤساء بيوت آبائهم" .
(11) اطلق هذا اللفظ رمزيًا: أ .على الاب الروحي الذي ينفث من روحه في غيره سواء كان تأثيره طيبًا أو على النقيض من ذلك. فقد دعي ابراهيم "ابو المؤمنين" (رومية 4: 11) كما دعي ابليس أب الاشرار "انتم من أب واحد وهو ابليس" (يوحنا 8: 44).
ب . وللدلالة على التشابه والتقارب والتماثل "وقلت للقبر انت أبي" (ايوب 17: 14).
ج . وعلى مصدر الشيء كما في افسس 1: 17 "ابو المجد" ? ايوب 38: 28 "هل للمطر أب" .
د .وعلى الخالق كما في يعقوب 1: 17 "ابو الانوار" .
هـ.وعلى مبتدع فن ما أو عمل ما أو مبتكر اسلوب خاص للحياة كما في تكوين 4: 20 "أب ساكني الخيام ورعاة المواشي" .
و . على الشخص الذي تظهر فيه خاصيات الابوة كما في مز 68: 5 "ابو اليتامى" .
ز . على من يقوم بعمل المرشد والمشير والمهتم بامر من الامور كما في تك 45: 8 "وهو قد جعلني ابًا لفرعون" وقض 17: 10 "وكن لي ابًا وكاهنًا" .
ح . على رئيس محترم مكرم كما في 2 ملوك 5: 13 "فتقدم اليه عبيده وكلموه وقالوا: "يا ابانا" واطلق بخاصة على الانبياء كما في 2 ملوك 2: 12 "وكان اليشع يركض وهو يصرخ: "يا ابي يا ابي مركبة إسرائيل وفرسانها؛" كما اطلق على المتقدمين في السن والمقام (1 يوحنا 2: 14) "اكتب اليكم ايها الآباء" وعلى المسيحيين الاولين كما في 2 بط 3: 4. "من حين رقد الاباء" .
(12) يعتبر الله في الديانة المسيحية ابًا فيقال "ابانا الذي في السماوات" وهكذا (مت 6: 9?14?26) ويدعى الله "ابو ربنا يسوع المسيح" (2 كو 11: 31) وان قوة العلاقة وغنى المجبة والنعمة المتضمنة في هذا التعبير العميق والخاصة بانجيل المسيح تبدو واضحة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). وقد اعلن الله في العهد القديم كأب للشعب المختار (خروج 4: 22)? (13) وللملك الذي كان الممثل الخاص للشعب (2صم 7: 14) وتظهر ابوته في ترأفه "كما يترأف الأب على البنين يترأف الرب على خائفيه" (مز 103: 13). ولكن ابوة الله هذه اعلنت بانها نفس جوهر الذات الالهية وبانها وثيقة الصلة بالإنسان، (14) في انجيل المسيح فقط. فاننا نستخلص من كلمات وحياة يسوع انه دعا الله "ابًا" ليس لانه الخالق أو الحاكم أو بسبب عهده مع ابراهيم ولكن لانه يحبنا. وقد وردت كلمة أب تسعين مرة في انجيل يوحنا وخمس مرات في مرقس وسبع عشرة مرة في لوقا وخمسًا واربعين مرة في متى. وفي كل مرة من هذه المرات، (15) ما عدا اربع، (16) ورد هذا القول على فم يسوع.
وابوة الله تسير في اتجاهين الاتجاه الاول: ابوته للبشر بالخلق والثاني: ابوته للمؤمنين بالنعمة. فقد خلق الله الإنسان مشابهًا طبيعته حتى تتحقق بنوته لله ولكن الخطيئة وقفت حائلًا دون تحقيق هذه الغاية التي لا يمكن تحقيقها الآن الا بالفداء ولذا فتعتبر بنوة المؤمنين لله امتيازًا لا يُنْطق به ومجيد (1 يوحنا 3: 1). وهي تنال بالنعمة بالميلاد الثاني (يوحنا 1: 12?13) والتبني (رومية 8: 14?19) وفي هذه العلاقة الممتازة في القرب من الآب يعتبر المؤمنون ابناء الله بمعنى خاص بهم دون غيرهم (كولوسي 1: 13?14) وهذه العلاقة ليست بحسب الطبيعة ولكنها بالنعمة.