تعليق : من ابراهيم القبطي
نجد في حروب العهد القديم
1) لم تكن بهدف نشر الدين اليهودي (لا يمكن الحكم على الضمائر من جهة الايمان أو عدمه بقوة السيف ، واليهودية لم ولن تكون ديانة تبشيرية أو دعوية)
2) لم تكن شريعة أو سنَّة (اليهود لم يحاربوا على سنة موسى أو يشوع أو داوود) كلها كانت حروب موجهة تجاة شعوب معينة ولم يجعلها اليهود نبراسا أو سنة أو شريعة لقتال العالم أجمع (محددة زمانيا بالحدث نفسه)
3) لم تكن موجهة للعالم كله بل تجاه شعوب معينة (محددة مكانيا وجغرافيا)
4) لم تكن دائما موجهة للشعوب الوثنية : بل وبعدل الإله كانت توجهة ضد من يخطئ ، والأمثلة كثيرة على عقوبات إلهية موجهة للشعب اليهودي نفسه على أيدى شعوب وثنية لأنهم كسروا العهد مع الرب
5) دائما وكانت لها أسبابها ، ومنحت الكثير من الفرص لهذه الشعوب بالتوبة : كمثل شعب عماليق الذي صبر عليه الرب أكثر من ثلاث قرون قبل أن يأمر بإفنائه
وهذا أوضح في قصة يونان مع شعب نينوى في سفر يونان الاصحاح الثالث والذي لم يعاقب فيه الرب الشعب التائب
ثُمَّ صَارَ قَوْلُ الرَّبِّ إِلَى يُونَانَ ثَانِيَةً:
«قُمِ اذْهَبْ إِلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ وَنَادِ لَهَا الْمُنَادَاةَ الَّتِي أَنَا مُكَلِّمُكَ بِهَا».
فَقَامَ يُونَانُ وَذَهَبَ إِلَى نِينَوَى بِحَسَبِ قَوْلِ الرَّبِّ. أَمَّا نِينَوَى فَكَانَتْ مَدِينَةً عَظِيمَةً لِلَّهِ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ.
فَابْتَدَأَ يُونَانُ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَاحِدٍ وَنَادَى: «بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً تَنْقَلِبُ نِينَوَى».
فَآمَنَ أَهْلُ نِينَوَى بِاللَّهِ وَنَادُوا بِصَوْمٍ وَلَبِسُوا مُسُوحاً مِنْ كَبِيرِهِمْ إِلَى صَغِيرِهِمْ.
وَبَلَغَ الأَمْرُ مَلِكَ نِينَوَى فَقَامَ عَنْ كُرْسِيِّهِ وَخَلَعَ رِدَاءَهُ عَنْهُ وَتَغَطَّى بِمِسْحٍ وَجَلَسَ عَلَى الرَّمَادِ.
وَنُودِيَ فِي نِينَوَى عَنْ أَمْرِ الْمَلِكِ وَعُظَمَائِهِ: «لاَ تَذُقِ النَّاسُ وَلاَ الْبَهَائِمُ وَلاَ الْبَقَرُ وَلاَ الْغَنَمُ شَيْئاً. لاَ تَرْعَ وَلاَ تَشْرَبْ مَاءً.
وَلْيَتَغَطَّ بِمُسُوحٍ النَّاسُ وَالْبَهَائِمُ وَيَصْرُخُوا إِلَى اللَّهِ بِشِدَّةٍ وَيَرْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيئَةِ وَعَنِ الظُّلْمِ الَّذِي فِي أَيْدِيهِمْ
لَعَلَّ اللَّهَ يَعُودُ وَيَنْدَمُ وَيَرْجِعُ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ فَلاَ نَهْلِكَ».
فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ أَنَّهُمْ رَجَعُوا عَنْ طَرِيقِهِمِ الرَّدِيئَةِ نَدِمَ اللَّهُ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي تَكَلَّمَ أَنْ يَصْنَعَهُ بِهِمْ فَلَمْ يَصْنَعْهُ.
6) كل حرب في العهد القديم كان حكم الرب فيها مختلفا ، فمرة يأمر بالابقاء على الشعب ، ومرة يأمر بإفنائه ، ومرة ينتقي من يبقى ، ومرة يحرم حتى البهائم …
ومن هذا يمكن استنتاج أن كل شعب أمام الرب كان حالة خاصة تختلف فيها قابلية الإصلاح أو التوبة من عدمه … وبهذا أختلفت الأوامر الإلهية في كل حالة
7) كل هذه الحروب والعقوبات (الغير تشريعية) هي جزء من العهد القديم يشرح معاملات الرب مع الإنسان (يهودي أو وثني) … عندما يخطئ دون توبة ومحاولات إصلاح كثيرة
مع اليهودي كانت العقوبات أشد لأنه أقام عهدا مع الرب ، فكانت خطيئته أعظم
مع الوثني لم تكن العقوبات لأنه كسر عهدا مع الرب (لأنه لم يكن هناك عهد من الأساس) بل كان عقوبات على جرائم محددة بعينها سواء جرائم أخلاقية (مثل الزنا والفجور وتقديم ذبائح بشرية) أو جرائم ضد الشعب اليهودي (مثل عماليق)
يهوه في العهد القديم لم يكن يحب الحرب والدم ، فهي حروب آلمت قلب الرب المحب ، ولكنها عادلة في تنفيذها العقوبة ، لأنه قدوس .
مثال ما قاله الرب لداوود
وَقَالَ دَاوُدُ لِسُلَيْمَانَ: «يَا ابْنِي, قَدْ كَانَ فِي قَلْبِي أَنْ أَبْنِيَ بَيْتاً لاِسْمِ الرَّبِّ إِلَهِي. فَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: قَدْ سَفَكْتَ دَماً كَثِيراً وَعَمِلْتَ حُرُوباً عَظِيمَةً, فَلاَ تَبْنِي بَيْتاً لاِسْمِي لأَنَّكَ سَفَكْتَ دِمَاءً كَثِيرَةً عَلَى الأَرْضِ أَمَامِي. (1أخبار 22 :8 )
————————-