عرض مشاركة واحدة
قديم 13 - 05 - 2012, 06:48 AM   رقم المشاركة : ( 26 )
Magdy Monir
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Magdy Monir

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 12
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 58
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 51,017

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Magdy Monir غير متواجد حالياً

افتراضي البابا كيرلس و دولة أثيوبيا

البابا كيرلس و دولة أثيوبيا


موضوع متكامل عن حياة ومعجزات البابا كيرلس السادس بطريرك الكرازة المرقسية الـــــ 116


أثيوبيا جزء غال وحبيب فى الكرازة المرقسية. دخلتها المسيحية فى القرن الرابع الميلادى على يد القديس المصرى فرومنتيوس فى عهد البابا أثناسيوس الرسولى.وظلت علاقتها وطيدة بالكرسى المرقسى منذ ذلك الوقت. كما أن الكنيسة القبطية موضع احترام وتقديس الأثيوبيين حكام ورعية.
ولكن عدو الخير لا يهدأ يريد أن يمزق الجسد الواحد ، ومع ازدياد نزعات الاستقلال الوطنى فى العالم اجمع، ومع دسائس الاستعمار، ومع الضعف الذى أصابالكنيسة القبطية فى سنيها الأخيرة التى سبقت مجىء البابا كيرلس السادس كل هذا أوهن العلاقة بين الكنيستين بحث أصبحت مهددة بالانفصام، حتى انه كان منالمحتمل ألا يصل وفد أثيوبى لحضور حفل رسامة البابا كيرلس السادس. وعلى ذلك كان من الأعمال الهامة التى اضطلع بها قداسته فى بداية حبريته هو العملعلى إيجاد صيغة جديدة للعلاقة بين الكنيستين القبطية والأثيوبية، وهو الأمر الذى كان يحتاج إلى كثير من الحكمة والمرونة.

وقد أرسل قداسته رسالة - بعد ظهور القرعة الهيكلية وقبل الرسامة - إلى جلالة الامبراطور هيلاسلاى قال فيها: ".. أبعث بهذه الرسالة إلى جلالتكم بعد أن شاءتنعمة الله واختارت ضعفى لهذا المنصب الخطير، لأنه "لا يأخذ هذه الكرامة إلا المدعو من الله كما هرون أيضاً" (عب 5: 4).
وأنى اشعر بدعوة الله وبجسامة المسئوليات التى تتطلبها رعاية النفوس أثق أن الذى دعانى هو القادر أن يعيننى على توجيه سفينة كنيسته إلى ميناء الخلاص.ويهمنى أكثر ما يهمنى أن تقوم هذه الخدمة المقدسة على الأسس المسيحية القوية من محبة وإخلاص وسلام.
ويسرنى أن اعبر لجلالتكم عن ما يكنه قلبى من حب وافر وتقدير عظيم لشعبنا الأثيوبى العزيز ، ولكنيسة مارمرقس ببلادكم المباركة. ولا شك انه متى سرتمحبة الله المسيحية الحقيقية والفهم والتقدير المتبادل، فإنه يمكن تذليل كل الصعوبات ، والوصول إلى حلول مرضية وبدء عهد جديد يساعد على توطيد هذه الرابطةالمقدسة التى طالما حاميتم عنها جلالتكم، وسهرتم على صيانتها وتوطيدها طوال حياتكم.

فكل هدفنا هو تحقيق رسالة السيد المسيح فى كنيسته وخلاص نفوس الشعب ورفعة الكنيسة. وفى سبيل ذلك تستطيع المحبة أن تعمل كل شئ وتتغلب علىالصعاب بسلام. أن احتياجات الكنيسة الأثيوبية العزيزة ستكون من أول ما سنبحثه فى المجمع المقدس إن شاء الله بعين الرعاية والتقدير بعد الرسامة، أنى واثقبأن أخوتى الآباء المطارنة والأساقفة فى الإقليم المصرى ، يقدرون معى هذه الاحتياجات التى سنقابلها بنعمة الرب ، بنفس روح المحبة لتقوية كنيسة القديسمرقس.
ومما يزيد ابتهاجى أن يشترك اخوتى ليقانا باباسات (مطران) وأساقفة أثيوبيا فى وضع أيديهم على رأس بابا الإسكندرية فى صلاة الرسامة لأول مرة فى تاريخكنيستنا، مما سيزيدنى شعوراً بعمق هذه الرابطة وقوتها. كذلك يسرنى أن توافدوا جلالتكم مندوبين عن شخصكم العزيز، وكذلك لقانا باباسات وأساقفة أثيوبياحتى يشتركوا فى هذه المناسبة التاريخية يوم الأحد 10 مايو سنة 1959.

وأنى أتطلع بعين الفرح إلى ذلك اليوم الذى ألتقى فيه بجلالتكم فى أثيوبيا العزيزة، وفى الإقليم المصرى أيضاً حتى يتم سرورنا الروحى فى الرب ...".
ثم عادل قداسة البابا فى 16 مايو 1959 - أى بعد الرسامة - وأرسل رسالة أخرى إلى جلالة الإمبراطور ، قال فيها ".. لقد تأثرنا بالغ التأثر، وقدرنا شعور الألمالذى عبرتم عنه جلالتكم فى رسالتكم الشفهية لعدم تمكنكم من الاشتراك فى حفل الرسامة.
ونحن نضرع إلى الله أن تحل نعمة روحه القدوس فترد إلى الكنيسة سلامها وطمأنينتها بروح المحبة المخلصة والتسامح التى ضمناها فى رسالتنا السابقة ".. انسىما هو وراء وامتد إلى ما هو قدام " (فيلبى 3: 13). ضارعين إلى الله أن يجعل هذه الروح تسود على الكنيسة ، والعالم أجمع حتى يعم السلام والرخاء.

ونحن نقدر ونشكر للعواطف النبيلة التى أيدتموها جلالتكم نحو شخصنا الضعيف، فبهذه الروح سنتعاون جميعنا على تحقيق مقاصد السيد المسيح المقدسة فىحياتنا. ان الاحتياجات الروحية والاجتماعية المتزايدة لشعب الله فى هذه الأيام ومسئوليات الكنيسة نحوها تتضاعف يوماً بعد آخر مما يتطلب العناية بتنظيم أعمالالكنيسة الرعوية والإدارية بالطريقة التى تمكنها من تأدية رسالتها، وتحقيق مسئولياتها على الوجه الذى يريح ضميرنا أمام الله عن جسامة هذه المخدومة منا (2كو8: 20).
وسيشمل هذا التنظيم بنعمة الله جميع أقاليم الكرازة المرقسية التى يتسع عمل الرب فيها بشكل ملحوظ.

ولشعورنا بازدياد التبعات الملقاة على كنيسة مارمرقس فى أثيوبيا فى نهضتها الحديثة ، بفضل جلالتكم واهتمامكم ، يسرنا أن يكون رفع مركز رئيس كنيسةمارمرقس بأثيوبيا موضع عنايتنا بصفة خاصة، مع تنظيم سلطاته فى الرسامات بما يرشدنا إليه الروح القدس، ونحن نثق أن الرب سيرشدنا إلى ما فيه خيرالجميع ، حسب وعدة الصادق، لأنه حينما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمى فهناك أكون فى وسطهم" (متى 18: 30).
لذا يسرنا أن نوفد إليكم اخوتنا الآباء المطارنة .. لتأكيد مشاعرنا السابق التعبير عنها، ولدعوة من يقع عليه اختيار جلالتكم من أبناء الكنيسة للحضور الينا،والاشتراك فى دراسة هذا التنظيم ، ورسم حدوده ومسئولياته تحت قيادتنا الشخصية ، حتى تحقق الكنيسة رسالتها لمجد الله وخلاص النفوس.

ولا يفوتنا أن نعبر لجلالتكم عن ازدياد سرورنا حينما سمعنا نبأ قرب تشريفكم للإقليم المصرى ، الأمر الذى ابتهج له الجميع لشوقهم إلى شخصكم المحبوبوأثيوبيا العزيزة.
وبناء على اقتراح البابا ، حضر إلى القاهرة وفد أثيوبى. وبدأت المفاوضات التى مثل الكنيسة القبطية فيها: نيافة الأنبا لوكاس مطران منفلوط المتنيح ، والأنبايؤانس مطران الخرطوم المتنيح والأنبا باسيليوس مطران القدس ، والمهندس يوسف سعد والسادة السفراء عدلى اندراوس ، وديمترى رزق والأستاذ دكتور مرادكامل ، وسكرتارية القمص مكارى السريانى (نيافة الأنبا صموئيل أسقف الخدمات).
وانتهت المفاوضات إلى اتفاقية أقرها المجمع المقدس ، وتم توقيعها فى 25 يونيو 1959. والملاحظ أن قداسة البابا كان يدرس مع وفد المفاوضات المصرى كلنص من نصوص الاتفاقية دراسة مستفيضة.


وفيما يلى نص الإتفاقية:
1- بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية خليفة القديس مارمرقس الإنجيلى ، وهو الأب الروحى الأعلى لكنيسة القديس مرقس بأثيوبيا، ويجب أن يكونعلى الدوام قبطياً مصرياً من والدين مصريين، ومقره الدائم كرسى الإسكندرية فى الإقليم المصرى وسلطانه مصون وشخصه فوق أى تجريح.

ويذكر اسم بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية فى كل القداسات والصلوات بأثيوبيا، وتكون زيارة قداسة بابا الإسكندرية لأثيوبيا موضع الترحيبويقابل قداسته بجميع مظاهر التكريم والتبجيل الجديرة بمركزه السامى باعتباره الأول فى الكنيسة.

2- يشترك ممثلون عن أثيوبيا بعدد محدود مع الناخبين المصريين فى انتخاب خليفة القديس مرقس ويحدد عددهم قداسة البابا.
3- يجب أن يكون قائمقام الكرازة المرقسية على الدوام قبطياً مصرياً من والدين مصريين.
4- يرفع مركز مطران (ليقانا باباسات) الكنيسة الأرثوذكسية للدولة الأثيوبية، وهو خليفة القديس تكلا هيمانوت إلى بطريرك جاثليق (رئيساً لقانا باباسات) ويختاروفقاً لقوانين وتقاليد كرسى القديس مرقس بالإسكندرية من بين الرهبان الأثيوبيين الذين لا تعلو مرتبتهم عن درجة القمص ، (وهو المبدأ المعمول به فى سائرالكرازة المرقسية) على انه نظراً لظروف خاصة يستثنى فى هذه المرة فقط رفع درجة مطران أثيوبيا الحالى الأنبا باسيليوس إلى بطريرك جاثليق.

5- عندما يتم اختيار بطريرك جاثليق أثيوبيا وفقاً لقانون الكنيسة ، وعندما يعتمد هذا الاختيار ويصدق عليه من صاحب الجلالة الإمبراطور. تجرى سيامتهوتنصيبه وفقاً لقانون الكنيسة على يد البابا البطريرك الجالس على الكرسى السكندرى للقديس مرقس.
6- يؤذن لبطريرك جاثليق أثيوبيا بسيامة مطارنة وأساقفة على الأمكنة التى تستلزمها حاجة كنيسة أثيوبيا، على انه يجب أساساً قبل سيامتهم أن يقطع المطارنةوالأساقفة المنتخبون على أنفسهم العهد الكتابى الملحق بهذا ويرسل هذا العهد الموقع منهم إلى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية فوراً بعد اعتماد انتخابهممن جلالة إمبراطور أثيوبيا.
7- ولكى يعتمد البابا تسجيلهم رسمياً ، يرسل البطريرك جاثليق أثيوبيا مع هذا العهد الموقع منهم تاريخ حياة المطارنة والأساقفة والبيانات الخاصة بهموبإيبارشياتهم ويأمر البابا بإرسال تاريخ حياة مطارنة وأساقفة الكرازة المرقسية مع ذكر إيبارشياتهم إلى جميع أقاليم الكرازة.

8- كلما رأى البابا أن يعقد اجتماعاً لمعالجة المواضيع المتعلقة بالعقيدة أو الأمور التى تمس عموم كرازة القديس مرقس يحيط بطريرك جاثليق أثيوبيا علماً بذلك،ويؤلف قداسته مجمعاً مقدساً عاماً من بين مطارنة وأساقفة المجمع المقدس المصرى وسائر المجامع المقدسة الإقليمية بالكرازة المرقسية للفصل فى هذه المسائل.

وكلما أثير أمر يمس شخصية بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية أو ينال من قداسته، يختص هذا المجمع المقدس أيضاً بالفصل فى ذلك.

9- يحتل بطريرك جاثليق اثيوبيا فى أثناء حياة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية المركز الثانى فى المنزلة بعد البابا، وفى حالة غياب البابا يحتلبطريرك جاثليق أثيوبيا المركز الثانى فى المنزلة بعد قائمقام الكرازة المرقسية.
10- يعين بابا الكرازة المرقسية ممثلاً كنسياً مصرياً فى أثيوبيا وممثلاً كنسياً أثيوبياً فى مصر لتسهيل العلاقات بين نواحى الكرازة المرقسية فى مصر وأثيوبيا.
11- توثيقاً لدوام الصلاة الروحية القائمة بين كنيسة مصر وكنيسة أثيوبيا سيجرى فى مجال التعليم الدينى تبادل فى الأساتذة والطلبة وبالمثل فيما يخص حياةالرهبنة سيجرى تبادل الرهبان.
12- تخضع الأمور الآتية لمشاورات متصلة بين قداسة البابا وبطريرك جاثليق أثيوبيا.

أ- تقرير إنشاء ايبارشيات جديدة للكرازة المرقسية خارج الأقاليم القائمةحالياً التى ستظل لشاغليها وسيامة مطارنة وأساقفة لتلك الايبارشيات الجديدة كلما أثير هذاالأمر من جانب بطريرك جاثليق أثيوبيا.
ب- إنشاء لجان خاصة لدراسة الشئون المتصلة بالنهضة الروحية والدراسات الدينية وتنظيم البعثات.

***

والحق بهذا الشرط نص العهد الذى يتعهد به المطارنة والأساقفة الأثيوبيين عند سيامتهم وهو كما يلى:

"أتعهد أنا --- بأن أظل أمينا لعقيدتى وإيمانى القبطى الأرثوذكسى إيمان كنيسة الإسكندرية وكرسى القديس مرقس الإنجيلى. وأتعهد أن أحترم قوانين كنيستناالتى انتقلت إلينا من الرسل وخلفائهم القديسين الثلاثمائة والثمانية عشر المجتمعين بنيقية وآباء الكنيسة وأن اجل بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسيةخليفة القديس مرقس وأن اعتبره بابانا.

وقد عاهدت نفسى ألا اشترك فى سيامة بطريرك أثيوبيا أو أى بطريرك آخر دون موافقة واعتماد قداسة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وأعد أن أظلوفياً لعهدى أمام الله والكنيسة".
وتعتبر هذه الاتفاقية من الأعمال الخالدة التى أنجزها قداسة البابا بمعونة السماء . ووثيقة هامة فى تاريخ العلاقة بين الكنيستين ، فحفظتها قوية متينة، واغتبط لهاالشعب الأثيوبى.
وقد تم رفع درجة الأنبا باسيليوس (المتنيح) من درجة مطران أثيوبيا إلى بطريرك جاثليق، وذلك فى يوم 28 يونيه 1959 ، فى حفل أقيم بالكاتدرائية المرقسيةبالقاهرة ، أذيع على الهواء. وقد حضره جلالة الإمبراطور هيلاسلاسى.

زيارات البابا لأثيوبيا

لم يزر أثيوبيا عدد يذكر من باباوات الإسكندرية . فالزيارة الأولى قام بها البابا ميخائيل أبان حكم الخليفة المنتصر بالله . والزيارة الثانية فى عهد البابا كيرلسالرابع. ولم تكن هاتان الزيارات بغرض رعوى، بل لحل مشاكل سياسية بين مصر وأثيوبيا.
وقد قام الأنبا يؤانس سنة 1930 بزيارة ثالثة تعتبر الزيارة الرعوية الأولى. وجاءت زيارة البابا كيرلس السادس لتكون هى الزيارة الرعوية الثانية ، ثم عادوزارها مرة أخرى لرئاسة مؤتمر الكنائس الشرقية الأرثوذكسية ، فكان بذلك أول بطريرك يزور أثيوبيا مرتين.

الزيارة الأولى
سافر قداسته إلى أثيوبيا فى فجر يوم الأربعاء 26 أكتوبر سنة 1960. وقد قضى الساعات السابقة لسفره فى صلاة بدأت فى التاسعة مساء ، واستمرت حتىمنتصف الليل، واشترك فيها بعض المطارنة ورجال الاكليروس والشعب. وبعدها صاحبته الجموع إلى المطار، وودعته وداعاً حاراً. ووصل قداسته أديس أبابا عندالظهر، واستقبل فى المطار استقبالاً رسمياً كرؤساء الدول. وكان على رأس المستقبلين جلالة الإمبراطور هيلاسلاسى ، وأعضاء الأسرة الإمبراطورية ،والبطريرك الجالثليق، ورئيس الوزراء ، والوزراء والأساقفة ، وحكام المقاطعات. وأطلقت المدافع 21 طلقة ، ثم توجه البابا بعد وصوله إلى كاتدرائية الثالوثالأقدس، حيث أقام صلاة الشكر. وفى المساء حضر حفل استقبال كبير فى القصر الإمبراطورى. ثم أقام صلاة رفع بخور عشية بكنيسة العذراء الخاصة بالدارالبطريركية.

وفى يوم الخميس دشن كنيسة رئيس الشمامسة اسطفانونس، وطاف حولها بصحبة الإمبراطور ثلاث مرات فى موكب دينى جميل. ثم زار بعد ذلك كنيسة العذراءالطاهرة بجبل (أنطوطو) ، وفى المساء أقام قداسته صلاة رفع بخور عشية بكنيسة "ملص آلم" مخلص العالم.
وفى يوم الجمعة زار كنيسة "أديس آلم" أى العالم الجديد ، وهى كنيسة ذات شهرة دينية وتاريخية ذائعة الصيت فى أثيوبيا. وبعد الظهر زار كلية الثالوث الأقدساللاهوتية بأديس أبابا، وقد القى مديرها "الأسقف بولاديان الأرمنى الأرثوذكسى" كلمة ترحيب بقداسة البابا . وفى المساء أقام صلاة رفع بخور عشية بالكنيسة التىيوجد بها ضريح الإمبراطور منليك الثانى.

وفى يوم السبت أقام قداسته صلاة القداس حسب عادته كل صباح فى كنيسة مخلص العالم . ثم توجه إلى دير "ليبانوس" أشهر دير أثيوبى حيث يوجد قبر القديستكلا هيمانوت وهو يبعد عن العاصمة بمسافة تزيد عن الساعتين بالسيارات. وبعد ذلك توجه إلى كنيسة "تسجى مريم".
وفى صباح الأحد أقام القداس الإلهى بكاتدرائية العذراء مريم بالبطريركية بأديس أبابا. وتناول الإفطار بعد ذلك على مائدة الأنبا باسيليوس البطريرك الجاثليق. وفىالمساء أقام قداسته صلاة رفع بخور عشية فى كنيسة قصر رئيس مجلس الشيوخ.
وفى فجر يوم الاثنين أقام قداسته فى كنيسة مارمرقس الملحقة بالقصر الإمبراطورى حضره الإمبراطور وأعضاء الأسرة الإمبراطورية وتناولوا من الأسرارالمقدسة . وعلى متن طائرة من سلاح الطيران الأثيوبى سافر قداسته إلى منطقة "لاليبلا" ذات الشهرة العالمية لكنائسها الاثنى عشر المنحوتة فى الجبل من القرنالثانى عشر. وقد استغرقت الرحلة ست ساعات منها ثلاث ساعات بالطائرة ومثلها بالسيارات فى طرق جبلية وعرة.

وبدأ قداسته يوم الثلاثاء بإقامة صلاة القداس فى كنيسة "مخلص العالم" وزار مستشفى القديس بولس وتفقد مرضاه جميعاً. ثم زار مدرسة تدريب الشرطة ، ومدرسةالقديس بولس اللاهوتية . وأقام صلاة رفع بخور عشية فى كنيسة رئيس الملائكة جبرائيل.
أما يوم الأربعاء وهو اليوم الثامن للرحلة ، فكان يوافق يوم الاحتفال بالعيد الثلاثين لتتويج جلالة الإمبراطور. فتوجه البابا إلى كنيسة القديس جورجيوس لابساًالملابس الكهنوتية الأثيوبية ، وخرجت العاصمة كلها لتحيته واستقباله. وعندما وصل جلالة الإمبراطور إلى الكنيسة ، استقبله البابا عند الباب وعانقه، وتأبطذراعه إلى داخل الكنيسة.

وبعد ذلك توجه قداسته إلى البرلمان الأثيوبى ، ومن المقصورة الإمبراطورية الكبرى تابع مراسيم افتتاح الدورة البرلمانية. ثم عاد قداسته إلى كنيسة القديسجورجيوس وأقام القداس الإلهى الذى انتهى فى الثالثة بعد الظهر، إذ كان اليوم أربعاء. وفى مساء ذات اليوم أقام جلالة الإمبراطور حفلاً لتوديع قداسته راجياً منهأن يكرر هذه الزيارة الرعوية. كما حضر حفل التوديع الذى أقامه له الأنبا باسيليوس البطريرك الجاثليق بالبطريركية . وأقام البابا صلاة رفع بخور عشية فىكنيسة الملاك روفائيل.
وفى اليوم التاسع للرحلة أقام قداسته قداساً فى كاتدرائية الثالوث الأقدس فى أديس أبابا . ثم استقل قداسته ومرافقوه وأعضاء بعثة الشرف طائرة خاصة إلى منطقةجوندار. وعند بحيرة تانا منبع النيل الأزرق هبطت الطائرة إلى ارتفاع منخفض وباركها قداسته . ولما وصلت الطائرة إلى مطار جوندار كان فى استقباله حاكمالمقاطعة والكهنة والشعب. وبعد أن قضى قداسته بعض الوقت هناك سافر إلى إقليم إرتريا ، وتفقد أبنائه هناك.

وبذلك انتهت الرحلة الرعوية الأولى لأثيوبيا. وكان البابا فيها موضع ترحيب من الجميع فقد أقيم لقداسته خلالها العديد من حفلات الاستقبال والتكريم. وكانقداسته أول باباوات الإسكندرية الذى يزور أقاليماً أثيوبية خارج أديس أبابا. وقد عاد قداسته والوفد المرافق له إلى القاهرة فى مساء يوم الاثنين7/11/1960 وقد استقبل فى المطار استقبالاً شعبياً كبيراً.

الزيارة الثانية
فى عام 1965 سافر قداسته إلى أثيوبيا ليرأس المؤتمر التاريخى لرؤساء الكنائس الأرثوذكسية (غير الخلقيدونية). وقد رفض جلالة الإمبراطور أن يعقد المؤتمرفى غيبة البابا كيرلس، فأجل أعمال المؤتمر حتى حضر قداسته ورأس الاجتماع. وتفصيل ذلك أنه فى خريف عام 1964 وجه الإمبراطور الدعوة لقداسة البابالرئاسة هذا المؤتمر. ولكن البابا أناب عنه بعض أصحاب النيافة المطارنة . ولكن ما كاد أن يذاع فى أثيوبيا أن قداسة البابا سوف لا يحضر حتى قرر الإمبراطورإرجاء انعقاد المؤتمر إلى أن يتمكن قداسته من الحضور. وتمت الاتصالات اللاسلكية فى غير المواعيد المقررة لها بين أديس أبابا والقاهرة ، ففتحت مكاتب هيئةالمواصلات السلكية واللاسلكية . واستدعى الموظفون الفنيون على وجه السرعة وفى لحظات كان نيافة الأنبا أثناسيوس أسقف بنى سويف يتصل من أثيوبيابالمقر البابوى بالقاهرة. كما اتصل السيد السفير المصرى من هناك بوزارة الخارجية بالقاهرة . ثم حضر على متن طائرة أثيوبية مبعوثاً خاصاً من قبلالإمبراطور هو السيد/ قرياقص بساده - رجل الأعمال المعروف فى أثيوبيا - يحمل رسالة شخصية من الإمبراطور إلى البابا يكرر فيها الرجاء لقداسته بالحضوروكان حديث السيد/ قرياقص ممزوجاً بالدموع.

وكما تمت الاتصالات على هذا النحو السريع والمفاجئ . تم السفر كذلك ، فقد غادر البابا دير مارمينا بمريوط إلى الإسكندرية ظهر الخميس 14 يناير 1965 ،ووصل القاهرة صباح الجمعة ، واستقل الطائرة الأثيوبية الخاصة بعد منتصف الليل إلى أديس أبابا . وعند سلم الطائرة تعانق قداسة البابا وجلالة الإمبراطور ،وأطلقت المدافع 21 طلقة . كما سمعت الزغاريد المصرية ، واغرورقت عيون المستقبلين بدموع الفرح، بل وقد بلغ التأثر ببعضهم أن أجهش بالبكاء بصوتمسموع.
وفى أثناء وجود البابا هناك ، قام بافتتاح كاتدرائية القديسة العذراء مريم بعد ترميمها، كما رأس الاحتفال بعيد الغطاس، وكذلك الاحتفال بعيد رئيس الملائكة الجليلميخائيل.

وسنعود إلى الحديث عن هذا المؤتمر فى فصل آخر.

مع الإمبراطور هيلاسلاسى الأول
ما أشد سعادة الأب عندما يلتقى بابن حبيب .... وما اكثر فرحة الابن حينما يرى أباه الحنون... وهكذا كان يتم دوماً لقاء البابا كيرلس بالإمبراطور هيلاسلاسىالأول.
لقد حضر جلالة الإمبراطور إلى مصر سبع مرات فى خلال حبرية البابا كيرلس السادس، وفى كل مرة كان يحرص على حضور القداسات والصلواتبالكاتدرائية. .
وفى كل مرة يصل فيها جلالته إلى القاهرة كان يجد دائماً فى استقباله وفداً من الأباء المطارنة والأساقفة . وذات مرة قال البابا لجلالته : انه كان يود ان يستقبله فىالمطار لولا توعك صحته فصاح جلالته على الفور باللغة العربية قائلاً: "مش ممكن ... مش ممكن " ، وعاد ليكمل حديثه بالأمهرية "إن الأب لا يذهب لاستقبالابنه بل الابن يأتى لأخذ البركة" فرد البابا بقوله : "أن الأب يفرح بقدوم ابنه ويهل لاستقباله عند ملامسته أرض الوطن".

وقد حضر جلالة الإمبراطور عام 1966 إلى القاهرة، وزار البابا وكانت الزيارة ودية للغاية. ثم قام قداسته برد الزيارة لصاحب الجلالة فى قصر الضيافة بالقاهرة،حيث كان ينزل جلالته.. وقد تبرع بمبلغ أربعون ألف دولار (ستة عشر ألف جنيه) مساهمة منه فى مشاريع الكنيسة . وقال البابا لجلالته انه سيخصص مبلغ ثلاثةآلاف جنيه لمشروعات دير مارمينا والباقى سيستخدم فى بناء الكاتدرائية الجديدة. فرد جلالته بأن المبلغ كله فى يد الوالد والأب العظيم للكنيسة كلها.
وتصادف أن يكون ذلك اليوم موافقاً للاحتفال بالعيد السابع لحبرية البابا. فربت جلالة الإمبراطور على يد البابا وقال باللغة العربية : "عقبال مائة سنة يا بابا" ...فبدت الدهشة على الوجوه .. وتابع جلالته حديثه باللغة الأمهرية معبراً عن شكره العميق لزيارة البابا له.

وفى عام 1967 وفى أعقاب النكسة عرف البابا ان شيئاً من عدم الوضوح يشوب موقف أثيوبيا فأرسل خطاباً لجلالة الإمبراطور عن طريق السفارة الأثيوبيةبالقاهرة يطالبه فيه بدراسة عميقة لقضية العدوان على الأراضى العربية ، وألا ينسى اللاجئين من شعب فلسطين. وكان رد جلالته فورياً إذ أرسل للبابا برقيةيقول فيها انه قد أمر مندوب بلاده فى الأمم المتحدة بالوقوف بجانب العرب فى قضيتهم العادلة". وقد أرسلت وزارة الخارجية فى مصر لقداسة البابا خطابشكر وتقدير.

***

لقد كان الأثيوبيين ، وعلى رأسهم جلالة الإمبراطور يحبون البابا حباً جماً ، إذ يرون فيه كما قال جلالته "صورة الآباء القديسين الحكماء المملوئين من روح الله".

موضوع متكامل عن حياة ومعجزات البابا كيرلس السادس بطريرك الكرازة المرقسية الـــــ 116
  رد مع اقتباس