الموقف بعد ظهر يوم الجمعـــــة
شخصيات وأدوار :
تمكن اليهود من تحقيق هدفهم وهو صلب السيد المسيح له المجد ، ولم يفطنوا إلى أنهم قد أكملوا النبوات .... " والرب يستهزىء بهم ..... " .
السيد المسيح مات ليقدم الفداء لجميع الناس على الأرض ..... ، أما أنه مات مصلوبا فكان ذلك ضروريا لليهود لرفع لعنة الناموس عنهم ، ...." لأنه ملعون كل من علق على خشبة " .
لم يبق على مسرح الحوادث إلا نفر قليل هم:
السيدة العذراء مريم أم المخلص .
يوحنا الحبيب .
مريم المجدلية ، وبقية المريمات .
أين بقية الأثنى عشر رسولا ؟
أين مريم ومرثا ولعازر ، حبيب السيد المسيح ؟
وقد يصح أن نضيف إلى تلاميذ السيد المسيح رجلين آخرين من طبقة اجتماعية رفيعة ذات شأن ، لم يعترفا جهرا بتلمذتهما ليسوع خوفا من اليهود ، وهما : يوسف الرامى ، والمشير اليهودى نيقوديموس ، أحد أعضاء مجلس السنهدريم .
أولا : ماذا عن السيدة العذراء والدة الإله :
من الصعب جدا أن نتكلم عن سيدة عظيمة بهذا المقدار ، هل نتحدث عن دورها البطولى والآمها النفسية والجسدية منذ أن بشرها الملاك بحلول الروح القدس عليها ، لتحبل بالسيد المسيح .... ، لتجوز تجربة صعبة ومريرة أمام خطيبها البار يوسف النجار ، أم نتحدث عن ولادتها للطفل يسوع ومعاناتها لتجد مكانا للولادة ، أم نتحدث عن الرحلة الشاقة لها وللقديس يوسف النجار على ظهر حمار إلى أرض مصر ، هربا من هيرودس ...... .
ثم أخيرا نراها واقفة أمام الصليب لتنظر أبنها وحبيبها يسوع المسيح ، الغصن الرطب وهو ينفذ فيه الأعدام بين أثنين من عتاولة اللصوص .... !! فى وقت هرب فيه التلاميذ الرجال !!! .
كيف استطاعت هذه الأم العظيمة ، أن تظل واقفة لساعات على رجليها لترى أبنها مخلص البشرية وهو يتعذب دقيقة بدقيقة ، حتى أسلم الروح فى يدى الآب ؟
كيف تحملت تعيرات هؤلاء الأفاقين لأبنها الذى قدم الخير لكل الناس ، ولابد أن أستهزاء هؤلاء ليسوع قد نالت منه أيضا العذراء ومن هم حول يسوع من المريمات ؟
إن تنفيذ حكم الأعدام حاليا فى أى شخص مجرم ، لا يتم علنا حرصا على مشاعر الناس الغريبة ، ولو تم علنا سنجد أن الكثيرين لا يجرؤن على مشاهدته .
إن الكتاب المقدس لم يقدم لنا وصفا كاملا للموقف الصعب للعذراء والمريمات ، ولكن يستشف أن العذراء قد تحطمت أعصابها تحت ضغط الحوادث منذ لحظة القبض على يسوع المسيح له المجد فى بستان جثسيمانى ، وحتى أتمام تنفيذ الحكم .
من الطبيعى ألا تقوى على الوقوف صاحبة ذلك القلب المعذب التى ذاقت مرارة الكأس الرهيبة وهى تشهد متوجعة الآم ابنها وهو ينازع الموت على الصليب ، ولا شك أن تنهار قواها الجسمانية ويدركها الأعياء بعد أن وقفت ساعات عند قدمى المصلوب تشاهد ابنها المعذب المائت ، فيأخذها يوحنا الحبيب الذى أستلمها من مخلصنا لتكون فى رعايته وعنايته مسندا إياها وسط الجموع الخشنة الفظة إلى الدار التى اتخذها مقاما مؤقتا فى أورشليم .