عرض مشاركة واحدة
قديم 11 - 07 - 2013, 02:16 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,313,652

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الصليب (موضوع متكامل)

الجمعــــــة العظيمــــــــة

وأحداث الصـــــــــــــلب
يخطىء كل من يزعم أنه يواجه أمرا هينا عند بحث محاكمة يسوع الناصرى أمام بيلاطس الوالى الرومانى ، فإن الأمر غامض ودقيق ... والشىء الغريب فى هذه القصة ، لا نجده فى مسلك اليهود ولا فى مسلك المتهم نفسه ، بل فى مسلك بيلاطس ، وجدير بنا أن نقرأ ما كتبه الرسل فى البشائر الأربعة ، حول محاكمة رب المجد ، نقرأ ما كتب أكثر من مرة ، لنقف على أكبر مهزلة تاريخية نسجها الأطراف الثلاثة : يهوذا الخائن ، واليهود العميان ، وبيلاطس المهزوز .

ولنلق نظرة على بيلاطس ، ذلك الجندى الفظ غير المثقف ، تقول بعض التقاليد أنه تزوج من " كلوديا بروشلا " وهى حفيدة أغسطس قيصر ، وهذا الزواج كان له الفضل فى وصول بيلاطس واليا على اليهودية ، وبعد نيله هذه الوظيفة السامية طلب أن يؤذن له بامتياز أن يأخذ زوجته معه ، وهذا الأمر لم يكن مصرحا به لولاة الرومان .

كان المعروف عن بيلاطس أنه رجل خشن فظ ، تعوذه الحنكة والسياسة ، وتطغى على عقله عوامل العناد والقسوة ، أعطى سلطانا فلم يحسن سياسته ، تسبب فى مشاكل كثيرة مع الأمة اليهودية ، ولسنا هنا بصدد البحث فيها ... إنما يكفى الأشارة لبيلاطس وشخصيته من خلال تلك الكلمات القليلة التى دونها عنه المؤرخون .

قلنا أن هناك مقابلة – المفترض أنها تمت – بين رئيس الكهنة وبيلاطس ، كذلك فإن هناك شيئا آخر يؤيد تلك القصة ، ذلك أن كلوديا بروشلا زوجة بيلاطس كانت فى القصر الهيردسى تلك الليلة ، ومما له مغزاه الخطير أن يسجل الأنجيل هذه الأشارة الوحيدة التى تناقلتها الأجيال عنها فى هذه المأساة ، فيقال عنها : " انها حلمت عن يسوع المسيح فى الليلة السابقة لموته " . وإذ نتتبع المحاكمة الرومانية سائرة حسب الأصول التقليدية التى بموجبها قدم اليهود - يسوع المسيح – متهما فى صباح الجمعة دون تدبير سابق ، فإننا لا نجد معنى للأشارة إلى بروشلا .. وتبدو لنا القصة فى هذه الحالة عارية عن المنطق ، بعيدة عن كل احتمال ، أما حين نضع الأمور فى نصابها ونرتب الحوادث فى تسلسلها الطبيعى فتكون كالآتى :

كان بيلاطس ليلتها فى أورشليم ، للأقامة مدة العيد العشرة ، بحكم مسئوليته المباشرة عن الأمن العام فى مثل هذه المناسبات ، ومن المحتمل أن تكون كلوديا قد قدمت معه ، وكان من الطبيعى أن يقضى بيلاطس وزوجته وقتا طويلا معا للتحدث والتسامر وهما فى هذه المأمورية .....

فإذا أتفقنا أن زيارة يهوذا لقيافا تمت الساعة الثامنة أو التاسعة من مساء الخميس ، وأن القبض على يسوع كان فى حوالى الساعة الحادية أو الثانية عشرة من مساء الخميس ، فإننا نستنتج أن زيارة قيافا لبيلاطس كانت حوالى مابين التاسعة إلى الحادية عشرة من يوم الخميس مساءا ، وإلا فكيف تمكن رؤساء الكهنة من تقديم القضية إلى الوالى فى صباح اليوم التالى ، وحمله على النظر فيها يوم الجمعة صباحا ؟ .

لسنا ندرى كيف حصل اليهود على رضاء الوالى الرومانى للنظر فى القضية على وجه السرعة بعد إخطار قصير الأجل ، إلا إذا سلمنا أن قوة شخصية وسلطة يهودية عليا لعبت دورها فى الألحاح والأقناع .

لنفترض أن قيافا قد تعرض لموضوعين أئناء مباحتاته مع بيلاطس :

الموضوع الأول : أنه سيتم القبض على مهيج سياسى خطير ، ومن الصالح العام أن تتم محاكمته فى صباح اليوم التالى ، وأن يكون الحكم بأقصى عقوبة ، وتم اشتئذان بيلاطس أن تعرض القضية عليه فى صباح الجمعة ، حتى يتسنى إصدار الحكم وتنفيذه قبل مغيب الشمس وحلول العيد .

الموضوع الثانى : هل يتنازل بيلاطس فى هذا الظرف الخاص ، ويخرج من ساحة القضاء إلى مقابلة الوفد الذى سيجىء اليه بالمتهم وبقرارات المحكمة اليهودية ؟ .

ربما يكون الحديث قد استغرق حوالى النصف ساعة ، عاد بعدها بيلاطس إلى مخدعه ، وهنا قص على زوجته موضوع زيارة رئيس الكهنة ، والأتفاق الذى تم لمحاكمة يسوع فى اليوم التالى ، ..... وحينما آوت كلوديا إلى مضجعها فى تلك الليلة وذهنها مشغول بحقد اليهود على يسوع البرىء ..... فلما استيقظت فى الصباح بعد حلم أليم ومزعج ، ورأت زوجها قد غادر القصر ، عرفت أين ذهب ، وعرفت القضية الدقيقة التى تحتم عليه اليوم أن يفصل فيها ، وفى تلك اللحظة ، بعثت إليه برسالة – تكاد تكون أشبه برسالة برقية فى قصرها وسرعتها – نقلت فيها إليه أفكارها ومخاوفها ، وما ينبغى عليه أن يفعل فى القضية

" إياك وذلك البـــــــار ، لأنى تألمت اليوم كثيرا فى حلم من أجلـــــــه " .

إن ما يلفت النظر ، هو أن الحلم ما كان ليزعج بروشلا على هذا النحو عند يقظتها فى الصباح الباكر لو لم تكن قد عرفت وأيقنت أن هناك اتفاقا قد تم بين قيافا وبيلاطس على الحكم على يسوع بأقصى عقوبة وهى الصلب ... !! ولو لم يضمن قيافا أن بيلاطس سينفذ الحكم أو يصدره ، ما كان قد أقدم على القبض على يسوع بهذه السرعة ، وآثر التربص إلى وقت آخر .

ولو وضعنا ماجاء فى روايات البشائر الأربعة فى صفحة واحدة ، ثم نقارن بينها ، نجدها مجمعة على واحد وهو أن بيلاطس سأل يسوع : " أأنت ملك اليهود ؟ " .

والمهم فى الأمر هنا أن البشارتين المتقدمتين فى التاريخ لم تشيرا قط حتى إلى نوع التهمة التى أقامها اليهود أمام بيلاطس . فمتى ومرقس بما عهد فيهما من الأيجاز فى القول والبعد عن التبسيط فى الحوادث ذكرا أن بيلاطس سأل هذا السؤال الهام مباشرة ، دون أن تسبقه مقدمات تدعو إليه :

رواية متى الرسول رواية مرقس الرسول
" ولما كان الصباح تشاور جميع رؤساء الكهنة
وشيوخ الشعب على يسوع حتى يقتلوه . فأوثقوه
ومضوا به ودفعوه إلى بيلاطس البنطى الوالى
...... فوقف يسوع أمام الوالى فسأله الوالى قائلا :
" أأنت ملك اليهــــــــــــود ؟ " .
" وللوقت فى الصباح تشاور رؤساء
الكهنة والشيوخ والكتبة والمجمع كله ،

فأوثقوا يسوع ومضوا به وأسلموه إلى

بيلاطس . فسأله بيلاطس :

" أأنت ملك اليهــــــــــــــــــود ؟ " .

رواية يوحنا البشير رواية لوقا الأنجيلى
" فخرج بيلاطس إليهم وقال : أية شكاية تقدمون
على هذا الأنسان ؟ أجابوا وقالوا له : لو لم يكن
فاعل شر لما كنا قد سلمناه إليك . فقال لهم بيلاطس

: خذوه أنتم واحكموا عليه حسب ناموسكم . فقال

له اليهود : لا يجوز لنا أن نقتل أحدا . ليتم قول

يسوع الذى قاله مشيرا إلى أية ميتة كان مزمعا

أن يموت . ثم دخل بيلاطس أيضا إلى دار الولاية

ودعا يسوع وقال له " أأنت ملك اليهــود ؟ " .
" فقام كل جمهورهم وجاءوا به إلى
بيلاطس . وابتدأوا يشتكون عليه قائلين :
إننا وجدنا هذا يفسد الأمة ، ويمنع أن
تعطى جزية لقيصر ، قائلا إنه هو

مسيح ملك . فسأله بيلاطس قائلا :

" أأنت ملك اليهود ؟ " .


من سياق ماورد ذكره بالبشائر الأربعة ، نستطيع أن نرتب تفاصيل المحاكمة مع الوالى الرومانى كالآتى :

عـــــرض لأفتـتـــــاح المحاكمـــــــة

" ثم جاءوا بيسوع من عند قيافا إلى دار الولاية لكى لا يتنجسوا فيأكلون الفصح " . تقديم المتهم إلى بيلاطـــس :
" فخرج بيلاطس إليهم وقال : أية شكاية تقدمون على هذا الأنسان " . طلب بيلاطس إقامة الدعــوى :
" أجابوا وقالوا : لو لم يكن فاعل شر لما كنا قد سلمناه إليك " . تمنع اليهود عن إقامة الدعوى :
" فقال لهم بيلاطس خذوه أنتم واحكموا عليه حسب ناموسكم " . رد بيلاطـــــــس :
" فقال له اليهود لا يجوز لنا أن نقتل أحدا . وابتدأوا يشتكون عليه قائلين : اننا وجدنا هذا يفسد الأمة ، ويمنع أن تعطى جزية لقيصر ، قائلا إنه هو مسيح ملك " . جواب الكهنة تهمة مرتجلـة :
" ثم دخل بيلاطس أيضا إلى دار الولاية ودعا يسوع وقال له : أأنت ملك اليهود ؟ . سؤال بيلاطـــــس للمتهـــــم :

أول الترتيبات للمحاكمة كان إحضار يسوع من دار رئيس الكهنة قيافا إلى باب القصر ... ، وعند الوصول للقصر ينتظر الجميع بالخارج لدقائق ريثما تبحث الوثائق والمستندات ، وبعد ذلك يقاد المتهم ، مخفورا بجندى رومانى ، إلى قاعة البلاط التى يجلس فيها بيلاطس ، أما الوفد والمرافقون له فيبقون خارجا .

وهنا نأتى إلى النقطة التالية ، خروج بيلاطس بنفسه إلى الوفد اليهودى وسألهم : " أية شكاية تقدمون على هذا الأنسان ؟ وقد كان هذا السؤال دليلا لا شك فيه على أن بيلاطس اعتزم إعادة النظر فى القضية ، مما أثار حنق رؤساء الكهنة – لأن جوابهم عليه كان خاليا من اللياقة : " لو لم يكن فاعل شر ، لما كنا قد سلمناه إليك " .

وكأن باليهود يودون أن يقولوا لبيلاطس : أما تكتفى بالتحقيق الذى أجرته محكمتنا التى اتضح لها أن هذا الأنسان فاعل شر ؟ ولماذا تريد البحث من جديد ما دمنا قد وجدناه مستحق للموت ؟ .

وقد أجاب بيلاطس جوابا ماكرا لبقا : " خذوه أنتم واحكموا عليه حسب ناموسكم " .

وأبتدأ اليهود يلفقون تهما سياسية للسيد المسيح لأحراج بيلاطس : إننا وجدنا هذا يفسد الأمة ويمنع أن تعطى جزية لقيصر قائلا إنه مسيح ملك ...! " .

حينئذ دخل بيلاطس إلى القصر ووجه إلى السيد المسيح هذا السؤال التاريخى : " أأنت ملك اليهود ؟ " .
  رد مع اقتباس