صليب ربنا يسوع المسيح
في هذا المقال لم نتقيد بالترتيب الذي عمد إليه المرجع عن العثور على الصليب الحقيقي عينه، وقد أجملنا الكلام حيث لم نجد داعيًا للإطالة حيث كان الغرض استجلاء كرامة الصليب المجيد واكتفينا بلب الموضوع في بعض الأجزاء مما وجدناه يفي بالغرض دون التعرض لشيء من الأسانيد طالما كانت الفكرة لا يأتيها الشك أو التأويل أو اجتهاد المؤرخين ولا تحتاج إلى الآراء الشخصية لبعض العلماء.
روى أوسابيوس والقديس كيرلس والقديس أمبروسيوس وثيوفانيوس وروفينوس وبولوس ونيسيفورس وكالكت وغيرهم بما لا يمكن حصر الاعتراض على هذه القضية. فلدينا كثرة من المؤرخين كانوا على جانب كبير من الأصالة وجلهم عمالقة، كلهم متفق تمامًا، وقد كتبوا بلغات مختلفة وفي بلاد مختلفة. أيقال أنه لا يمكن أن يكون الخشب الذي صنع منه الصليب الحقيقي قد ظل محفوظًا تحت الأرض طوال كل هذه القرون دون أن يعتريه الفساد؟ فنرد بقولنا أن بمدينة "هيرقولانوم" Herculanum وفي مدينة "بومبي" Pompéi وجد خشب قديم في حالة جيدة جدًا. وفي مباني قرطاجة وجد ما يعتبر بالتأكيد من الأخشاب الأثرية، وقامت الأكاديمية بفحص بعضه، وتقرر أنه مستخرج من جزء من قنطرة قديمة، وهو في حالة جيدة جدًا.
في عهد هرقل استولى كسرى الثاني على المدينة المقدسة، ونهب الكنائس وحمل ما تبقى من صليب الرب يسوع المسيح. وبعد أن كان هرقل يعاني من الفشل مدة عشر سنوات، غلب ملك الفرس وأفرج عن المسيحيين المسبيين، وأجبر خلفه على رد الصليب الحقيقي، وقد أعاده الإمبراطور إلى أورشليم كأجل غنيمة في انتصاراته. وحمله بنفسه على كتفيه إلى الجلجثة مارًا بشوارع أورشليم وهو حافي القدمين يتبعه جنوده وجمهور غفير يذرفون دموع الفرح. وذلك أصل عيد العثور على الصليب الذي تحتفل به الكنيسة في 17 توت. وبعد قليل أرسل الصليب المقدس إلى القسطنطينية إلى رئيس الأساقفة سرجيوس، ثم أعيد إلى أورشليم.
وقد قسمت خشبة الصليب المقدسة بعد عودتها إلى قطع كثيرة جدًا، حتى أننا نجد أجزاء كثيرة في بلاد العالم. وبخلاف الجزء الموجود في روما والجزء الموجود في القسطنطينية، نجد في تاريخ النرويج للكاتب "ترفيوس" ما خلاصته أن الملك "سيجور" طلب جزءًا من الصليب الحقيقي، ونال ذلك وفاز بقطعة وضعها في مدينة كونجهل. وقد نال فالدمار الثالث ملك الدانمرك قطعة أعطاها له البابا أوربان الخامس.
يسوع السيد المسيح على الصليب
ويذكر المؤلف خبر فقد خشبة الصليب المقدسة مدة طويلة إن عندما كان أسقف بطرلمايس يحمله، جرح جرحًا مميتًا فسلمه إلى أسقف بطولمايس الذي أسر مع الملك وكل الذين كانوا حوله، وأخذوا الصليب الكبير.