عاد سمير من المدرسة فوجد والده يكتب بخط كبير على قطعة خشبية :" تحذير !توجد بطيخة واحدة
مسمومة لا يعرفها إلا المزارع !"
اندهش سمير مما يكتبه والده، فقال له :
- ما هذا يا أبي؟
- إذ بدأ ثمر البطيخ يكبر، يأتي اللصوص ليلاً ويسرقونه، متسترين بالظلام .
- كيف تضع سمًا يا أبي في البطيخة، فربما تموت عائلة أو عائلات بلا ذنب؟ !
- إني لم أحقن أية بطيخة بالسم !
- إذن آسف، ما قد كتبته ليس صدقًا !
- أنا أعلم أنه كذب .لا أريد أن أكذب، لكن لم أجد وسيلة لمنع اللصوص من السرقة سوى بالكذب .
- هل تخسر يا أبي أبديتك بالكذب من أجل البطيخ؟ ألم يقل الكتاب : " وأما الخائفون وغير المؤمنين ... وجميع
الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنارٍ وكبريتٍ الذي هو الموت الثاني "رؤ :21 8؟
- ماذا أفعل يا ابني؟
- لا نكذب يا أبي مهما كلفنا الأمر .
صمم المزارع على تثبيت هذه اللوحة في مدخل حقل البطيخ حتى لا يقترب إليه اللصوص .
جاء اللصوص بالليل ووجدوا اللوحة .وبدأوا يتساءلون : " هل بالحق حقن بطيخة بالسم؟ " واختلفوا
فيما بينهم في معرفة ما إذا كان قد حقن المزارع بطيخة بالسم أم لا ...وأخيرًا قرروا أن يتركوا الحقل لئلا
يتسمم أحد منهم .
حزن سمير إذ وجد والده قد ثبت اللوحة الكاذبة في مدخل حقل البطيخ، وإذ عاتب والده، قال له
الوالد :" نحن الآن لنا ثلاثة أيام لم يقترب اللصوص إلى الحقل ...ألم تنجح خطتي؟ "
قال سمير :" ربما تظن أنها نجحت، لكنك أغضبت اللَّه، مما يحرمنا من بركاته ".
علق الوالد على ذلك بقوله : " اللَّه يعلم ما في قلبي، وأنه لا طريق للخلاص من هؤلاء اللصوص إلا
بالكذب ".
إذ عبر أسبوع عاد سمير ليجد والده حزينًا جدًا .سأله عن سبب حزنه، فأجابه الوالد :
" لقد نزع اللصوص لوحتي،
ووضعوا لوحة جديدة كتبوا عليها :
‘ يوجد بالحقل بطيختان مسمومتان ’.
ها أنا في حيرة،
إن كانوا بالفعل قد حقنوا بطيخة بالسم، أم يكذبون مثلي .
1 Cf. Michael P. Green: Illustrations for Biblical Preaching, p. 229.
لست أدرى ماذا أفعل؟
لا أستطيع أن أقوم ببيع البطيخ أو أكله .
لقد خسرت الحقل كله !"
علق سمير على كلمات أبيه :
" يا أبي بالكذب خسرت ما هو زمني وما هو أبدي .
إذ كيلَّت للناس كذبًا،
هم كيلوا لك بذات الكيل بزيادة !"
لأقتنيك أيها الحق الأبدي،
فلا أستطيع أن أكذب قط !
هب لي أن أنطق بالحق، مهما كانت تكلفته،
ولا أنطق بكذبٍ، مهما بدت مكاسبه .
أنطق بالحق فأقتنيك أيها الحق !