شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القس أنطونيوس فكري
أعمال الرسل 14 - تفسير سفر أعمال الرسل
آية (1):-
وحدث في ايقونية انهما دخلا معا إلى مجمع اليهود وتكلما حتى آمن جمهور كثير من اليهود واليونانيين.
دخلا المجمع اليهودي أولًا كعادتهما. وكالعادة يضم المجمع مع اليهود بعض اليونانيين وآمن كثير من الموجودين. ونلاحظ عمل الله رغم المضايقات.
آيات (2، 3) :-
ولكن اليهود غير المؤمنين غروا وافسدوا نفوس الأمم على الاخوة. فأقاما زمانا طويلا يجاهران بالرب الذي كان يشهد لكلمة نعمته ويعطي أن تجرى آيات وعجائب على أيديهما.
في مقابل تهييج الشيطان لليهود أمد الله الرسولين بموهبة المعجزات فعمل الله يكون بقوة.
غروا = بتعاليم منحرفة على أساس سيء.
أفسدوا = جعلوهم لا يقبلون الصلاح إذ هم علموا تعاليم فاسدة عن المسيح حتى لا يقبل أحد الإيمان وهذا هو عمل إبليس في كل جيل تضليل الناس.
آيات (4-7):-
فانشق جمهور المدينة فكان بعضهم مع اليهود وبعضهم مع الرسولين. فلما حصل من الأمم واليهود مع رؤسائهم هجوم ليبغوا عليهما ويرجموهما. شعرا به فهربا إلى مدينتي ليكاونية لسترة ودربة
وإلى الكورة المحيطة. وكانا هناك يبشران.
هجوم ليبغوا = هي تدبير مؤامرة لرجمهم بقرار من المجمع. والرجم هو عقوبة وعادة يهودية. فيكون اليهود هم مدبرى هذه المؤامرة. ولقد أثار اليهود الأمم بمؤامراتهم وأكاذيبهم. ومع أن الأمم ضد اليهود إلاّ أنهم اتحدوا معًا ضد المسيحيين. فالظلمة دائمًا ضد النور. وهروب الرسل ليس خوفًا بل طلبًا لسلام الكنيسة الوليدة.
آية (8):-
وكان يجلس في لسترة رجل عاجز الرجلين مقعد من بطن أمه ولم يمش قط.
هنا نحن أمام إصابة غير قابلة للشفاء تمامًا. إذًا. ما حدث هو معجزة 100%.
آيات (9، 10):-
هذا كان يسمع بولس يتكلم فشخص إليه وإذ رأى أن له إيمانا ليشفى. قال بصوت عظيم قم على رجليك منتصبا فوثب وصار يمشي.
رأى أن له إيمان = عرف بولس بالروح أن هذا المقعد له رغبة في الخلاص الذي يتكلم بولس عنه. فأراد بولس أن يعطيه صحة الجسد مع صحة الروح. وربما عرف بولس بالروح أن هذا المقعد آمن بأن المسيح له قدرة على شفاء الأمراض وأن المسيح قادر أن يشفيه وأن هذه صارت أمنية له، ربما عبر عنها جهارًا أو كانت في داخله وأعلنها الروح لبولس.
قُمْ = قارن مع أف (14:5) قُم هنا هي لقيامة الجسد من الشلل وقيامة الروح بالإيمان.
آيات (11، 12):-
فالجموع لما رأوا ما فعل بولس رفعوا صوتهم بلغة ليكاونية قائلين أن الآلهة تشبهوا بالناس ونزلوا إلينا. فكانوا يدعون برنابا زفس وبولس هرمس إذ كان هو المتقدم في الكلام.
بولس وبرنابا يرفضان قبول العبادة والذبيحة في لسترة
صرخ الجميع بلهجة ليكأونية فلم يفهم بولس ما يقوله هؤلاء إلى أن رآهم يأتون بالذبائح ليذبحوا له.
زفس=ZEUS وهو جوبيتر عند الرومان.هو الإله الأعظم بين مجمع آلهة اليونان (البانثيون) وهو أبو الآلهة وكل الناس.
هرمس = هو ابن زفس من مايا. ومعروف عنه أنه إله الفصاحة والبلاغة والمنطق. وفي القصص اليونانية يظهر زفس مع هرمس وسط الناس. لذلك قالوا عن برنابا أنه زفس لأن مظهره وشكله كانا ذا وسامة وعظمة وقالوا عن بولس أنه هرمس فهو المتكلم والنشيط.
آية (13) :-
فأتى كاهن زفس الذي كان قدام المدينة بثيران وأكاليل عند الأبواب مع الجموع وكان يريد أن يذبح.
كان رأيهم أنه إن كانت الآلهة قد نزلت للأرض لتكريم الناس فليكرموا هم الآلهة أيضًا بتقديم ذبائح لهم. وكانوا يلبسون الذبائح أكاليل صوف مجدول إكرامًا للآلهة ويلبسون الآلهة أكاليل زهور. ونلاحظ هنا أن الشيطان يثير اليهود ليرفضوا المسيح ويثير هؤلاء الوثنيين ليتمادوا في عبادتهم الوثنية معتقدين بنزول الآلهة على الأرض. وكان هناك اعتقاد عند هؤلاء الوثنيين بأن الآلهة تنزل على الأرض لتفتقد الناس.
آية (14، 15):-
فلما سمع الرسولان برنابا وبولس مزقا ثيابهما واندفعا إلى الجمع صارخين. وقائلين أيها الرجال لماذا تفعلون هذا نحن أيضًا بشر تحت آلام مثلكم نبشركم أن ترجعوا من هذه الأباطيل إلى الإله الحي الذي خلق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها.
مزقا ثيابهما = علامة فزع مما يحدث، فهم اعتبروا ما يحدث
تجديف على الله. وكان اليهودي يمزق ثيابه إذا سمع تجديف على الله.
تحت ألام = نحن بشر مثلكم. فالآلهة عند الوثنيين لا تعانى من الآلام بل هي في سعادة دائمة.
الأباطيل = عبادة آلهة صنمية ميتة.
ولاحظ أن هؤلاء الأمم من معجزة واحدة اعتبروا الرسولين أنهما آلهة. بينما أن المسيح بكل ما عمل من معجزات ولمدة 3 سنوات رفضوه كابن لله.
آيات (16، 17):-
الذي في الأجيال الماضية ترك جميع الأمم يسلكون في طرقهم. مع أنه لم يترك نفسه بلا شاهد وهو يفعل خيرا يعطينا من السماء أمطارًا وأزمنة مثمرة ويملا قلوبنا طعاما وسرورا.
الله لا يترك نفسه بلا شاهد. فالطبيعة وخلقتها تشهد لله. وكثير من الحكماء اكتشفوا هذه الحقيقة وأعلنوها، بالإضافة لصوت الله في الضمير. لكن لما عرفوا لم يمجدوا الله (رو 21:1). ولكن هم رفضوا أن يسمعوا فتركهم الله لذهن مرفوض (رو 28:1).
يعطينا من السماء أمطارًا = كان يمكن أن يعرف الأمم الله من الخير الذي يعطيه. وبولس هنا يكلم وثنيين لا يعرفون سرورًا سوى في
الطعام والشراب.
آية (18):-
وبقولهما هذا كفا الجموع بالجهد عن أن يذبحوا لهما.
واضح أن الجماعة كانت في أقصى حماسها. وبجهد كبير من الرسولين كفوا عن تقديم الذبائح لهما.
آيات(19، 20):-
ثم أتى يهود من إنطاكية وايقونية واقنعوا الجموع فرجموا بولس وجروه خارج المدينة ظانين أنه قد مات. ولكن إذ أحاط به التلاميذ قام ودخل المدينة وفي الغد خرج مع برنابا إلى دربة.
كان اليهود في عملية الرجم يوجهون أكبر حجر للرأس ثم تتوالى الحجارة إلى أن تخمد كل مظاهر الحياة. وكان الرجم يفتت العظام ويمزق اللحم. لذلك قال بولس الرسول في (غل 17:6) "أنا حامل في جسدي سمات الرب يسوع" وغالبًا فحادثة الرجم هذه هي التي أشار إليها في (2كو 25:11). ويقال أنه في غيبوبة الموت هذه بعد أن رجموه اختطفت روحه إلى السماء (2كو 4:12) ورأى بولس ما رآه بالروح. وبعد عملية الرجم ظن اليهود أنه مات فجروه إلى خارج المدينة وطرحوه. وأحاط به تلاميذه. والله من محبته ولأن بولس كان له عمل لم يتمه بعد، أعاد إليه روحه، وكان هذا معجزة بكل المقاييس، فبفرض أنه قام فكان يلزمه فترة نقاهة لشهور ولكنه قام في الغد وذهب إلى دربة ليباشر نشاطه (2كو 10:1). ويقال أن تيموثاوس هو من لسترة وقد تعرف عليه بولس في هذه الزيارة ونلاحظ أن العالم يتغير سريعًا فبعدما اعتبروا بولس إلهًا، رجموه. لذلك علينا أن لا نفرح بما يعطيه العالم لنا ولا نحزن على ما يضيع منا.
آيات (21، 22):-
فبشرا في تلك المدينة وتلمذا كثيرين ثم رجعا إلى لسترة وايقونية وإنطاكية. يشددان انفس التلاميذ ويعظانهم أن يثبتوا في الإيمان وأنه بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت الله.
من شجاعة بولس أن يعود إلى لسترة لافتقاد أولاده بعدما حدث فهو اهتم بتثبيت أولاده خلال الاضطهاد أكثر من حرصه على حياته.
بضيقات كثيرة ينبغي أن نخلص = إذًا كيف نهرب من الآلام، بل نسعى إليها فهي طريق جيد للملكوت.
تلمذ الكثيرين = كثيرون آمنوا إذ رأوا بولس يعود بعد رجمه غير خائف.
آية (23):-
وانتخبا لهم قسوسا في كل كنيسة ثم صليا بأصوام واستودعاهم للرب الذي كانوا قد أمنوا به.
لاحظ اقتران الصلاة بالصوم لنرى أهمية الصوم.
آية (26):-
ومن هناك سافرا في البحر إلى إنطاكية حيث كانا قد اسلما إلى نعمة الله للعمل الذي أكملاه.
بالعودة إلى إنطاكية تنتهي رحلة بولس الرسول الأولى.
وخلال هذه الرحلة بشروا في قبرص (سلاميس وبافوس) و7 مدن في آسيا.
سلوكية في كيليكية.
برجة وأتاليا في بمفيلية.
إنطاكية بيسيدية وأيقونية ودربة ولسترة في غلاطية. (كانت تمتد لتشمل بيسيدية).