الموضوع: مزامير ال داود
عرض مشاركة واحدة
قديم 27 - 05 - 2012, 10:17 AM   رقم المشاركة : ( 7 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 43,287

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 متواجد حالياً

افتراضي

ماذا يجب وماذا لا يجب الصلاة لأجله؟
والآن ننتقل للحديث عن مضمون الصلاة.

يقول القديس ذهبي الفم بأننا يجب أن نصلِّي بالتوافق مع شرائع الله، وأن نصلِّي باستمرار، وألاَّ نسأل من الله الأمور الأرضية بل نطلب ما هو نافع ب لنا. وفي شرحه على مزمور 7 يُقدِّم نماذج قليلة يُصوِّر بها هذه النقاط، ولكننا سنقدِّم نماذج وأمثلة من شرحه على المزامير الأخرى لنصل إلى فهم أكثر.

توافق صلواتنا مع شرائع الله:
كيف يصلِّي الإنسان بالتوافق مع شرائع الله؟ لا يُقدِّم القديس ذهبي الفم أمثلة على هذا النوع من الصلاة مباشرة، ولا هو يُحدِّد ما هي شرائع الله التي يشير إليها. بل هو يُناقش هذه النقطة بحديثه عن الصلاة التي هي ليست متوافقة مع هذه الشرائع، وفي كل هذه الأحوال هو يتكلَّم عن الصلاة ضد الأعداء. وهذا موضوع هام لدى القديس ذهبي الفم، ويعود إليه المرة تلو المرة في شروحاته على المزامير.
وحينما يتكلَّم ذهبي الفم عن الصلاة ضد الأعداء في شرحه على مزمور 7، فإن الوصية الإنجيلية تكون أمام ذهنه هكذا: «أحسنوا إلى مُبغضيكم. وصلُّوا لأجل الذين يُسيئون إليكم ويطردونكم» (مت 5: 44). وحينما يُناقش نفس الموضوع في مزمور 4 فهو يعود إلى إنجيل لوقا: «صلُّوا لأجل الذين يُسيئون إليكم» (لو 6: 28). وفي نفس شروحات المزامير يتكلَّم أيضاً عن قائد المائة كرنيليوس، المذكور عنه في سفر الأعمال: «وهو تقيٌّ وخائف الله... يصنع حسناتٍ كثيرة للشعب، ويُصلِّي إلى الله في كل حين» (أع 10: 2). كرنيليوس هذا ظهر له ملاك الله وقال له: «صلواتُكَ وصدقاتُكَ صعدت تذكاراً أمام الله» (أع 10: 4). ويقول ذهبي الفم إن هذه الصلوات لم تكن مجرد صلوات عادية، بل صلوات تتوافق مع شرائع الله، والتي كان هدفها ما يليق بالله أن يعطيه، والتي لم يكن بها أية سؤالات تتعارض مع شرائعه. ويتساءل ذهبي الفم، مَن يجرؤ أن يسأل مثل هذه السؤالات المتعارضة مع شرائع الله إلاَّ ذاك الذي يُصلِّي ضد أعدائه، لأن الله نفسه يقول لنا أن نصلي إليه قائلين: ”اغفر لنا ما علينا.“ (مت 6: 12)
يقول ذهبي الفم، ليتنا لا نطلب شيئاً يمنع الاستجابة، لأننا حينما نسأل ما هو ضد أعدائنا، فإن المعونة التي أنت تطلبها ليست عادلة، لأنها متعارضة مع شريعة الله المعطي. يجب أن يكون المتوسل حريصاً على ألاَّ يتكلَّم بلغة الديَّان، لأن الذي يُصلِّي ضد أعدائه هو ديَّان أكثر من كونه متوسِّلاً. ويتكلَّم ذهبي الفم عن هذه الممارسة وهو يشرح المزمور 140، حيث يتساءل: كيف يمكن أن يستجيب الله صلاة متعارضة مع شرائعه؟
ولكن بعض المزامير تبدو وكأنها تتضمن صلوات من هذا النوع، ويهتم القديس ذهبي الفم بهذه المسألة في مناسبات عديدة. فمثلاً، يقول المزمور (5: 10): ”من أجل كثرة ذنوبهم طوِّح بهم“، يقول ذهبي الفم إن المرنِّم مهتم ليس بنفسه، بل بالأذى الذي يُسبِّبه أعداؤه ضد الله، ويُشير في النصف الأخير من الآية إلى ثمار صلاته ”وليفرح جميع المتكلين عليك“. فهو يُصلِّي أن يهتدي أولئك الذين يرتكبون هذا الأذى ويمتنعوا عن الشر.
وفي مزمور (6: 10) يقول داود: ”فليخزَ جميع أعدائي وليرتاعوا“. هذه ليست صلاة ضدهم، بل لهم - كما يقول ذهبي الفم - فكما يحاول واحد أن يمنع شخصاً يسير نحو هاوية؛ هكذا المرنِّم يريد أن أعداءه يكفُّون عن خطاياهم.
وفي مزمور (9: 15) يبدو النبي أكثر قسوة حينما يطلب ”احْطِمْ ذراع الفاجر“. لكن ذهبي الفم يقول إنه لا يريد تحطيم الخاطئ، بل إبادة قوته وجبروته والشرور التي تفترسه. وفي نظر القديس ذهبي الفم يتضح إشفاق النبي من هذه الكلمات: ”فلتهلك كل الشفاه الغاشَّة، واللسان الذي ينطق بالعظائم“ (مز 11: 3)، لأنه يُصلِّي لكي يضع الله حدًّا لشرورهم أكثر مما لكي يُحطِّمهم في أشخاصهم.
وأخيراً، يُقدِّم ذهبي الفم الرسل كأمثلة تُقتدى في هذا المجال، لأنهم بالرغم من أنهم عانوا الاضطهاد، وأُلقوا في السجن وتعرَّضوا لخطرٍ عظيم، إلاَّ أنهم وجدوا نجاتهم في الصلاة. لكنهم لم يصلُّوا البتة لهلاك أو موت مضطهديهم؛ بل صلُّوا لكي يوجدوا مستحقين أن يتكلَّموا بكلام الله بكل ”مجاهرة“. واسطفانوس أول الشهداء صلَّى من أجل الذين كانوا يرجمونه (أع 7: 60).
ويُحذِّر ذهبي الفم من أننا حينما نصلي يجب أن نُبعد مشاعر الغضب، ولا نتكلَّم بأي كلام انتقام، بل ننقي نفوسنا من السمِّ الذي يُفسدها. فإذا فعلنا ذلك ودَعَوْنا الله من أعماق قلوبنا، فإننا نتأكَّد من الله أن صلواتنا ستكون مسموعة حتى قبل أن ننتهي منها.
ثم هو يحرص أيضاً على أن الصلاة يجب أن لا يكون فيها أية مشاعر ضد الرحمة، بل تكون مُفعمة بالهدوء والحلاوة. وهكذا، وفي تعليم القديس ذهبي الفم، وحينما نقف أمام الله ليتنا نتكلَّم حسناً عن أعدائنا. وهكذا فإن صلواتنا سوف تنعم بالاستجابة.
  رد مع اقتباس