04 - 06 - 2013, 05:22 AM
|
رقم المشاركة : ( 3 )
|
..::| VIP |::..
|
الصلاة العقلية Oratio mentalis
يتحدّد معناها حسب مفهوم كلمة Mens اللاتينيّة، التي يختلف معناها باختلاف الكتّاب. فهي:
الذهن أي قوة نفسية يمتاز بها الإنسان تؤهّله للتفكير والتحليل، وهي الفكر أو Ratio أيRaison. وتصبح الصلاة العقلية الصلاة الفكرية Oraison discursive أو Méditation.
العقل طاقة نفسية على إدراك الأمور بالحدس Intuition. ويصبح معنى الصلاة العقلية الإدراك الصافي وهو أسمى من التجريد الفكري، وهو قريب من Contemplation par l’intelligence المشاهدة السريعة بالحدس. وهي في متناول الإنسان المتدرّب.
العقلIntellect pur أو القسم الأعلى من النفس، أو جوهر النفس الصافي، أو الروح الذي يمكنه أن يتّحد بالله الروح المحض.
فالصلاة العقليّة هنا هي الصلاة الروحية أو الإتحاد بالله بأسمى حالات اتطلّعContemplation pure وفي هذا المعنى يقول لاريدو:
"وتجدر الملاحظة أنّ النفس ذاتَها التي أُنشِىءَ أو بُثَّ فيها هذا الحبّ، حين تطير، مثلها مثلَ ملاكٍ بالشعلة والزخم النابِعَين من تلك النار التي تُضرمها، لتستكينَ في إلهها، فطَيرانها يُسمّى روحاً، والروحُ نفسه الذي طار، حين يستريح في مشاهدةٍ ساكنةٍ، يُدعى عقلاً. من هنا إن المشاهدةَ البالغةَ السكون والصفاء تُدعى صلاةً عقليةً، أعني صلاةَ النفس وحدَها بجوهرها الماهيِّ الخالص، بمعزلٍ عن قواها الدنيا. من هنا وجب أن نعرفَ أنّ الصلاة العقلية، بالمعنى المطلق والخالِص، هي، دون غيرها، تلك التي، إذا انحبست النفسُ في سكينتها، لا تُدرِك فيها ما تُشاهد. ولأنها تشاهِد في الله وحدَه، والله صلاحٌ لا يُدْرَك، فهكذا، حين تكون النفسُ في سكينتها الضيّقة، تَنشغل بالحبِّ وحده، ولا تُحسِن التفكيرَ في شيءٍ آخر، في احباسها الماهيِّ ذاك، إلاّ في أن تُحِبَّ. ولا بدّ من ان تعرف أنّ في اختلاء النفس المشاهِدة هذا يقوم الرضا الأوفر، والسرورُ الأكبر، والسعادةُ العظمى التي يستطيع الحصولَ عليها أيُّ تطلُّعيٍّ في هذه الحياة".
تطلّع: ترجمة كلمة Contemplation
يختلف مفهوم هذه الكلمة باختلاف الفلاسفة والكتّاب. وتُتَرجَم عادةً بكلمة مشاهدة، وهي النظرة الباطنية الصافية إلى حقيقة روحيّة أو لاهوتيّة.
وقد تتأتّى من تدرّب فكريّ أو من استغراقٍ روحيّ، أو من مبادرةٍ ربّانية. ونترجمها بكلمة تطلّع من "تطلّعه أي نظر إلى طَلعته نِظرةَ حبّ"، وهذا هو المفهوم السائد في مؤلفات القديسة تريزا والروحانية الكرملية، ونَقصِر كلمةَ مشاهدة على الهدف السامي النهائي في مرحلة الحياة الروحية السميا.
فالتطلّع اثنان: إنساني يبلغه العقل بقوته الذاتية، وسامي أي نتيجة مبادرةٍ إلهية تفاجىء الإنسان على غير استعداد، ولا يستطيع بلوغَها بقوته الذاتية.
والصفة "التطلّعي" تُنسَب إلى كلِّ شخصٍ أو شيءٍ يمتْ إلى التطلّع بصلة.
وقد قَصَرنا استعمالَنا على كلمة تأمّل، لنشمل بها مناهج التأمّل الفكرية أو التطلّعية على حدّ سواء، دون تمييز مضمونها الباطني.
|
|
|
|