عرض مشاركة واحدة
قديم 04 - 05 - 2013, 04:08 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
john w Male
| غالى على قلب الفرح المسيحى |

الصورة الرمزية john w

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 38
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 45
الـــــدولـــــــــــة : فى قلب يسوع
المشاركـــــــات : 1,280

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

john w غير متواجد حالياً

افتراضي رد: قيامة المسيح ( موضوع متكامل ) 2013

قام كما قال

.............................


هذا القول الجميل «قام كما قال» (مت 28: 6)، على الرغم من قِصره، مشحونٌ بالتعليم النافع لأولاد الله على مرِّ الزمان. فلقد اعتدنا القول إنَّ الرب يسوع - له كل المجد - وُلد لكي يموت، وهذا حق، ولكن حريٌّ بنا أن نقول: إنَّ الرب - تبارك اسمه - وُلد لكي يموت، ويقوم من الموت! إنَّه لم يولد فقط ليموت ويظل في القبر، حاشا، فهو الذي خاطب الله قائلاً: «لن تدع تقيَّك يرى فسادًا» (مز 16: 10). فلا إيمان مسيحيًا بدون قيامة الرب، وكم هو جميل أن نتتبَّع الإشارات التي تكلَّم فيها الرب عن قيامته، خلال سنوات خدمته القليلة؛ فلم تكن قيامته من الموت أمرًا عَرَضيًا، بل قبل أن يموت كان يعلم أنَّه سيموت، وسيقوم أيضًا. فكما أنَّ موته كان أمرًا محتومًا من الله (أع 2: 23)، كانت قيامته أيضًا أمرًا مقرَّرًا من الله، إذ لم يكن مُمكنًا للموت أن يُمسِك به (أع 2: 24).
هناك العديد من المناسبات التي أشار فيها الرب إلى قيامته، خمس مرَّات بالارتباط بأشخاص: ”يونان“، ”بطرس“، ”التلاميذ“، ”ابني زبدي“، ”هيرودس“؛ ومرّة بالارتباط بالهيكل.
1- آية يونان، وأساس الكرازة
«لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ، هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيَّام وثلاث ليالٍ» (مت 12: 38-41 مع لو 11: 29-32).
هذه هي أولى إشارات الرب من جهة قيامته، وفيها يقارن ما حدث مع يونان بما سيحدث معه. لقد مكث يونان في بطن الحوت ثلاثة أيامٍ وثلاث ليالٍ، ثم خرج من جوف الحوت وكرز لأهل نينوى، فآمنوا بكرازته، إذ كان بالنسبة لهم ”آية“، كمن قام من الموت. هكذا أيضًا الرب يسوع، مكث في القبر ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ، ثم قام من الأموات، وآمن به الكثيرون، وهذا ما عبَّر عنه البشير لوقا: «لأنه كما كان يونان آية لأهل نينوى، كذلك يكون ابن الإنسان أيضًا لهذا الجيل» (لو11: 30).
كما أن المسيح بعد قيامته من الأموات قال: «هكذا هو مكتوب، وهكذا كان ينبغي أنَّ المسيح يتألَّم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث، وأن يُكرز باسمه للتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم مبتدأً من أورشليم» (لو 24: 46، 47)، فلا كرازة بالإيمان المسيحي بدون القيامة.
2- بطرس، وأساس بناء الله
«من ذلك الوقت ابتدأ يسوع يُظهِر لتلاميذه أنَّه: ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألَّم كثيرًا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم» (مت 16: 21-23، مع مر 8: 31-33؛ لو 9: 20-22).
يلفت انتباهنا قول البشير متَّى: «من ذلك الوقت». أيّ وقتٍ بدأ منه الرب الكلام عن موته وقيامته؟ بعد إعلان الآب، من خلال بطرس، عن حقيقة شخص الرب: «أنت هو المسيح ابن الله الحي»، كالأساس الذي أعلن الرب أنه عليه سيبني كنيسته. وأبواب الجحيم لن تقوى عليها. فالمسيح هو ”ابن الله“، وهو ”الحي“. لهذا قال الرب ليوحنا: «أنا هو الأول والآخر. والحي وكنت ميتًا، وها أنا حي إلى أبد الآبدين» (رؤ 1: 17، 18).
ولذلك فعندما اعترض بطرس على قول الرب إنَّه سيُقتل، وفي اليوم الثالث يقوم، وفي تجاسر انتهر الرب قائلاً: «حاشاك يا رب. لا يكون لك هذا»، استحقّ توبيخ الرب له: «اذهب عني يا شيطان، أنت معثرة لي لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس». وما أروع تلك الكلمة عن الرب وهو يوبِّخ بطرس، والتي ذكرها البشير مرقس: «فالتفت وأبصر تلاميذه» (مر 8: 33). وكأنَّ الرب يتأمَّل في حال تلاميذه، والشقاء الذي سيعتريهم، لو لم «يذهب إلى أورشليم... ويُقتل وفي اليوم الثالث يقوم»، فلا يمكن أن يكون هناك بناء لله مكوَّن من حجارة حيَّة (1بط 2: 4، 5)، سوى على المسيح الصخر، ابن الله الحي، الذي مات وقام. فلا كنيسة ولا مسيحية بدون قيامة المسيح.
3- التلاميذ وحتميَّة الموت والقيامة
«وفيما هم يتردَّدون في الجليل قال لهم يسوع: ابن الإنسان سوف يُسلَّم إلى أيدي الناس، فيقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم، فحزنوا جدًّا» (مت 17: 22، 23؛ مع مر 9: 30-35؛ لو 9: 43-48).
هذه الكلمات قالها الرب بعد أن أخرج الروح النجس من الولد المصروع (مر 9: 24-32؛ لو 9: 37-45). ويذكر لوقا: أنَّ الجميع بُهتوا من عظمة الله، وأنَّهم تعجبوا مما فعل الرب يسوع. وفي هذا الجو المثير للجموع بصفة عامة، وللتلاميذ بصفة خاصة، قَصَدَ الرب أن يقول لهم: «ضعوا أنتم هذا الكلام في آذانكم: أنَّ ابن الإنسان سوف يُسلم إلى أيدي الناس» (لو 9: 44)، فكان عليه أن يذكّرهم بأنَّه سوف يُسلَّم أولاً إلى أيدي الناس، فيقتلونه ثم يقوم؛ وبعد ذلك يأتي المُلك والمجد. كان عليهم ألا يخلطوا الأوراق، ويستعجلوا الأحداث. ولكن هل تعلَّم التلاميذ الدرس؟ هل أدركوا مخطَّط الله؟ هل أدركوا أنَّ ترتيب الله الأزلي أنَّ هناك مجيئين للرب على الأرض: مجيئه الأول كحمل الله، ومجيئه الثاني كأسد يهوذا؟ في الواقع لم يعرفوا، ولم يريدوا أن يعرفوا! وهذا ما نفهمه من متابعة ردود أفعالهم كما وردت في الأناجيل الثلاثة:
فمتَّى يذكر لنا أنَّه بعد أن وضَّح الرب لهم حتمية موته وقيامته أنَّهم «حزنوا جدًّا» (مت 17: 23). فرغم أنَّ التلاميذ قد سمعوا من فم الرب مِمَّا لا يدع مجالاً للشك انتصاره الباهر على الموت، إلاَّ أنَّ ما سمعوه أيضًا من فم الرب عن موته؛ موت العار والآلام، لا يتناسب مع ما كانوا يتوقعونه عن المسيا. ويضيف مرقس أنَّهم: «لم يفهموا القول وخافوا أن يسألوه» (مر 9: 32).
لِمَ فاتهم أن يفهموا معنى هذه النبوّة؟ ذلك لأنَّه في ظنَّهم كان موته يعني هزيمته وخسارة قضيّتهم. ومن جهة أخرى، خافوا حتَّى طلبَ المزيد من الإيضاحات، وكأنَّهم كانوا يخشون أن تتحقَّق هواجسهم، وكان حريٌّ بهم أن يتعلَّموا أنَّ لا أساس للمُلك سوى القيامة.
4- ابنا زبدي والغرض الأسمى
«وفيما كان يسوع صاعدًا إلى أورشليم أخذ الاثني عشر تلميذًا على انفراد في الطريق وقال لهم: ها نحن صاعدون إلى أورشليم وابن الإنسان يُسلَّم إلى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت. ويسلِّمونه إلى الأمم لكي يهزأوا به ويجلدوه ويصلبوه، وفي اليوم الثالث يقوم» (مت 20: 17-19 مع مر 10: 32-40؛ لو 18: 28-34).
واضح أنَّ حديث الرب هنا كان بمناسبة صعوده الأخير إلى أورشليم، فلقد ارتسم أمامه ما ينتظره هناك من آلام واستهزاء وصلب. وإذ نظر الرب إلى تلاميذه، رأى على وجوههم الحيرة، وفي قلوبهم الخوف (مر 10: 32)، فقد أخذهم على انفراد كاشفًا أمامهم ما ينتظره في أورشليم. وما يلفت انتباهنا أنَّه في هذه المناسبة، بصفة خاصة، قصد الرب أن يذكر ما سيحدث معه بالتفصيل، الأمر الذي لم يفعله في المناسبات الأخرى، ففي إنجيل متَّى نقرأ أنَّهم: «يهزأوا به ويجلدوه ويصلبوه وفي اليوم الثالث يقوم»، وفي مرقس: «يهزأون به ويجلدونه ويتفلون عليه ويقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم»، وفي لوقا: «يُستهزأ به ويشتم ويتفل عليه، ويجلدونه ويقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم»!
لماذا ذكر الرب يسوع كل هذا؟ هل قصد الرب أن يزيد تلاميذه ارتباكًا وخوفًا؟ بالطبع لا، بل قصد الرب أن يُبدِّد كل حيرة ويزيل كل مخاوف، فما كان يُحيِّرهم، بل ومُخفَى عنهم (لو 18: 34)، كان حلَّه معروفًا مُسبقًا عند الرب، وما كان يملأ قلوبهم خوفًا كان هو يتوقعه بكل تفصيلاته!!
وكأنَّ الرب يقول لهم: ”ها نحن صاعدون إلى أورشليم، وإن كنتم تصعدون متباطئين فها أنا أتقدمكم“ (مر 10: 32)، فهو بلغة يوحنا: «عالم بكل ما يأتي عليه»! من أجل ذلك لا داعي للخوف، ”أهناك أخطار قد تعترضني؟ إنني أعرفها جيِّدًا، وها أنا أذكرها بالتفصيل“.
وكم نتعجب أن نجد ذهن ابني زبدي منصرفًا تمامًا عن كل هذا، وبدلاً من أن يتفهَّما غرض الرب السامي من الصعود إلى أورشليم، نجدهما منشغلين في: من سيكون له الرفعة والمقام الأعلى يوم يملك المسيح؟! والأعجب أنَّ هذه المشغوليَّة بالرفعة جاءت وليدة حديث الرب عن آلامه وموته وقيامته، الأمر الذي أغاظ باقي التلاميذ. لقد تباعدت نظرة الرب وتوجُّهه، عن نظرة التلاميذ وتوجّههم، فالطريق إلى المجد والمُلك يمر عبر طريق الموت والقيامة.
5- هيرودس، بين إرادته وقصد الله
«في ذلك اليوم تقدَّم بعض الفريسيِّين قائلين له: اُخرج واذهب من ههنا لأن هيرودس يريد أن يقتلك. فقال لهم امضوا وقولوا لهذا الثعلب: ها أنا أُخرج شياطين وأشفي اليوم وغدًا، وفي اليوم الثالث أُكَمَّلُ» (لو13: 32).
إنَّنا لا نعرف تمامًا بواعث هؤلاء الفريسيين الذين أخبروا الرب عن مؤامرة هيرودس ضده، وأنَّه يريد قتله، طالبين منه الهروب من وجه هيرودس. ولو أننا نكاد نجزم بأنَّهم لم يكونوا يُنشدون سلامة الرب وأمنه. غير أنَّ هذا التهديد أظهر لنا مزيدًا من روعة الرب وكمال مقاصده. فلقد حمَّل الرب هؤلاء الفريسيين رسالة إلى هيرودس، مفادها أنَّه ما زال يحتاج بعض الوقت، فيه يُخرِج شياطين، ويصنع بعض معجزات الشفاء، خلال الأيام القليلة الباقية من حياته على الأرض. ثم في اليوم الثالث يُكَمَّل، أي بموته وقيامته. وإلى أن يتم كل هذا ما كان بوسع أية قوة أن تؤذيه. فلا هيرودس بكل جبروته، ولا رؤساء الكهنة بكل حيلهم ومؤامراتهم، بل ولا إبليس بكل قواته الجهنميَّة، يستطيعون أن يُنقِصوا يومًا واحدًا من حياة الرب.
وكما في الخليقة الأولى ، هكذا في الخليقة الجديدة لا بد أن يرى في كل ما صنعته يداه أنَّ كل شيء حسنٌ جدًا. وذلك بما أكمله بكل روعة. فلا تتويج لمقاصد الله سوى بالقيامة.
6- الهيكل بين الرمز والحقيقة
«فأجاب اليهود وقالوا له: أيّة آية ترينا حتى تفعل هذا؟ أجاب يسوع وقال لهم: اُنقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه... كان يقول عن هيكل جسده. فلما قام من الأموات تذكَّر تلاميذه أنَّه قال هذا، فآمنوا بالكتاب والكلام الذي قاله يسوع» (يو 2: 15-22).
أهاج الرب مشاعر أعدائه، بتصرفه الصارم والشديد إزاء الحالة المترديَّة التي وصل إليها هيكل الله، كيف تحوَّل بيت الصلاة إلى بيت تجارة. ورغم علم الجميع بما وصل إليه الهيكل، فإنهم صُدموا مِمَّا فعله الرب. أ يمكن لأي إنسان أيًّا كان أن يفعل مثل ذلك؟! وما هو السلطان الذي يُخوِّل له أن يفعل ذلك؟ ولذلك نجدهم يسألونه: « أيّة آية ترينا حتى تفعل هذا؟»، وهنا أجابهم الرب: «اُنقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه»!
كان الرب هنا يفارق بين الهيكل الذي أمامهم المشيَّد بحجارة، وبين هيكل جسده. الهيكل الأول هُدم بأيدي أناس، وشيِّد أيضًا بأيدي أناس، أمَّا هيكل جسد المسيح، فصحيح إنه سيُنقَض بأيدي أناس، لكنه هو الذي سيُقيم نفسه!! وهذه هي آية الآيات. نعم هناك كثيرون قاموا من الموت، لكن لم يُقِم أحد نفسه، أمَّا الرب يسوع فما كان يحتاج أن يُقيمه أحد، بل أقام هو نفسه، كما أعلن هو عن ذلك: «وفي ثلاثة أيام (أنا) أُقيمه». وهذا ما أعلنه الرب أيضًا أمام جموع اليهود: «لي سلطان أن أضعها، ولي سلطان أن آخذها أيضًا» (يو 10: 18)، وهذا إعلان صريح وواضح عن حقيقة شخصه أنه ”ابن الله“، كقول الرسول بولس: «وتعيّن (أي تبرهن) ابن الله بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات» (رو1: 4).
* * * *
ما أروع سيدنا، الذي كما تكلَّم عن موته، تكلَّم أيضًا عن قيامته، وأخبرنا بأنه سيقوم. وهكذا قام من الموت كما قال منتصرًا عليه، مُحصِّلاً لنا كل بركات السماء.

......


عاطف إبراهيم
  رد مع اقتباس