لما سمع الحاكم هذه الاقوال، اضطرب وامر بجلد الطوباوي بقضبان قاسية حتى خارت قواه
واغمى عليه، فجره ورموا به خارجا وهو عريان
الا ان واحداً من المجوس اخذته الشفقة، عليه فالقى ردائه عليه وستره
ولما راى رفاقه ذلك ، وشوا به الى الحاكم فأمر بجلده مائتي جلدة
حتى اغمى عليه ولعل الله ينظر الى عمله الصالح هذا ويترحم عليه
ويمنحه الخلاص اما ايث الاها فحملوه والقوه في السجن من جديد.
وبعد خمسة ايام، اقبل شابور طمشابور الى قريته (بيث طباحا) فأخذ الحاكم السجين واحضرهما امامه، فقال طمشابور لهما( اني مشفق على شيخوختكما فكلا الدم وانا اطلق سراحكما)
فأجابه القديس ان سويه( كلوا انتم الدم فأنكم تسفكون الدم سراً وعلناً)
فامر بجلدهما فدنا منهما اناس يتظاهرون بالشفقة عليهما وقالوا لهما( اننا نقدم لكما عصير العنب عوض الدم فأشرباه لئلا تموتا)
فأجاب القديسان( معاذ الله ان نلحق مذمة بشيخوختنا او ان نخفي حقيقة ايماننا فنكون عثرة للاخرين)
فجلدا ثانية اربعين جلدة، ثم قال لهما هذا الاثيم( يؤتى لكما بلحم طاهر، فكلا منه واطلق سبيلكما)
فقال له(ان اللحم الطاهر الذي تعطيه هو دنس والرضوخ لارادتك اثم ونفاق، اما نحن فلا شأن لنا مع جميع هذه الامور والموت لنا منها جميعاً)
فتشاور الحاكم وطمشابور فيما بينهما وقرر رأيهما على ان يجمعا
اشراف المسيحيين ليرجموا القديسين حيث تم رجم الكاهن يوسف
من قبل المسيحين في اربيل وجوارها، اما ايث الاها فقد اقتاده
طمشابور الى منطقة بيث نوهدرا الى قرية كبيرة تدعى دستجرد
وهو موقع قديم اقيمت فيه مدينة دهوك الحالية وهناك ايضاً اتوا
بريئس البلد واشراف المسيحين رجالاً ونساءاً واخرجوا الطوباوي
خارج البلدة وربطوه في موضوع مرتفع على تله، ثم اضطروا الناس
الى رجمه حتى فارق الحياة، واقاموا حراساً على جثته مدة يومين
وفي الليلة الثالثة جاء مسيحيو المنطقة وسرقوا جثته ودفنوها
باكرام حسبما تسنى لهم.
وفي تلك الايام جرت اعجوبة باهرة في موضع رجمه، فقد نمت شجرة اس
نمو سريعا ًاصبحت مصدر بركات لسكان المنطقة المؤمنين مدة خمس سنين
وبعد ذلك دفع الحسد قوماً فأستأصلوها، وقد اكد رواة صادقون انهم رأوا
مرات عديدة في موضع الرجم فرقاً من الملائكة صاعدين نازلين ليلاً
وهم يسبحون الله .
استشهد هذا القديس في الاربعاء من الاسبوع الاخير من سابوع الفنطقوسطي (الرسل) من سنة 379 م .
ولابد من الاشارة الى ان المؤرخين والكتاب الذين نقلوا لنا سير الشهداء والقديسين
عندما نشروا هذه القصة وغيرها من قصص الاستشهاد لم يتوخوا الدراسة
العلمية والنقدية لها، لانهم يرمون الى تقديمها للقراء على بساطتها
لتكون لهم غذاءً روحياً وامثلة جليلة تحدوهم الى الشجاعة والاقدام
والتمسك بالمبادئ السامية والقيم الروحية.