2 - بل في شريعة الرب هواه وفي شريعته يلهج نهاراً وليلاً:
vالأبرار
أما الأبرار أو البار أو شخص المرنم ذاته. وهم بدورهم يمثلون معسكراً ونموذجا للسلوك، كأشخاص وجدوا السعادة في الربّ وفي شريعته، فباركهم الربّ في كل لحظات حياتهم بما فيها الماضي والحاضر والمستقبل.
يلخّص المزمورُ مجمل حياة الانسان البار بثلاث كلمات:
- يسير،
- يقف،
- يجلس،
فالرجل البار إذن لا يفكر في شييء ولا شاغل عنده ليل نهار سوى شريعة الرب .
vشريعة:
يحدّثنا المزمور الأول عن الشريعة التي يقرأها المؤمن، ويحفظها عن ظهر قلبه، ويتمتم بكلماتها، ويردّدها نهارًا وليلاً. فما هي الشريعة؟ الشريعة لا تقتصرعلى الوصايا العشرفقط، أي ما يطلبه الله من شعبه، بل تمتد لتشمل جميع ما عمله الرب لشعبه في كتب التاريخ والأنبياء والحكمة.شريعة الرب أو وصاياه هي الإطار الذي وضعة الله ليقي الإنسان أخطارالضياع وبها يتغنى المرنم في مزامير كثيرة "شريعة الرب كاملة تنير العينين ...". والشريعة أو القانون أو الناموس كما تترجم في الطبعة العربية هي تعليم أعطاه الله للبشر لينظّم سلوكهم في الحياة. وهي تتألّف أولاً من المجموعات التشريعيّة التي أوحى بها الله إلى عبده موسى ، وبالتقاليد الواردة في كتب الشريعة الخمسة، وتقدم للبشريّة جمعاء قواعدُ أدبيّة وأخلاقيّة سامية، وتتضمّن مواد متتنوعّة تنظّم حياة شعب الله في كل الميادين فهناك فرائض أخلاقيّة ودينيّة، وعباديّة طقسية. تشمل جميع أوجه حياة بني اسرائيل كمسيرة نحو الله. لهذا اتّخذت الشريعة أسماء: تعليم وناموس وشهادة وفريضة وهي وصيّة وحكم. هي في النهاية كلمة الله ومشيئته وطريقه لأنها تتعدّى حدود التشريع البشريّ لتشكل جوهر العلاقة بين الله وأبناء شعبه، وسموّ الشريعة يعود إلى ارتباطها بالعهد فحين قطع الله عهداً مع بني اسرائيل وجعلهم شعبه الخاص، أرفق اختياره لهم بمواعيد وشروط ببركات ولعنات. وهكذا تبدو الشريعة عنصرًا هامًا من التدبير الديني الذي يُهيّئ شعب اسرائيل لمجيء المخلص، ومتطلّباتها، مهما كانت قاسيّة، هي في الواقع نعمة، لأنها تتوخّى أن تجعل منهم شعبًا يتحلّى بالحكمة ومخافة الله (تث 4: 5- 8)، وأن توحّده تحت المشيئة الإلهية وتقوده إلى القداسة التي ينتظرها الله منه " كونوا قديسسين كما أن أباكم هو قدوس". لهذا نجد الشريعة حاضرة في كل مرافق الحياة:
- حاضرة عند الكهنة القيّمين على الشريعة يعلّمونها للشعب في كل مناسبة.
- وحاضرة عند الأنبياء يطبّقونها على ظروف الحياة الجديدة ويعلنون متطلّباتها.
- وحاضرة عند الكتبة والحكماء يسلمونها إلى الأجيال من الأبناء والتلاميذ.
- وحاضرة في كل بيت يعلمها أكبر أفراد الأسرة سناً لمن يصغره من الأبناء والأحفاد في الفصح وفي المناسبات الطقسية المقدسة.
بل عند كل جماعة إسرائيل الذين يجعلونها في قلب حياتهم ويتعلّقون بها، ولو كلّفهم هذا التعلّق التضحية بحياتهم (1 مك 1: 57- 63؛ 2: 29- 38؛ 2 مك 6: 18- 28؛ 7: 1 ي). هذه الشريعة التي وضعها الربّ في شعبه (78: 5) وعلّمها لمؤمنيه (94: 12)، هي حياة المرنمّ وعلّة وجوده. لهذا ينشدها ولا يملّ، ويشهد بها أمام الآخرين، ويعلّمها لأبنائه لئلاّ يتركوها.