4- اعلموا أن الر ب قد اختارني لأني أنا تقيه، الرب يسمع لي إذا صرخت إليه :
وبعد ان وبخ إخوته تحرر المرنم من الضيق فطلب من الرب معونة جديدة تجعل هؤلاء الناس يشاهدون بعيونهم تدخّله العجيب لأجل أحبائه الذين يؤمنون به ويتمسكون بناموسه، حتى تظهر عليهم مخافة الرب فُتبعدهم عن الخطيئة أو التشبّه بسلوك هؤلاء الذين تمرّدوا على الله وعلى النبيّ ولم يصرخوا إلى الرب، بل راحوا يسخرون منه ومن إلهه وحتى من صلاته التي لا تجدي في نظرهم ولن تخرجهم من الجفاف والجوع، بالتالي لا يرون لها أي أثر على حياتهم ومعاناتهم اليومية... لذلك يذكرهم النبي المرنم ببعض البديهيات:
v1- الر ب قد اختارني:
البديهية الأولى: الرب اختارني ومسحني نبياً وملكاً وكاهناً لأكون الوسيط بينكم وبينه، لا لاستحقاقي بل لمحبته وتحننه " لستم أنتم اخترتموني بل أنا اخترتكم". وقد أسهبنا الشرح في المزامير الثلاثة السابقة في ماهية ونوعية هذا الاختيار والتفاعل المتبادل بين الرب وأتقياءه وعرفنا أن الرب لا ينقض عهده لهم.
v2- لأني أنا تقيّه:
البديهية الثانية: وأنا من جهتي أتقيه فأحيا في مخافته "رأس الحكمة هي مخافة الرب" والتقوى تعني الطاعة التامة والخضوع الكامل لإرادته المقدسة، والعمل بوصاياه في كل لحظة وساعة ويوم ، واستحضاره المستمر في كل خطوة وحركة، ليتمم مشيئته في الحياة كلها وإلى النفس الأخير. وتقوى المرنم الحقيقّية تدفعه إلى الرجوع الدائم إلى الله. والسير في طرقه وحفظ وصاياه...وهو لا يقدمها هنا للتباهي والتفاخر بل كأسلوب وحيد نستطيع به الوصول إلى الله
v3- الرب يسمع لي إذا صرخت إليه:
البديهية الثالثة: النبي واثق إن الرب سيستجيب له وينجيه عندما يصرخ نحوه بثقة البنين لذلك فهو يصرح طالما إني أتقي الرب فهو لن يتخلى عني. من هذا المنطلق الراسخ، والثقة المطلقة تولد البديهية الثالثة.
وبذا نخرج بنتيجة حتمية وهي:
- إن النبي يثق في الله الذي اختاره، والله يثق فيه كرجل بار يتقيه ويصنع إرادته
- إن النبي يعمل بوصايا الله ويحفظ ناموسه في حياته، والرب يعتني بالنبي وشعبه ورعيته
- إن النبي عندما يدعو الله فإن الله يستجيب له.
5- ارتجفوا خوفاً ولا تخطأوا. تكلموا في أعماق قلوبكم وأنتم على مضاجعكم صامتون:
وبعد أن فرغ النبي من البديهيات الثلاث يرى أن الموقف يحتاج حتماً إلى أن يوجه بعض النصائح الهامة لإخوته بني البشر من المعسكرين ويضع لهم بعض القواعد الأساسية في أسلوب وطريقة التوجه والوقوف أمام الرب:
أولا: إن التعامل مع الله غير التعامل مع باقي الآلهة من الأصنام والبشر فهو رب الأرباب
ثانياً: الوقوف بين يدي الله يتطلب وعياً بمقدار ضاءلتنا: قفوا أمام الرب بخوف ورعدة
ثالثاً: الدخول في حضرة الله يتطلب طهارة: لا تخطأوا كي تكونوا أهلاً للمثول في أمامه
رابعاً: الكلام مع الرب يتطلب عمقاً: تكلموا معه بأعماق القلب وليس بكلام الشفاه
خامساً: متى صليتم لا تكثروا الكلام بل الأفضل أن تصلوا في صمت.