9 – ويكمن كالأسد في عرينه، يكمن ليخطف المساكين، يخطفهم ويمسكهم بشركه:
بل لعل الأسد وهو ملك الغابة، أكثر شرفاً ونبلا فهو يحارب من أجل البقاء ولا يهاجم أن لم بقرصه الجوع ولا يرتضي بفرائسه دون قتال ويعف عنها حين يشبع... لكن المرنم هنا لا يشير إلى ذلك النبل بل إلى قوة بطش الأسد. وهي صورة مكررة لتأكيد المعني وتضغط بقوة على كل عناصر ومعطيات ومكونات وطباع هذه الشخصية البشعة الطباع الشديدة الوحشية؛ ليؤكد أن الشرير مجرد حيوان مفترس بكل خصائصه الحيوانية : من كمون وترقب ووثب وخطف وإيقاع بالفريسة في الفخ المنصوب وتخديرها بسمومه لتفقد كل قدرة على الرد والمقاومة وتصبح لقمة سائغة بين براثنه الشديدة الفتك المدربة على الافتراس، وهو كالحيوان كذلك في الافتراس أي التمزيق والمضغ والسحق والبلع...
10 – هكذا يرتمون وهم ضعفاء وينحنون ويسقطون في قبضته:
الارتماء علامة على الانهيار والاستسلام العاجز... يكرر المرنم هذا المعنى مؤكداً على أن ضحية العدوان الوحشي دائماً هي الإنسان البريء المسكين الذي ترتكب ضده يومياً هذه الفظائع حيث تسلب أملاكه ويختطف أولاده من حضنه ويباعون في سوق الرقيق والنخاسة إمام ناظريه، بل وتذبح نعجته الوحيدة وقد يمتد الأمر ويتطور حتى يقضى على حياته وهو ضعيف مهيض الجناح لا حول ولا قدرة لديه على مواجهة بطش الشرير؛ وهكذا نراه يسقط منهاراً دون مقاومة وينحني في مذلة وخضوع أمام بطش الظالم المعتدي مسلماً أمره لله الذي يبدو وكأنهنسيه وأشاح بوجهه بعيداً واحتجب عنه ولم يأتي لنجدته، وهكذا يسقط البريء ممرغاً في تراب الذل والهوان وأصعب من ذلك اليأس وفقدان الرجاء.
11 – ويقول في قلبه نسيني الله وحجب وجهه فلن ينظر:
كل هذا يحدث أمام عيني الشرير فلا يرحم ولا يتردد ولا يفكر في التوبة بل نراه يرفض مجدداً وجود الله وعمله وتأثيره في حياته فهو في نظر الشرير يبدو كإله عجوز عاجز عن التدخل بل وينسى ولا يتذكر ما يحدث أما عينيه بل ويحجب عينيه عمداً حتى لا يرى ولا يحاسب.
v وحجب وجهه فلن ينظر:
وبتوالي سقوط هؤلاء الضحايا يتنامى في قلب الشرير الشعور بأنه فوق الجميع، فوق المحاسبة أو حتى الاحتجاج ناهيك عن المحاكمة والعقاب. فيتصور أن الله نفسه لا يريد أن ينظر ويطالع هذه الوحشية لهذا يحجب وجهه وفي هذا الاختلاف بين نظرة البار والشرير إلى الموضوع عجب : حيث يصرخ المرنم جزعاً عندما يشعر باحتجاب الله عنه بينما يفرح الشرير ويتهلل بغرور وكبرياء لنفس السبب.