v الرب في السماء عرشه:
وكأن رؤية الله في الحاضر في هيكله المقدس لم ترو عطش نفسه، فانطلق إلى الأعالي محلقا إلى السماء، لينظر الله جالسا على عرشه المهيب، قادراً جباراً. كم هي عظيمة قوّة الرجاء بالله. إنها حصن لا يؤخذ، وسور لا يُقهر، وعون قوّي، وميناء هادئ... وقوّة تفوق الطبيعة، تؤمّن للمتقين مخرجًا سهلاً وسط أعظم الأخطار. بها أنتصر أناس بلا سلاح، على أعداء مدجّجين بالسلاح...
v عيناه تبصران بني البشر وبطرفة جفن يمتحنهم:
ما أبهى هذا المنظر، إنه كفيل بأن ينزع عن نفس المرنم كل خوف وجزع واضطراب، ها هو في حضرة الله واقف فممن يخاف؟ ها هو لله جالس على عرشه ينظر، فكيف يجزع قلبه؟.
"عيناه تهتمان بالنظر إلى الفقير، وجفناه يسألان بني البشر. الرب يدين البار والشرّير. وهكذا من يحبّ الإثم يكره نفسه. ويقول مترجم آخر: "الرب يتفحّص بعناية". وآخر: "يمتحن البار والشرير، فتمقت نفسُه ذاك الذي يحبّ الجور". وآخرون في النهاية: "ذاك الذي يحبّ الجور يبغض نفسه".
الله مستعدّ دومًا للإسراع إلى معونة اصفيائه ومتعجل في الدفاع عنهم. هكذا يملأ كل شيء بحضوره. هكذا يرى، هكذا ينظر إلى كل شيء. وعمله الذي يحبّه وهوايته المفضلة، أن يمدَّ عنايته إلى بني البشر ويهتمّ بهم، أن يوقف مجهود الظلم ويعين ضحاياه، أن يجازي فضيلة هؤلاء ويعاقب إثم أولئك. إذن، لا يستطيع شيء أن يفلت منه، ووسع نظراته يضمّ الأرض كلها. وهو لا يكتفي بأن ينظر إلى الشرّ بل يريد أن يصلحه. و"الرب العادل". لا يستطيع أن ينظر بلامبالاة إلى الشرّ الذي يُقترف أمام ناظريه. فهو حقًا يمقت الأشرار ويوافق على سلوك الأبرار. (يوحنا فم الذهب).