oكيف نعيش هذا المزمور في حياتنا كمسيحيين:
لا خلاف على أن هذا المزمور هو أيضا تجسيد لما يمكن أن يحياه المسيحي الحقيقي:
عندما ننشد هذا المزمور نتذكّر ما قاله يسوع عن العالم، ونعرف أن روح العالم فينا وبيننا، كما كان في شعب الله، وأن الشر لا يوجد فقط في أعداء شعب الله، بل هو داخل شعب الله وداخل قلوبنا. أما قال يسوع إنه من الداخل، من قلوب البشر تخرج الأفكار الشريرة: الفسق والسرقة والقتل... (مر 7: 21).
- قال البابليّون يهوه الرب غير موجود: وجدوا برهانًا على كلامهم حين اقتادوا بني إسرائيل للمنفى ولم يدافع عنهم أحد. ثم إنهم حين دخلوا هيكل أورشليم ليسلبوه لم يجدوا إلاّ الفراغ. أين إله شعب إسرائيل، والبابليّون لم يروا شيئًا في الهيكل؟ أما يكون الإسرائيليّ مُلحدًا وناكرًا لوجود الله؟ هنا يردّ المرنّم على هؤلاء الجهّال، ويبيّن لهم أن عباداتهم تقودهم إلى الاستغناء عن الآلهة التي يعتبرون أنهم يتعبّدون لها. هم يريدون أن يضعوا أيديهم على الإله ويستخدمونه، بل أن يُحلّوا محلّه شيئًا آخر.
- ما من بار ولا واحد: استعمل القديس بولس كلمات هذا المزمور في رسالة رومية (3: 10-12): "فقد ورد في الكتاب: ما من بار ولا واحد، وما من أحد يدرك، ما من أحد يبتغي وجه الله. ضلّوا جميعًا ففسدوا معاً. ما من أحد يعمل الصلاح، لا أحد".
- الخطيئة شملت جميع البشر فأخطئوا كلهم: ويورد القديس بولس هذا المزمور في خاتمة برهان يبيّن أن لهذا جعل الوثنيين واليهود معًا، مستعينًا بهذا المزمور الذي يشجب الإنسان المُشرك الذي يستخدم الله ولا يخدمه، الذي يسعى لأن يخلّص نفسه بنفسه ولا يطلب الله.هذا ما يلوم به بولس اليهود. فقد صاروا ملحدين مع الشريعة واعتبروا أنهم بسبب أخلاقهم ودينهم، لم يعودوا يحتاجون إلى الله. هم لا يبحثون عن شيء، هم لا ينتظرون شيئًا. وهكذا لم يعد من محلّ في قلوبهم لله ولنعمته. لقد صارت الشريعة كالممارسة السحريّة. فَبِها يحسب اليهوديّ أن كل شيء بأمره، وأنه يستطيع أن يحصل على ما يريد.
- الفسادُ شملَ البشريّة كلها: هذا ما يقوله القديس بولس ليصل بنا إلى القول إن الخلاص شمل أيضًا البشريّة كلها. أما خطيئة الإنسان فهي أن لا يقبل بوضعه ويقول: لا أعرف الله ولن أعرفه وحدي. خطأه الكبير يقوم بأن يعلن أن الخليقة هي الخالق.
- حين يردّ الربّ شعبه من السبي: نحن هنا أمام تعارض بين المنفيّين والوثنيّين، بين الشعب المختار والشعب الذي يستعبده. هذه هي ردّة الفعل عند المؤمن أمام هؤلاء البابليّين الذين لا يدعُون اسم الرب، ويستغلّون شعب الله كما استغله المصرّيون في الماضي. أما المرنّم فيردّ على هذا القول، ليجنّب أبناء شعبه قولاً يعتبر البابليّين هم أيضًا أبناء ديانة من الديانات: فلا مشاركة ولا توافق بين المؤمن والوثنيّ، ولا تعاهد ممكنًا بين شعب الله وهذا الشعب الغريب. فالبابليّون.
- فليتهلل يعقوب ويفرح إسرائيل: التحرر من السبي معناه التحرر من أي شر وبيل، وأية ضيقة عظيمة. لقد كنا في سبي إبليس حتى جاء الابن فحررنا بصليبه، مانحًا إيانا بهجة وخلاصًا!اعتاد اليهود أن يشيروا إلى هذه الآية الأخيرة كنبوة عن زمن المسيا كفادٍ لهم، وقد تحقق هذا الخلاص خلال الكنيسة، صهيون الجديدة، وتغيرت الصورة بالكامل من الضعف إلى صيحات الفرخ، كإعلان عن النصرة على العدو. أما اليهود ففي تمسكهم بالحرف القاتل لا يزالوا يطلبون خلاصًا ماديًا ومملكة زمنية بفكر صهيوني بعيد عن الفكر الكتابي الحق.