ثالثاً: تفسير المزمور:
القسم الأول: سؤال ضيف الله (1):
1 – يا رب من يجاور مسكنك؟ من يسكن في جبلك المقدس؟
الخيمة تذكّرنابخيمة الاجتماع في الصحراء حيث كان موسى يكلّم الله وجهاً لوجه، ويعتقد البعض أن استخدام كلمة "خيمة" للدلالة على مكان إستقرار تابوت العهد، يشير إلى أن هذا المزمور لا يمكن أن يكون قد وُضع بعد حكم داود، أو بداية حكم سليمان الحكيم؛ فقد أُستخدمت كلمة "هيكل" بعد ذلك الحين أو أي لفظ آخر غير كلمة "الخيمة"؛ كما لا يمكن أن يكون المزمور قد وضع قبل داود الملك لأنه لم يكن قد نُقل التابوت إلى جبل صهيون.
v يارب من يجاور مسكنك ؟:
إذ يصدر السؤال عن قلب مشتاق أن يدخل إلى بيت الله ويستقر فيه لينعم بالشركة معه ويتمتع بالأحضان الأبوية؛ فإنه لا أحد يستطيع أن يقدم الإجابة غير روح الله القدوس الذي أعلن عن سمات ضيوفه الراغبين في التمتع بالحضرة الإلهية. تجيء الإجابة بسيطة للغاية لكنها مستحيلة تماماً على الطبيعة البشرية الفاسدة، وكأن المزمور يعلن بطريق غير مباشر أن التمتع بالشركة الألهية يحتاج إلى تدخل إلهي حتى نلبس بر الله، فنجلس في وليمته، وننعم بثياب العرس ونجد لنا مكاناً على مائدة الملك السماوي، نحتاج إلى نعمة الله المجانية التي توهب بالإيمان لمن يجاهد قانونياً...
المزمور يبدأ بتساؤل فالنبي الذي يعيش بجوار الهيكل، ويسكن مدينة أورشليم، والسكن في صهيون يعني الإقامة في هيكل الرب، وحضور الاحتفالات الدينيّة، والمشاركة في الليتورجيا، وتلك أعظم فرحة للمؤمن الساكن فيها وللآتي من بعيد حاجاً إليها... لذلكيطلب المرنم من سكان هذه المدينة وزوّارها الحجاج ، بل ومن جميع الذين يعبدون الله ويدعون اسمه، مجموعة من السلوكيات التي تجعلهم أهلاً لشرف الوقوف في أمامه...
تعالوا نتأمل شروط المرنم في من يشتهي أن يدخل هيكل الرب أو يسكن جواره، مع العلم أن هذا السكن وإن كان حصرياً ومكانياً إلا أنه رمزي وغير مرتبط بمكان، بقدر ارتباطه باسم الرب العظيم. لذا يتساءل المرنّم: يارب أنت هو القدوس الساكن في السموات، من يقدر أن يقترب إلى مسكنك أو تكون له شركة معك؟ السماء ليست بطاهرة في عينيك، وإلى ملائكتك تنسب حماقة فكيف يستطيع الإنسان القابل للموت أن يقترب إلى بهاء لاهوتك؟وقد استطاع داود النبي من خلال العهد الإلهي والعشرة المستمرة معه، أن يدرك أن ضيف الله الداخل إلى مقدسه، يتمتع بخلاصه وبركاته والشركة معه. لذلك فعلى الذين يدخلون إلى هذا البيت، أن يحظوا بأرفع درجة من الصلاح وأعلى قدر من العدالة.