رابعاً: تطبيق المزمور:
أولاً: كيف عاش الرب يسوع هذا المزمور
حيث يعتبر الآباء المزمور مسيانياً تعالوا نستعرض مدى قربه وانطباقه على حياة الرب يسوع:
- أُحبك يا رب يا قوتي: أعلن يسوع عن عمق كيان الله وبشر بإله غير الذي عرفته البشرية منذ القرون الأولى " فالله محبة " وقد أعلن محبته للبشر بأن أرسل أبنه الوحيد ليخلص به كل من قد هلك، وعاش اعلى الأرض في محبة وتسليم كامل من لحظة ميلاده حتى سلم روحه بين يدي أبيه على الصليب فأقامه ممجداً، كما رفض استخدام أي نوع من القوة واتكل على الله وحده فكان فيه رجاء وقوته.
- الرب صخرتي وحصني ومنقذي : كان اعتماد المسيح الدائم على دعم الرب وطلب معونته في كل خطوة وكلمة ومعجزة ركناً أساسياً من أركان بشارته وعلامة لا تغيب عنه حتى حين تخلى عنه الجميع " الحق أقول لكم تأني ساعة وهي الآن حاضرة تتفرقون فيها وتتركوني وحدي ولست أكون وحدي لأن أبي هو معي " ( يوحنا ) فكان الرب له صخرة لا تتزعزع وحصناً لا يقتحم ومنقذاً من فخاخ الموت حيث أقام من بين الأموات ولم تقوى عليه الهاوية ولم يبلعه الموت.
- دعوت الرب فخلصني: لعل المرتل - في ضيقته - عاين بروح النبوة السيد المسيح، ابن داود، في صلبه... لقد صرخ إلى الآب أبيه وسُمع له من أجل تقواه، عندئذ تزلزلت الأرض وارتعدتوتشققت الصخور، كما روى لنا الإنجيليون، وقام أجساد كثير من القديسين ودخلوا المدينة. كان نداء يسوع على الصليب تأكيداً لحواره المستمر مع أبيه وسمعه اليهود فقالوا " أنه ينادي . فلنرى هل يأتي ليخلصه".
- في ضيقي دعوت الرب وإلى إلهي صرخت: انطبقت هذه الآية حرفياً على الرب يسوع الذي صرخ لأبيه على الصليب ودعاه وظل معه على اتصال كامل حتى في أشد اللحظات ألماً إلى أن سلم بين يدي الآب روحه الطاهر. يعلن القديس بولس عن هذه الصرخة الموجهة إلى الآب، قائلاً: "الذي في أيام جسده، إذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلص من الموت، وسُمع له من أجل تقواه" (عب 5: 7). سُمعت صرخته بإقامته من الأموات ونواله المجد والملكوت.
- حبائل الموت اكتنفتني: طبعاً تنطبق الآية تماماً على ما عناه يسوع من لحظات التأمر والقبض عليه وتسليمه للصلب وهو ا لبرئ إلى لحظة تسليمه للروح في يدي الآب ، فإن مات الجسد ودفن وأطبقت حبائل الموت عليه لثلاثة أيام، فإن الروح صعدت مباشرة إلى حضن الآب الذي أقام جسد أبنه ممجداً ناقضاً الأوجاع وممزقاً لحبال الموت الرهيبة فصار باكورة القائمين وبموته وقيامته أعطى القيامة والحياة لجميع الذين يؤمنون باسمه ...
- أرتجت الأمم: هكذا كان وتم حرفياً عند موت المسيح فتزلزلت الأرض وتشققت الصخور وأنشق حجاب الهيكل وصارت ظلمة على الأرض حيث شاركت الطبيعة خالقها حزنه على غدر الإنسان وخيانته وعدم أمانته ...
- طأطا السماء ونزل ركب على كاروب وطار: ما كان ممكناً للإنسان وقد إنحدر إلى الموت أن يلتهب بنار الحب الإلهي، وتشتعل فيه الجمرة المقدسة، ما لم ينزل السماوي نفسه إليه، يطأطئ السموات ليلتقي بنا على أرضنا، فيهبنا روحه القدوس الناري. نزل إلينا متجسداً، فأخفى بهاء لاهوته، لأنهم لو عرفوا لما صلبوا رب المجد (1 كو 2: 8). هذا ما عبَّر عنه المرتل بقوله: "الضباب كان تحت رجليه". اختفى مجده وحُجب عن الأعين البشرية...
- بالطبع صعدت روح المسيح الطاهرة محمولة على الكاروبيم وأجنحتهم. يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن السحاب هو المركبة الملوكية التي أٌرسلت إلى الملك السماوي، يسوع المسيح، عند صعوده ليكون في اللحظة نفسها عالياً متسامياً جالساً عن يمين الآب على نفس عرشه الكاروبيمي ليظل حاضرا في كنيسته إلى الأبد وقريباً لمن يدعوه ...
- لا يمكن أن تتحقق هذه الكلمات بالكامل إلا في شخص ربنا يسوع المسيح، ابن داود، الذي نزل إلى عالمنا، وصار ملكاً على جميع المؤمنين القادمين من الأمم؛ هو ملك الملوك (رؤ 17: 14). الشعب المذكور هنا هو كنيسة العهد الجديد.