v يا مخلصي :
عندما يعترف القلب بهذا البهاء الجميل، يصرخ شاكراً وكأنه يرد الجميل، فداود كان ميتاً بمقياس العدو والصديق فعاش، وكان ضائع الحقوق بلا رجاء فنال كل رجاء. وكان فرداً طريداً مطارداً فأصبح ملكاً سعيداً متوجاً. وفتحت الهاوية فاها لتبتلعه، فانهزمت الهاوية وُدكت أبواب الجحيم. ونُصبت حوله الفخاخ، لكن كل فخ أنكسر... فكيف لا يحب بكل كيانه من بذراع قوية ويد قديرة انتشله من الجب وخلّصه من الهاوية.
لا مجال ولا داع لذكر ما تعرض له داود ، يكفي أن تقرأ سفر صموئيل لنعرف ما مر به من أهوال وضيق، وكم مرة كانت حياته قاب قوسين أو أدنى من النهاية، وهو هنا ينشد معترفاً للرب بكل ما في قلبه من الحب، لأنه خلصه ونجاه من كل المحن والبلايا.
3 - الرب صخرتي وحصني ومنقذي إلهي صخرتي وبه أحتمي، وترسي وحصن خلاصي وملجأي:
في هذه الآية يذكر القائد العسكري المحنك كل أدوات القتال الدفاعية، فمن الأدوات الهجومية السيف والرمح والسهم... لكنه هنا لم يكن في موقف الهجوم بل الدفاع بل الهروب، وفي حربه هذه لم تكن لديه أي من وسائل الدفاع ليحتمي بها أمام بطش شاول الذي شعر بأن مجرد وجود هذا الرجل على قيد الحياة فيه تهديد لعرشه وملكه وحياته ولم يكن بعيداً عن الحقيقة فقد "غادره روح الرب" واستقر على داود بعد أن مسحه صموئيل. ولعل شاول قد أدرك بمرارة شديدة تحول الرب عنه بسبب خطاياه وشرور قلبه، فلم يبقَ أمامه سوى أن يقضي على داود وينتهي منه مرة واحدة، مبعداً خطر وجوده عن المملكة، لذلك هاجمه وطارده وحاصره، وداود الذي لم يعد يملك سوى اللجوء لله، يفر أمامه أعزل من السلاح والعتاد والرجال فيرى في الله:
v صخرتي :
الصخرة هي موقع يستطيع المقاتل أن يقف عليه ثابتاً لا يتزعزع ولا يتعثر أمام العدو، كما يوفر ارتفاعاً يسمح برؤية أفضل لمواجهة المخاطر... والرب كان لداود هذا الموقع الاستراتيجي الذي احتمى عنده ووقف عليه صامداً لا يخشى سهام العدو.
v ترسي :
الترس أو الدرع هو سلاح دفاعي من الدرجة الأولى يحمله المقاتل أثناء النزال ليصد به سهام العدو ويتقي من خلاله ضربات السيوف والرماح القاتلة... وكان الرب لداود ترساً.
v حصن خلاصي :
الحصن أو القلعة هو مكان يتحصّن فيه المقاتلون وهو مبني بطريقة قوية في موقع متميز على صخرة بحيث يكون منيعاً، يستحيل على الأعداء اقتحامه. عادة ما يكون زاخراً بكل أنواع السلاح والذخائر والعتاد والعدة بل والزاد والمؤن لمواجهة كل المواقف، كما جرت العادة أن تكون الحصون نقطة انطلاق للجيوش في حالة الهجوم، وملجأً أخيراً لها في حالة الدفاع... وقد كان الرب لداود حصناً لاذ إليه وقت لم يكن أمامه مفر، فسكن إليه ووجد عنده كل الحماية والعناية والغذاء بل والراحة والنوم أيضاً.
v ملجأ:
الملاجئ هي أماكن يلوذ بها المقاتل للاختباء كالأكواخ والمغاير وهي لا تحوي عادة ما تحويه القلاع من إمكانات لكنها توفر على الأقل إمكانية الاختفاء والتواري عن عيون العدو... ويلجأ إلية الجنود والقادة في المرحلة الأخيرة بعد انهيار القلاع والحصون وانهزام الجيوش... وقد كان الرب لداود ملجأً وحامياً حصناً وقلعةً وإن كان جيش الرب لا يعرف الانهيار، لكن هدف داود هو التأكيد على أن الرب كان كل له شيء وقد فعل كل شيء لحمايته.