عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 13 - 04 - 2013, 05:59 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
Mary Naeem Mary Naeem غير متواجد حالياً
† Admin Woman †
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: Egypt
المشاركات: 1,314,752

خامساً: خاتمة المزمور
مسرة الله أن يستجيب صلوات مؤمنيه الذين يثقون فيه، واهبًا إياهم نصره وحمايته وسلامه.لحياتنا وجهان متكاملان، فهي "يوم شدة" "يوم فرح داخلي"؛ هي يوم شدة بسبب وجود عدو لا ينام، يحاربنا لكي ينتزعنا من أيدي إلهنا، وهي يوم فرح داخلي لأننا ننعم فيها بالانتصار على التحارب من خلال شركتنا مع المسيح كنزنا وسلامنا كعربون للحياة الأبدية.
يتعرض أعظم الرجال - حتى الرسل والقديسون والملوك المقتدرون - للألم والضيق، ويحتاجون إلى صلوات الغير عنهم، ليعينهم الله نفسه. ففي الليتورجيات القبطية يصلي الكاهن من أجل الشعب والشعب أيضًا من أجل الكاهن؛ فالكنيسة المصلية معًا- كهنة وشعبًا- لا يُستهان بها في السماء!
كما يلتزم كل مؤمن - كاهنًا أو من الشعب - ألا يحتقرَ صلوات الغير لأجله، بل يطلبها في جدّية، حتى من الذين يَبْدون أقل منه. غير أن هذه الصلوات لا تفيد كثيرًا حتى إن قَدَّمها قديسون ما لم يُصَلِّ الإنسان نفسه أيضًا. فداود كان ملكًا، ورجل حرب، وقاضيًا وكان لديه كهنة وأنبياء وشعباً يصلون لأجله، ومع هذا لم يُعْفِ نفسه من الصلاة الشخصية ولا الحماعية. لقد تعلم داود الملك بما لديه من خبرة كرجل حرب أن يضع ثقته في الله، ليس فقط برفع صلاة لله في مخدعه أو حتى في الهيكل أمام تابوت العهد، وإنما أيضًا بطلب الصلاة لأجله من الكهنة والشعب، وأن يقدموا ذبائح عنه. وكأن العبادة الشخصية والجماعية متكاملتبن.
فالحياة الحاضرة هي "يوم شدة"، أو "وادي الدموع"، لأن الكنيسة كعروس للمصلوب تشارك عريسها آلامه، وتصارع بنعمته ضد الظلمة، وتجاهد حتى يتمتع كل واحدٍ بنعمة الخلاص. والآن إذ قدم السيد المسيح نفسه ذبيحة انفتحت أبواب السماء أمام الكنيسة لتعيش في السماء عينها، حيث يرفع روح الله القدوس صلواتنا بل ونفوسنا إلى السماء لتنال العوْن الإلهي عبر ذبيحة الإفخارستيا.
في حربه اليومية، يجد المؤمن الحقيقي نصرته في ذبيحة القداس، بالتناول من جسد المسيح ودمه، وقبول الألم والصليب كقوة للخلاص. يقول الرسول: "ولكننا نكرز بالمسيح مصلوبًا... فبالمسيح قوة الله وحكمة الله... لأني لم أعزم أن أعرف شيئًا بينكم إلا يسوع وإياه مصلوبًا" (1 كو 1: 23-24؛ 2: 2).
لنعرف أن الله يقبل محرقاتنا الروحية، إذا ما أشتعلت نفوسنا بنار الحب الإلهي التي الهبت قلوب قديسيه عبر الأجيال، ولا تقدر مياه كثيرة ولا كل قوات الظلام أن تطفئها... إنه يسكب فينا ببهجة أبدية قوة القيامة والانتصار على الموت. وكما يقول القديس أغسطينوس" ليت الصليب الذي قدمت عليه ذاتك كمحرقة كاملة لله (الآب)، يتحول إلى بهجة القيامة".
واخيراً فإن شهوة قلب الله هي خلاص البشر مما استدعى موت ابنه ذبيحة ومن ثِم قيامته وصعوده إلى الأمجاد. وكما يقول القديس أغسطينوس "إننا نبتهج، لأنه لم يكن ممكنًا للموت أن يؤذيك بأي حال من الأحوال؛ ولهذا تبرهن لنا أنه لا يقدر أن يؤذينا نحن أيضًا". ويتم الخلاص ويتحقق النصر بقيامتنا وتحررنا من سلطان إبليس. كذلك نحن إذ تصير لنا ذات شهوة قلب الله والمسيح، يحقق الآب سُؤْل قلبنا ويهبنا طلبتنا، مٌقدّمًا لنا بهجة الخلاص في حياتنا كما في حياة الغير.
لقد وهب الله داود سُؤْل قلبه، لأن قلبه كان مثل قلب الله، ولم يهدف قط إلاّ إلى ما يُرضيه. وهكذا مَنْ يسلكون حسب مشورة الله وإرادته يتمم الله سُؤْل قلبهم ويحقق لهم إرادتهم، واهبًا إياهم الفرح الحقيقي.
رد مع اقتباس