عرض مشاركة واحدة
قديم 22 - 03 - 2013, 07:37 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,310,513

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: المزمور السادس عشر: الرب كفايتي وفرحي

o كيف نعيش هذا المزمور ‏في حياتنا كمسيحيين في القرن الحادي والعشرين:
لا اختلاف على أن هذا المزمور هو أيضا تجسيد للطوبى التي يحياها المسيحي الحقيقي:
- "احفظني يا رب فإني عليك توكلت": يحفظ الله مؤمنيه، وقداستهل داود صلاته بتوسل أن يحفظه الله، فتحقق له ذلك، كما يظهر في صلاة السيد المسيح الوداعية إذ يقول: "أيها الآب القدوس، احفظهم في اسمك، الذين أعطيتني، ليكونوا واحداً كما نحن" (يوحنا 17:11). وإذ سُمع له من أجل بره الإلهي صرنا نحن محفوظين كأعضاء جسده.وهكذا حين يصلى المسيحي بإيمان ينال من الرب ما ناله داود النبي وربنا يسوع.
- أنت سيدي أنت وحدك سعادتي: يختبر المؤمنون الحقيقيون عطية الخلاص ويشعرون بالسعادة لما يتمتعوا به مع الله. وما ينتظرهم في الدهر الآتي. بالإيمان يعاينون هنا السيد المسيح حالّ في قلوبهم، وهناك يرونه وجهاً لوجه. لذلك فالمسيحي الحقيقي "فرح دائماً" حتى في الضيقات " إني أفرح بالضيقات" فهو يحيا من الآن أثناء جهاد الحياة اليومية ميراثاً أبدياً يفرح القلب وينعم بعربون المجد.
- الرب نصيبي وكأسي: ليختْر آخرون أنصبة لأنفسهم، أنصبة أرضية زائلة يتمتعون بها. أما نصيب القديسين فهو الرب، ليشرب آخرون من كأس المسرات المميته، أما نصيب قسمتي وكأسي فهو الرب.هكذا كانت حياة يسوع على الأرض وهكذا يجب أن تكون حياة المسيحي كيسوع ينشد نشيد الثقة، بعد أن غمَرنا بأنواره. يقول القديس أغسطينوس "هكذا يكشف المخلص الرب أسرار قيامته في قلوب قديسيه ليتمتعوا به نصيباً وميراثاً، يُشبع نفوسهم، مقدساً حتى الأرض التي يسيرون عليها... وكأنه يهب قديسيه قيامته كحياة، ويأخذ أرضهم (أجسادهم) لينسبها له؛ فيدخل مع قديسيه في علاقة حب متبادلة، يصير خلالها ما لنا له وما له لنا، بل نصير نحن أنفسنا له وهو لنا". عندئد يمنحنا الله ذاته كأساً ويكون لنا نصيباً...والإنسان المسيحي لا يقول للرب أنت الذي ترد إليّ ميراثي فقط، "بل أنت ميراثي"، لا تشغله ملذات العالم بل يتلذذ بالرب. لأنه يقف معه فلا يتزعزع لدا فهو واثق من عونه ومشورته وإرشاده.
- أما الأشرار: الذين كثرت أمراضهم، فإن الله يسمح بالأوجاع والأمراض لعلهم يدركون مرضهم الداخلي، ويبحثون بالتوبة عنه ويلجأ إلى المخلص، طبيب الأجساد والنفوس طالبين الشفاء!.عجيب! يسمح الله للأشرار بالضيق ليرحعوا إليه فيخلصون، ويسمح لقديسيه به لتزكيتهم ونموهم ومجدهم.
- "قلت للرب أنت ربي": إذ تلتقي النفس بالله مصدر حمايتها تدخل كما في عهد فتقول له "أنت ربي" وتعلن ثقتها فيه بكونه ربها، وأنها ليست ملكاً لذاتها ولا سيدة نفسها، بل سلمت حياتها له بكونه ربها وقائد حياتها. هكذا الإنسان الذي يعيش الشركة مع الله والتسليم الكامل له، لا يشعر أن سيادة الله وربوبيته تنقص من قدره أو تقلل من سعادته، بل تزيده سعادة واطمئناناً. وهكذا نستطيع أن تستوعب هذا الفرح الطوباوي للآباء القديسين الذين عاشوا في شركة كاملة مع الله وتحت سيطرة الرب وحراسته . إذ تثق به، يحفظها فيه كملجأ، ويتعامل معها كونها خاصته وهو خاص بها (ربي).
-"ما أعظم القديسين الذين في الأرض": تستمد كلمة "القديسين" معناها من أصلها، من مفهوم الله القدوس والشعب الذي أفرزهوقدسه له ودعاه ليُعلن قداسته ومجده للعالم من خلال شهادته له. يقول العلامة أوريجانوس: "إن المؤمنين الذين يسعون في طلب القداسة يُدعون "قديسين"، بسبب تَقدمهم في حياة القداسة وإن لم يدركوها تماماً في كمالها. إنهم يتمتعون بالحياة المقدسة خلال الشركة مع السيد المسيح القدوس، يغتسلون بدمه من خطاياهم وضعفاتهم، ويتسربلون ببره وقداسته، بعمل روحه القدوس فيهم". هؤلاء القديسون يعيشون في "أرضه"؛ أي يسلكون في ذات العالم الذي فيه يعيش الأشرار، كدلك يرى المسيحيون في العالم والمسكونة بصمات الله صانع المستحيلات لأجلهم، فيدركون أنهم إنما في أرض إلههم ،في بيت أبيهم، في كنيسته المقدسة "أرض المخلص"، فتستريح نفوسهم حتى ترتفع لتراه وجهاً لوجه.
- حبال تقسيم: يقول القديس جيروم: "أطع أمر الرب "اتبعني" وخذ رب العالم مِلكاً ونصيباً لك، لكي تُسبّح مع النبي: "الرب نصيبي"، وكلاويٍّ حقيقي لا تملك الآن ميراثاً أرضياً، وكما كان الله هو مِلكْ الكهنة واللاويين ونصيبهم (عدد 18 :20) فإن من كان للرب نصيباً صار الرب نفسه نصيباً له، لايعود محتاجاً أن يملك مع الرب شيئا"ً. يقول القديس امبروسيوس أيضاً "حين نحصل على لقب "لاوي"، الذي يعني "هو مِلكي"أو "هو لي"، تعظم كرامتنا، إذ يقول الله للإنسان: "أنت لي"، أو كما قيل لبطرس عن الخاتم الذي وجده في فم السمكة: "اعطهم عني وعنك" (متى 17: 27). حقاً ما أحوجنا أن ندرك أننا تحت مظلة مخلصيقدس عالمنا وننعم بالسكنى في أرض الله ... كنيسته .
-يعلن الرب "عجائبه" في حياتنا، فيحوّل حتى شر الأشرار إلى نفعنا، يخرج من الآكل أُكلاً، ومن الجافي حلاوة...إذا رجعنا إلى حياة داود والقديسين سنجد هذه المعادلة تتحقق كاملة رغم الآلام ، فهي لا تخلو من الألم وفي هذا يقول القديس فرنسيس الاسيزي "الفرح الكامل هو أن نتألم" ويقول بولس الرسول "فرحي وإكليلي ... أن أكمل ما نقص من آلام المسيح في جسدي ..." كما يؤكد داود نفسه في مزاميره" كثيرة هي مصائب الصديقين ومن جميعها ينجيهم الرب" ( مزمور ) فالمؤمن الحقيقي ليس طفلاً يعلن فرحه بما نال من حظ وما تحقق له من أماني فحسب، إنه هو إنسان مؤمن بوجود الله سيداً وحارساً لحياته، لذا يسير معه مطمئناً حتى إذا عبر في وادي ظلال الموت، فهو يدرك أن الله معه يحفظه "إن سرت في الظلمة ووادي ظلال الموت فلا أخاف شراً لأنك معي" ( مزمور23: 4) لذلك فهو يقبل من بين يدي الله كل شيء بفرح وثقة وإيمان وخضوع.
- "صنع فيهم كل مشيئته": القديسون الذين يعيشون في أرض الرب، يضعون رجاءهم في أرض الأحياء، يثبتون سيرتهم الروحية بمرساة الرجاء عندئذ يتعرفون على مشيئته ويعملون بها،محققين مخطته الخلاصي لينعموا بشركة أمجاده، وما عجائب مشيئة الله في قديسيه إلا عمله الخلاصي يعلنه لهم ويحققه بهم وفيهم لينعموا بحياة جديدة، فتنسجم مشيئتهم الصالحة مع مشيئته المقدسة... وإذا كان الصلب أمر عامّ عاينه اليهود والأمم؛ فالقيامة تُمنح هبة إلهية لمن يسعى إلى الحياة الأبدية، إذ يصبح المسيح القائم نصيباً وميراثاً له.
- "لا أجمع مجامعهم من الدماء، ولا أذكر أسماءهم بشفتيَّ": "لا تذكروا إسم آلهة أخرى ولا يُسمع من فمك" ( خروج 23: 13) "تقطعون تماثيل آلهتهم وتمحون إسمهم ( تثنية12: 3) . "وأنزع اسماء البعليم من فمها فلا تُذكر أيضاً باسمائها" ( هوشع 2: 17). كأن الله أراد لشعبه أن يتقدس تماماً فلا يدنس فمه بمجرد ذكر اسماء الآلهة الوثنية. ويضيف القديس كيرلس الكبير "إن كان الله يعلن أسراره لقديسيه، ويطلب عودة الأشرار إليه كطبيب يشفي جراحات نفوسهم، فإن القديسين من جانبهم يتحاشون مشاركة الأشرار في شرهم وعبادتهم.."هذه هي غبطة التمتع بالشركة مع الله؛ والكأس كانت تمر على الحضور في عيد الفصح وهي رمز للإفخارستيا وعربون نعمة الله الخلاصية. ك>لك على المسيحي الحقيقي ألا يشارك فيما يقدمه عالم اليوم من موضة وتقاليع، فكثير من عقائد وعبادات ومظاهر وعادات الشعوب والأديان حولنا تتسرب إلى حياتنا فتفصلنا عن روح الإنجيل الحقيقية.( القضاء والقدر- البخت والنصيب- التفاؤل والتشاؤم-الفهلوة- الرشوة- الوصولية- الدجل: قراءة الفنجان، المندل، السحر والأعمال...إلخ)
-"من أجل هذا فرح قلبي وتهلل لساني: عندما يصير الله كمصدر شبع للنفس البشرية يقدم لنا "التهليل" هبة من عنده لمن هم في شركة معه، فتمتلئ قلوب المسيحيين فرحاً وسعادة، إذ تشعر بالأمان بين ذراعيه. القلب في الداخل يفرح واللسان من الخارج يتهلل، وكأن كل كيان الإنسان يتجاوب مع عمل نعمة الله. الجسد والنفس يمجدان الله؛ مع أن الجسد يمارس الأصوام والنسك وما يبدو من حرمان، لكنه فرح لأن دلك يؤول إلى الخلاص، ويدرك وسط الآلام أنه يعبر إلى القبر حيث يسكن على رجاء القيامة، ليقوم جسداً روحياً نورانياً ممجداً؛ وكدلك تدرك النفس عُرسها الأبدي مع مخلصها الذي يهبها الخلود الدائم.
- والله إذا سمح بهزيمة أحباءه أو حتى موتهم على أيدي الأشرار فليست هذه هي النهاية، إنها بداية لحياة لا تعرف الموت، لهذا يُحتفل بأعياد القديسين يوم موتهم أو استشهادهم فتلك هي البداية. فالله يطهر أبناءه عبر هذه الآلام ويقبلهم كشهداء كما أنه يعاقب المعتدين أشد العقاب "سيأتي عليكم كل دم بريء سفك على الأرض من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن براشيا الذي قتلموه بين الهيكل والمذبح" (متى 23: 35) ومن جهة أخرى فعند الله القدرة أن يحفظ أحباءه ويقيمهم من الموت فلا يرون فساد القبر كما فعل مع ابن أرملة نائين وابنة يايروس ومع لعازر الذي كان قد أنتن فأقامهم ثم قام هو ليكون باكورة الراقدين وليؤكد معنى هذه الآية الذي يتحقق أولاً في شخصه ثم بعده في مريم العذراء التي صعدت إلى السماء بالنفس والجسد يليها القديسون ثم جميع المؤمنين به "الحق أقول لكم من آمن بي وإن مات فسيحيا" هذا ما يتنبأ داود به وكأنه قد سبق فرأى ما بعد مجيء الرب.
- "تقدمت فرأيت الرب أمامي في كل حين، لأنه عن يميني كي لا أتزعزع": يمنحنا الله رؤيته الدائمة، فهو إن كان يهب مؤمنيه المعرفة ليتمتعوا بحبه ويسلكوا حسب مشيئته، فإن غاية هذه المعرفة هي أن نراه هنا كعربون لرؤيته في الدهر الآتي. نراه في كل شيء، نهاراً وليلاً، نراه في كل ما نصنعه وفي كل ما نحتمله من آلام. فرؤية الله هي علامة على وجوده وقيادته لنا كما كان يقود شعبه في البرية كعمود نور؛ كدلك يراه المسيحي عن يمينه كسرّ قوة لا تتزعزع. لذلك يتمم كل عمل، صغيراً كان أم عظيماًحسب مشيئة الله، بكل حرص ودقة، ويحفظ أفكاره في الذي وهبه العمل لكي يتممه.
- "وأيضاً إلى الليل أدَّبتني كليتاي": كما تنقي الكلية الدم هكذا تنقي التوبة النفس لتؤهلها للميراث الأبدي. فإننا بالتوبة نشعر بمرارة ظلمتنا ونتطلع برجاء إلى شمس البر ليشرق في أعماقنا ببهائه. ولعل الليل يشير إلى ظلمة الخطيئة، وإذ تتم التوبة في سكون الليل يرجع الإنسان إلى نفسه، يفحص ضميره ويكتشف خطاياه فيطلب الغفران قبل النوم مستودعاً نفسه وجسده بين يدي خالقه. وكما يجد الأشرار في الليل مجالاً للهو وممارسة الشر يجد القديسون في الليل بهدئته وسكونه مجالاً للصلاة والتأمل وانطلاق للنفس نحو السماويات.
- الرب أمامي كل حين وعن يميني فلا أتزعزع: صار الرب دليلاً ومرشداً، وأصبحت صورته منقوشة في عمق كيان المؤمن؛ لدلك يصير القلب عامراً بالفرح والسلام، ويتحول إلى بوصّلة تهدي المؤمن، فيسير واثقاً، شريعة الله محفورة في قلبه، وكلمته يقود ضميره ، هذا الثبات بالدات في زمن الضيق، هو علامة الإيمان الحقيقي، فما الإيمان نزهة بين حدائق الربيع المزهرة، إنما هو مسيرة، تتحمل تقلبات الخريف وزوابع الشتاء وقسوة الصيف دون أن تهتز أو تتزعزع ، فالرب قريب من الإنسان المؤمن لا يتخلى عنه ولو في وسط الأتون . .

  رد مع اقتباس