ثالثا: تفسير المزمور:
فاتحة المزمور: الرب يتوج داود ملكا (1-2):
1- لكبير المغنين، مزمور لداود:
الشخص الرئيسيّ في هذا المزمور هو الملك، ولكنه شخص صامت، يتكلّمون عنه أو يكلّمونه، ولكنه لا يتكلّم، وليس الشعب أيضاً هو الذي يتكلّم، كما في المزمور العشرين، فإذا جعلنا جانبا الآيتين 8 و14، نرى الكاهن المسئول عن شعائر العبادة هو من يتكلم ويصلى.
2- يا ربّ تعزز الملك فيفرح، تخلصه فيبتهج ابتهاجاً:
يفتتح الكاهن في حضرة الله والملك والشعب الصلاة في الهيكل فيتوجّه إلى الله باسم الملك: "يا ربّ، تعزّزُ الملك فيفرح".
« يا رب :
افتتاحية معتادة لكل صلاة سواء مناجاة أو توسل أم شكر وهي تعني توجه القلب والفكر والروح إلى الله، الكائن في أعماقنا وفي السماء.
« بقوتك يفرح الملك :
الفرح علامة الراحة والسعادة والإحساس بالأمان، يتفوه داود بهذه الصلاة على فم الكاهن موجها قلبه البريء نحو الله مصليا لمصدر كل فرح وأبو كل عزاء، شاكرا إياه على ما ناله من الفرح. أخيراً نرى الملك المطارد الحزين الشاكي البائس، يعيش لحظة فرح عميق فما سر فرحه؟ إن فرح الملك لا يصدر عن قوة جيوشه ولا صلابة موقفه العسكري في وجه أعداء أو استقرار مملكته ومتانة تحالفاته...لكن منبع هذا الفرح العميق هو شعوره بقرب الرب وقوته التي تسانده وتدعم موقفه.
« تخلصه فيبتهج ابتهاجاً:
ها هو يتذكر في صلاته الفرحة جميع ما مر به من ضيقات ومتاعب، وكيف فر هارباً من وجه أعداءه وكيف لحقوا به ونصبوا الفخاخ حوله وحاصروه منتظرين لحظة سقوطه، حتى نصحه الأصدقاء بالفرار كالعصفور إلى الجبال... وها هو يرى يعبني رأسه كيف وقف الرب معه وقوّاه، بل كيف مد يده وانتشله من فم الهاوية وخلصه من يد العدو المقتدر، ونصره على جميع أعداءه ونجاه من جميع مضايقيه ورده إلى كرسيه... فكيف لا يفرح ويبتهج بالرب مخلص الملتجئين إليه!.