الطمأنينة المثلثة
طفولته- حياته - موته
وهنا نجد طابع الطمأنينة المثلثة التي ميزت كل مسيرة ذلك المتكل الأعظم، من بدايتها وحتى نهايتها، كما ورد في المزامير4، 16، 22
في البداية (كما نقرأ هنا)، وهو صبي صغير مطارد من ملك شرير ودموي؛ كان مطمئناً على ثديي أمه. ثم على طول الرحلة، أمام تقلبات الحياة وظروفها الصعبة كما نقرأ في مزمور4: 8 (بسلامة اضجع وانام لانك انت يارب. لانك انت يارب منفردا في طمأنينة تسكننني) نجد نوم الطمأنينة في وسط الخوف العظيم، وهو ما نرى عينة له في نوم المسيح وسط البحر الهائج في السفينة الصغيرة (مر4: 38). وأخيراً في مزمور16/ 9 ( لذلك فرح قلبي وابتهجت روحي . جسدي ايضا يسكن مطمئنا ) نجده أمام مشهد الموت يمضي بثقة بل وبفرح، وحتى جسده كان سيسكن مطمئناً، لأن الرب لن يترك نفسه في الهاوية ولن يدع قدوسه يرى فساداً.
4 . فرادة المسيح في الالم
والمسيح فريد في كل شيء وليس له نظير. فهو ليس مثل البشر ولا حتى مثل أبطال الإيمان، إنه رئيس الإيمان ومكمله. فلقد كان موسى مثلاً أحلم جميع الناس الذين كانوا على وجه الأرض (عد12: 3)، لكنه في يوم بليته طلب الموت ( لا اقدر انا وحدي ان اجمل جميع هذا الشعب لانه ثقيل على . فأن كنت تفعل بي هكذا فاقتلني قتلا ان وجدت في عنيك فلا ارى بليتي. عد11: 15). ومكتوب أنهم «أمرّوا روحه حتى فرط بشفتيه» (مز106: 33). ونفس الشيء حصل من أيوب رغم قول الوحي «سمعتم بصبر أيوب» (يع 5: 11). لكن عندما اشتدت عليه التجربة فتح فمه وسب يومه. وقال «ليته هلك اليوم الذي وُلدت فيه. لمَ لمْ أمت من الرحم، عندما خرجت من البطن لمَ لمْ أسلم الروح» (أي3: 1-9)، وهكذا فعل إرميا أيضاً (إر20: 14-18). أما المسيح ففي يوم الجلجثة يقول للرب من بطن أمي أنت إلهي. فما أروعه!!
وعندما يقول المسيح «من بطن أمي أنت إلهي» فواضح أنه يشير إلى ناسوته. ولو أنه في نفس الوقت من بطن أمه هـو الرب.
نتذكر عندما ذهبت القديسة مريم لتزور نسيبتها أليصابات، فإن الجنين الذي في بطن أليصابات ارتكض بابتهاج وقالت «من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلىّ؟» (لو1: 43). فأليصابات تقول عنه وهو ما زال في البطن «ربي»؛ من بطن أمه هو رب، ومن بطن أمه الرب هو إلهه!! أليس هذا هو السر العظيم «بالإجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد» (1تي3: 16). فباعتباره الله تستطيع أليصابات أن تقول عنه «ربي»، ومن جهة ناسوته يقول عن الرب إنه إلهه، وهذا ما كان يحير وما زال يحير الكثيرين. «ماذا تظنون في المسيح؟ ابن من هو؟ قالوا له ابن داود . قال فكيف يدعوه داود بالروح رباً قائلاً : قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعدائك موطئاً لقدميك. فإن كان داود يدعوه رباً فكيف يكون ابنه» (مت22: 42 - 45).
فقبل أن يولد المسيح بألف عام قال عنه داود «ربي»، وقبل أن يولد بشهور قالت عنه أليصابات «ربي»، وفي القيامة قال عنه توما «ربي وإلهي» (يو20: 28)، وبعد أن صعد إلى المجد قال عنه الرسول بولس «يسوع المسيح ربي» (في3: 8). واليوم «كل من يدعو باسم الرب يخلص» (رو10: 13)، وغداً سيعترف كل لسان أن يسوع رب (في2: 11). لكن في هذه الأعداد التي تُحدثنا عن سحق الشيطان لناسوت المسيح بقول لابيه «من بطن أمي أنت إلهي».