عرض مشاركة واحدة
قديم 17 - 03 - 2013, 08:05 AM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: المزمور الثالث والعشرون: الرب راعيّ

ثالثاً: تفسير المزمور:
القسم الأول: اتكال كامل ( 1- 3):
1-الرب راعي فلا يعوزني شيئاً :
تبرز صورة الراعي عبر صفحات الكتاب المقدس منذ فصوله الأولى، وتظل حاضرة إلى الفصل الأخير... ففي سفر التكوين نرى هابيل الراعي الصالح ثم إبراهيم الراعي المرتحل خلف نداء الرب راعيه، وكذا اسحق ويعقوب ولبان وأولاد يعقوب، بل كل شعب إسرائيل، كان يقدم نفسه كشعب من الرعاة وكانت عظمة الشخص تقاس لديهم بما يملك من رؤوس وما تحت يديه من قطعان. فمنذ عهد الآباء (تكوين 48: 15) نعرف أن الله يرعى شعبه ويهتم بكل فرد منه، وحين خرج الشعب مع موسى إلى البرية، قاده الله كما يقود الراعي خرافه (خروج : )، وساقهم في البرّية فلم يعوزهم شيء، لهذا سجدوا له وأعلنوا أنهم الشعب الذين الرب راعيهم والغنم الذي تقوده يده (: 7).
ولا يرى الرب بأساً من أن يقدم نفسه لديهم كراع لهم، يهتم بهم ويرعاهم ويقودهم، نراه يقدم نفسه لموسى في سفر الخروج "رأيت وسمعت ونزلت لأخلصهم..." وليس مستغربا أن نشاهده يسير أمامهم في البرية ويقودهم فلم يجوعوا ولم يعطشوا ولم تبلى ثيابهم حيث المن السماوي قوتهم ومياهاً من الصخور تتفجر لهم، بل وحتى السلوى لإشباع شهواتهم. قادهم إلى أن أوصلهم لأرض تدر لبناً وعسلاً... أليس راعياً من يعمل هذا كله! وما يكون الراعي إذن .
كما أقام عليهم نيابة عنه رعاة كموسى وهارون ويشوع وصموئيل، أقام لهم ملوكاً كشاول وداود وسليمان ويوشيا ... ليرعونهم بالاستقامة... وأعطاهم الكهنة والأنبياء رعاة لكن للأسف الشديد ضل كثير من أولئك الرعاة ملوكاً وكهنة وأنبياء فصاروا رعاة فاسدين يتكلم عنهم حزقيال النبي فيقول "يذبحون الثمينة ويجهضون الحوامل ويفترسون ..." ونجد تركيزاً على هذا الموضوع بشكل خاصّ في الكتب النبوية، يقول هوشع "يرعاهم الرب كالحمل في الأرض الرحبة"(4: 16). ويؤكد أرميا النبي: "أجمع غنمي وأردها إلى حظائرها فتثمر وتكثر"(23: 3). ويقول أشعيا النبي عن الرب أنه يرعى قطيعه كالراعي، فيجمع الحملان بذراعه ويحملها في حضنه ويستاق المرضعات رويداً (أشعياء 40: 11) كما يقود الربُّ خرافه إلى ينابيع المياه (أشعياء 49: 10)، وإذا تفرّقت يجمعها (أشعياء 56: 8).
« الرب راعي فلا يعوزني شيئاً:
يمكن اعتبار هذه الآية من أجمل آيات المزامير بل الكتاب المقدس بأكمله، وهي قريبة إلى قلب كل إنسان عرف الرب، يحفظها الجميع عن ظهر قلب وترددها كل الألسن بمختلف اللغات وتترنم بها الشفاه في سعادة وفرح، كما تغرد بها القلوب في أوقات الشدة وأوقات الفرج، في لحظات السعادة وفي لحظات الحزن ...في لفظة "راعٍ" يستخِدم داود أكثر التشبيهات الإيضاحية التي تكشف عن التصاق الراعي برعيته، فهو يعيش مع قطيعه، وهو كل شيءٍ بالنسبة للقطيع: يقُوته ويغذيه ويقوده ويوجهه ويعالجه ويحميه.
يعود داود بذكرياته إلى الأيام الخوالي، أيام صباه، أيام كان يمرح جوالاً بين الربوع يرعى غنم أبيه يسى والمزمار في يده يعزف أعذب الألحان، والخراف تتحرك أمامه وحوله في حرية وأمان، يعرفها بأنسالها وأسماءها، يحصيها ويعيد حصرها، يقودها إلى أخصب المراعي مهما كلفه ذلك من بحث وجهد ومشقة، يوردها أعذب المياه حتى ترتوي وتهنأ، يوجهها ويحميها، هذا هو معنى الرعاية كما عرفه واختبره داود شخصياً.
وحين تشعر الخراف في المراعي بروح الحب كأساس لعاطفة الراعي نحوها، مصحوباً بالقدرة على القيادة إذ يعرف احتياجاتها الحاضرة والمستقبلية ويعد ويجهز لها كل مستلزمات حياتها فهو يكفلها من جميع الجوانب ويشبع كل احتياجاتها الجسدية والنفسية والروحية فلا يعوذها شيء، مع روح تحمل المسئولية إذ يشعرها بقدرته على الدفاع عنها بقوة وحمايتها من شر وغدر الكواسر والجوارح؛ عندها فإن الخراف سوف تتبعه وتنعم به راعياً وقائداً مدبراً وحامياً وفادياً...
  رد مع اقتباس