القسم الخامس: ختاماً يرجو الرب ألا يخيّب طلبه: (20-22):
20 - نجني يا رب وأحفظ حياتي، بك احتميت فلن أخزى:
أدرك وفهم ووعى مقدار ضعفه وهوانه وقدر العدو وقدراته...ليس له سوى الاستغاثة فصرخ "نجني يا رب"، نفس كلمة بطرس وهو يغرق، احفظ حياتي لأنه بدونك لا حياة ولن أستمر في الوجود للحظة، أنا أومن بك وأعوذ بك وألوذ إلى حضنك وأثقاَ أنك لن تخذلني أبداً بل ستمد يدك وتنتشلني وستخلصني لأجل أسمك. لقد استخدم النبي لفظ "اتكال" عند حديثه عن الله في بداية المزمور، لكن استمر نفس الاتجاه والروح عبر المزمور كله وبتأكيد انتظاره الرب [5،3، 8-10، 14، 21الخ]. والانتظار يعني قبول توقيت الرب.
21- تشفع لي نزاهتي واستقامتي وأنت يا رب رجائي:
كما في المقدّمة، يختم راجباً ألا يخيّب طلبه
نزاهتي :
ليس المقصود بها التنزه عن الخطأ أو الخطيئة بل النية والرغبة في التنزه عنهما، فالنزيه هو من لا يقصد الشر والإيذاء، وإن ارتكب شراً فليس عن قصد وسابق إصرار وترصد... لذا فالخطيئة مهما كانت عظيمة كخطيئة بطرس في إنكار سيده، يغفرها الرب حيث يعرف كم يحبه قلب بطرس وكم هو مستعد بالقلب أن يفتدي سيده، لكنه يقدّر ضعفه في الاعتماد على قوته الذاتية... لذا يعلنها النبي واضحة جلية " أنت يا رب رجائي، ليست قوتي ولا إرادتي ولا عقلي ولا فكري هذه جميعا مواهبك لي وكلها جيدة ولكن بدونك يا رب هي لا شيء، تظل إذن أنت وحدك رجائي .
22 - افتقد بني إسرائيل يا الله من جميع ضيقاتهم:
يُعطي المرنّم هذا المزمور ذا الطابع الفردي بعداً جماعياً ووطنياً،فهو في مرارته لم ينغلق على جراحه بل شعر بمرارة الشعب ككل فالشعب يمكن أن يعيش أيضاً ضيق الخطيئة أو الأسر والنفي والسبي، فيصرخ النبي وخطيئته وخطايا شعبه ماثلة أمامه: يعلن طلبته الأخيرة وتتلخص في كلمة "أفتدي" وتعني أنه يرى نفسه أسيراً يطلب فدية للخلاص ولا مخرج له سوى أن يقوم سيده بنفسه ليدفع عنه هذه الفدية ويفتك أسره، وإلا سيظل يرزح تحت نير العبودية يعاني الذل والأسر والهوان والضياع، وستظل نفسه ونفس جميع أبناء شعبه في شدة وضيق بلا رجاء ولا خلاص. ولا سبيل سوى بالفداء، لعله أدرك سر التجسد والفداء فالرب وحده هو القادر أن يفتدي شعبه ويخلصه. لا أيها النبي الملهم، لا يضطرب قلبك ، فالرب فاديك سيفتديك ويفتدي شعبك.