عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 15 - 03 - 2013, 03:26 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
Mary Naeem Mary Naeem متواجد حالياً
† Admin Woman †
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: Egypt
المشاركات: 1,314,718

القسم الرابع: يتذكّر خطاياه مجدداً (16-19):
يعود التائب فيتذكّر من جديد خطيئته (كما في الآيات 4- 7). وبينما يتنامى داخله الإحساس بالضيق والعزلة أمام الأعداء يعود إلى التوسّل:
16 - تحنن يا رب والتفت إلىّ لأني ضعيف ومسكين:
لعل أول المشاكل التي يُعاني منها الإنسان هو شعوره بالعزلة والوحدة، حتى وإن أحاط به الناس من كل جانب، بل أحياناً وهو في أحضان أبويه. يشعر داود النبي أنه وحيد وبائس في ضيقته، فحتى أتباعه ومن بقي من أصدقاءه وخدامه وقادته المخلصين، لا يستطيعون إنقاذه. وفي ضيقه يشعر أن أبويه قد تركاه، وليس من يقوى أن يخلصه سوى ربه. إنه محتاج أن يلتفت الرب نفسه إليه، أن يدخل إلى قلبه ويملأ فراغ نفسه، فلا يعود يشعر بالعزلة والوحدة والعوز والفقر.
يدرك حنان الرب ورأفته، يلمس حبه ورعايته، يفهم أن لا نجاة ولا حياة له بدون معونته، فيثبّت قلبه على حبه وتتغلغل في نفسه مخافته، تتبع عيناه طرقه وتسير قدماه في دروبه وتتلمس يداه رأفته وحنانه، فيدرك ويؤمن أنه بدون هذا الراعي الأمين لا نجاة له ولا يستطيع أن يتقدم للأمام ولا خطوة واحدة، فيصرخ كطفل شعر بوجوده وحيداً في الظلام وأحس كم هو ضعيف ومسكين بدون رفقه والديه،فصرخ:"أخرجني من شدائدي، أنظر إلى بؤسي واغفر لي خطاياي". (مزمور 25: 18).
17- فرج الضيق عن قلبي ومن سوء الحال أخرجني:
يبدو أن المرنّم قد تذكر أخيراً سبب صلاته أو ما دفعه مبدئياً للوقوف بين يدي الرب، لقد كان يشعر بضيق شديد يجتاح نفسه وينغص حياته، ساءت حالته روحيا ونفسياً واجتماعياً واقتصادياً وقام الأعداء ليقضوا عليه ويلتهموه فلم يجد ملاذاً سوى في الرب، ولكن حين وقف بين يدي الله ليصلي طالباً المعونة، أنار الله قلبه وهداه إلى أنّ سبب ضيق قلبه وسوء حاله لا يتمثل في قوة بأس عدوه بل في سيطرة الخطيئة على حياته، حينئذ فحص النبي ضميره واعترف بخطيئته طالبا من الرب أن يعود راعياً ومرشداً وأباً حنونا لتنجلي الغيوم وتشرق شمس الفرح من جديد.
18 - أنظر إلى عنائي وتعبي، وأغفر خطاياي:
هذه هي الخطوة الأولى، أن يدرك كم هو شقي وبائس بدون وجود الله في حياته، فيصرخ كطفل: التفت إلىّ بنظرة أب رحيم لا كمخالف للشريعة، بل في نور رأفتك ورحمتك وحبك، بقلب أب يعرف كيف يغفر.
19 - ها إن أعدائي كثروا وبحماسة يبغضونني:
يعود إلى الأرض وينظر حوله فيجد العديد من الخصوم الذين أثارهم سواء بخطاياه أو حتى لمجرد وجوده وتمسكه بطريق الرب وشرائعه، ويستشعر رغبتهم القوية في القضاء عليه وشماتتهم العميقة في كل ما يقع عليه من بلايا وقد هجره الرب "كما فعل الفلسطينيون مع شمشون" ( قضاة ). المثير هنا أن كراهية العدو لا تفتر ولا تتراخى وأن الحرب عليه قائمة ورحاها تدور بكل حماسة البداية ولن تبرد حتى تقضي على وجوده نهائياً، وليس من منجٍ من هذا الهول سوى الله .
رد مع اقتباس