القسم الثاني: إرشاد أول؛ نداء للثقة بالله (8- 11):
إرشاد أول هو بمثابة نداء إلى الثقة بالله، طلبَ المرنّم من الله أن يهديه طريقه، فوعده الرب بالاستجابة، بالرغم من كونه خاطئاً (أيوب 36: 8- 11)، شرط التقدم أمامه تائباً مقراً بخطاياه ملتمساً المغفرة، والتوجّه نحوه بكل قلبه واعداً بحفظ العهد وجميع متطلّباته بأمانة، مسّلماً ذاته بتواضع إلى رحمة الله.
8 - الرب صالح ومستقيم ويرشد الخاطئين في الطريق:
بعد أن استخدمها قرينة تجعل الله يبرره، يعود فيعلنها كعقيدة ومحور إيمان وقاعدة أساسية من قواعد التعامل مع سيده وإلهه وخالقه... إنه صالح وإلى الأبد رحمته ولسوف يستمر في تأمل هذه الحقيقة ويخلق منها مزموراً جديداً يردده مع شعبه ليؤكد في قلوبهم وأذهانهم هذا الإيمان القويم أن الرب لا يعرف الشر وأنه مستقيم يحب المستقيمين في طريقهم، وأنه بار يحب الأبرار ويدافع عنهم ويحفظهم من كل شر، وأنه قدوس يطلب من أبنائه أن يقتدوا به ويصيروا هم أيضاً قديسين. لذا يهديهم ويرشدهم ويقومهم ويقودهم إلى الطريق المستقيم.
9- يهدي الودعاء بأحكامه، ويعلم المساكين طرقه :
الهدى أو الهداية أو الاهتداء عملية روحية قلبية تتطلب معرفة وإقرار واعتراف بالخطأ وطلب للرحمة.. وهذه كلها تندرج تحت بند الوداعة، فهو حتى إن سقط يقوم معترفا ويطلب من الرب أن يمسك يده ويقده عائدا به إلى الطريق المستقيم، عائدا به إليه. وهكذا يكتسب البار بانكسار قلبه وتواضعه أمام الرب غفرانا كاملاً غير منقوص الأركان وهدي لشريعته. إنه إنسان يعرف قدر نفسه ويترفق بغيره كما يرحمه الله...
« الودعاء والمساكين:
إنهم شعب الله المفضل والمختار، أحبهم، نزل ليخلصهم، قادهم، دافع عنهم و في ظل جناحيه حفظهم، يظلل عليهم بيده اليمنى، ومن جميع الأهوال ينجيهم، هم أول من طوّب الرب يسوع في "طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض، طوبى للمساكين في الروح لان لهم ملكوت السموات... " (متى 5: 5) ما أجمل اختيارك يا رب حيث أنزلت الأقوياء عن الكراسي ورفعت المتواضعين، أشبعت الجياع خيراً وصرفت الأغنياء فارغين، حقاً ما أعظمك يا اله المساكين.
10 - سبل الرب رحمة لمن يحفظ عهده وفرائضه:
وحين يهدي الرب المساكين والودعاء والبسطاء إلي سبيل الحق وطريق النور، فليس ذلك عنوة أو قصرا أو اغتصابا، بل برأفة وحب وحنان، فيصير سبيل الرب رحمة وحق، لذلك لا تستغربن أن ترى الرب يسوع يقول عن نفسه "أنا الطريق والحق والحياة"(يوحنا 14: 6)، كما أنه هو الرب الرءوف الحنون الرحيم... جبار هو التبادل الديناميكي بين هداية الرب لأحبائه وإتباع هؤلاء لهديه، فهو يهديهم فيعيشون في نوره ورحمته، وهم يهتدون بحفظ عهده وفرائضه فيتنعمون بالسرور والفرح والسلام.
11 - من أجل اسمك يا رب أغفر ذنوبي الكثيرة:
جال النبي في قلبه، استرجع بعقله كل ذكريات حياته، قام بمراجعة كل حقائق إيمانه، اكتشف ذنوبه وخطاياه منذ الصبا حتى وقفته الحالية أمام الرب، فطلب رحمة وغفراناً لا عن استحقاق وجدارة، بل لأن أسم الله القدوس قد أطلق عليه فهو مسيح الرب، وعلى شعب إسرائيل فهم "شعب الله"، وبالتالي فإن كل ما يمسهم من خير أو شر يمس اسم الله. وعليه يجب على الرب أن يغفر خطايا نبيّه وأن يتجاوز عن عقاب المذنب المعترف من شعبه، حتى يزاد هذا اهتداء واستقامة وحتى يرتفع اسم الرب لأنه رحيم رءوف غفور حنون...