« أغسل يدي فأطهر :
كأن داود النبي يغسل يديْ نفسه أمام الله قلبياً، فهو ملاصق لمذبح الله روحياً و يمارس كل طقوس الوضوء والتطهر التي تنص عليها الشريعة، وهي كفيلة حسب النص بتطهير من يتبعها من أدناس الجسد والروح.
« أطوف بمذبحك :
لا أكتفي بالعبادة والصلاة الباطنية بل أنزل بمخيلتي إلى هيكلك المقدس الذي أعشق الدخول إليه وأحب الجلوس فيه، حيث أرفع نحوك قلبي أثناء الطواف والتنقل في أرجاءه الواسعة حتى أصل إلى المذبح حيث أقدم الذبائح وأقوم بالسجود أمام عظمتك .
7 - لأرفع صوت الحمد وأحدث بجميع عجائبك :
يُريد داود النبي أن يؤكد بأنه وسط كل افتراءات الأعداء لا تميل أذناه إلى كلماتهم ولا ينشغل فكره حتى بالدفاع عن نفسه أمامهم، لأن صوت التسبيح المفرح يملأ كيانه ويشبع حياته، فعوض الشكوى ضد الأعداء أو التذمر على ما يحل به، يتحدث عن كل أعمال الله العجيبة التي ترفعه بالروح إلى الحياة السمائية.
وكأنه في مناجاته يؤكد لخالقه وباريه: أنا لا أذهب إلى هيكلك طالباً للنعمة والحكم والعدل فحسب، فنعمتك تغمرني حتى في منفاي، بل أذهب لأشكرك وأحمدك وأرفع صوتي بالتسبيح والتهليل لك لأن أعمالك عظيمة في الكون وفي تاريخ شعبك وفي كل مراحل حياتي إنها تقترب من المعجزات ، ما أعظم أعمالك يا رب .
8 - أحب بيتاً تحل فيه ومقاماً يسكن فيه مجدك :
هذا الحب الذي يصل إلى العشق في قلب داود هو موضوع ذكر وتأمل وترنيم في كثير من مزاميره ... لقد لمس عمل الرب في هيكله ووجوده الحقيقي المتمثل في تابوت عهده فأحب قلبه ديار الرب وأراد أن يبني له مسكناً وأبى أن يسكن قصراً بينما تابوت الرب في خيمة ... واستعذب الذهاب والجلوس والطواف يومياً في مقام الرب وأراد أن يشيد هيكلاً عظيماً... فأمره الرب أن ينتظر وأوحى إليه أنه أوكل تلك المهمة إلى أبنه الذي سيجلس على عرشه... فبنى سليمان ابن داود الهيكل. وإن ظل مقام الرب وسكناه وسط شعبه قائماً حيث كان ينزل مجد الرب على الخيمة التي فيها التابوت ويظل هناك حاضراً وسط شعبه إلى أن يحلّ الكهنة الخيمة وينتقلون إلى مكان جديد ...